23 ديسمبر، 2024 1:33 ص

هل نحن بهذا الحال فعلاً؟!

هل نحن بهذا الحال فعلاً؟!

قد تكون مشكلتنا سياسية، أو دينية أو ثقافية، بمعنى أننا اختلفنا كمجتمع، فيما بيننا على دين معين، أو توجه سياسي معين، أو ثقافة معينة، وفي كل هذه الاختلافات، يبقى المجتمع محافظ على كيانه، كمجتمع متحضر يَروم النجاح والحياة والرقي، لكن سَنُصدم؛ عندما نعلم، أننا نمر في مرحلة خطيرة، وهي مرحلة الانحلال الأخلاقي المجتمعي.    
الدافع الوحيد، الذي يجعل من الفرد إنساناً يتمتع بإنسانيته، هو الأخلاق والمبادئ والقيم السليمة، التي تربى عليها، أو مجموعة الضوابط الاجتماعية، التي تحتم عليه العمل، بجد وصدق وأمانة مع الآخرين، رغم الاختلاف معهم، في متبنيات أخرى، سواء دينية أو سياسية أو فكرية أو ثقافية، لأنه عندما يتجرد الفرد، من هذه الضوابط، سيصبح فاقداً للتوجيه الذاتي، والواعز الداخلي، الذي يمنعه من القيام  بكل عمل سيء.
بالأمس وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لفت انتباهي تصوير لنائب في البرلمان العراقي، وهو يستمع لطلب أحد قادة الجيش، الذي جلب معه أبنه، وهو يطلب من النائب، أن يُنقّذ ولده من ظلم قد لحق به، السيد النائب يسأله ما مشكلتك؟ فأجابه الضابط: “سيدي أنا شغلتي بسيطة، وهي أن أبني فصل من الكلّية؛ بسبب الغش”، وأضاف الأب: ” هو مو إرهابي، ولاسَقّط محافظات، هو غش فقط”!
 الأب يريد أن يُشمل ابنه بالعفو، وحجته في ذلك، أن ولده لم يُسّقط محافظات وأنه ليس بإرهابي، وأن هنالك طالب آخر قد غش، وتم العفو عنه! نحن هنا لانريد أن نسلط الضوء على الطالب المسكين، الذي هو إنسان حاله حال غيره، معرض للخطأ والتقصير، فكل امرؤُ خطاء، لكن نأخذ هذا الحديث، الذي دار بين الأب والنائب، حيث أن الأب تكلم وبكل ثقة وحزم، وأخذ يبرر الخطأ بالخطأ.
ومن جانب آخر، فأن النائب قد وعدهم بالعمل على حل قضيتهم، بعدما القوا عليه الحجة الدامغة، وهي غش الطالب الآخر، وإن الطالبَ لم يُسّقّط محافظات، ولا أدري إلى من يشير الأب، في هذه الجملة؟ ومن هم الذين أسقطوا محافظات؟
إذن قضيتنا في العراق، هي أننا سائرون، نحو مزيد من التمرد والتردي الاجتماعي والأخلاقي، بحيث نبرر كل خطأ بخطأ آخر، وندافع وبكل ثقة عن هذه الأخطاء، التي كان مجتمعنا سابقاً ينبذها، وينفر منها ذاتياً، ومن واعز داخلي.
 ما خَشيت منه أنا كمشاهد للحوار، الذي دار بين الرجلين، هو أن يُلجمنا السيد النائب، بآية قرآنية أخرى، كتلك التي تلاها من قبل “العدل أساس الملك” وعندها يصبح الغش حقاً، يدافع عنه القانون، لأن صاحب الغش ليس إرهابياً، ولم يُسقط محافظات!