العنف صفة من صفات الإنسان والحيوان معاً رافقتهما منذ بداية الخلق ، أما الإنسان لكونه كائن عاقل فقد أستمر بالتطور بكل شيئ حتى في غباءه وذكاءه أيضا! وصفته المشينة تلك إرتقت هي الأخرى وتقدمت مع الزمن لمستوى نعرفه اليوم بالارهاب. لكونه فعل مُنظم ومنتظم في أحيان كثيرة لغايات وأهداف متفاوتة من جماعة لأخرى ومن مجتمعا لاخر ، أما الفعل بقي نفس الفعل والسلوك نفس السلوك.
لا مفر من الإقرار أن الإنسان بطبعه عنيف . في الطبائع والسمات العامة للإنسان لا توجد إستثناءات كما أن العنف أو الإرهاب يوجد بأشكال مختلفه بينها الفكري أو الفلسفي أو النفسي أو الجسدي بحسب الظروف والأسباب ، وهذا متفاوت بين مجتمع وآخر دون أدنى شك. بمعنى آخر ان صفة العنف موجودة لدى كل إنسان وإحتمال إنتقالها لمستوى الارهاب قائم ايضا ، شرط أن تتوفر الظروف والأسباب التي تحمل الفرد أو الجماعة على ممارسة العنف أو الارهاب كنتيجة حتمية.
لا مفر من حقيقة أن العرب والمسلمين يتصدرون أحداث العنف والإرهاب بشتى مستوياته في القرن الحادي والعشرين! لأسباب ونتائج سببيه معقدة ، بعضها موضوعي وبعضها اقحمنا فيه ، ما زاد الطين بله! فورة الإعلام وثورة التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الإنتاج والتأثير السمعي والبصري كلها ساهمت بشكل كبير ولافت بتسويق صورة مروعة عن العرب والمسلمين إلى العالم! ،ذلك لا يلغي أو يقلل من أهمية تلك الأدوات الفتاكة ولا ينبغي معاداتها بقدر تطويعها لخدمتنا.
بقدر هذا الكلام هناك كلام أيضاً ، ليس من الحكمة و الانصاف أن تُنسب بعض الصفات العامة مثل العنف أو الإرهاب على أنها صفة أو صفات خاصة يمتاز بها مجتمع ما دون غيره من دون الأخذ بالأسباب والنتائج السببية. كما شذ بعض الفلاسفة اليونان ومنهم أرسطو عندما إعتبروا بالمطلق أن الشعوب الأعجمية هم عبيد بالفطرة! لا حق لهم بالسيادة على أنفسهم فهم خلقوا عبيدا!. هذه النظرة فيها الكثير من الظلم واللاحقيقة.
فلو سلمنا بهذا الأمر وقلنا ان العنف والارهاب ميزتان خاصتان بالعرب والمسلمين سنناقض أنفسنا وسنناقض العقل والأحداث التأريخية تناقضا كبيرا للغاية لا مناص من القول أنه خطأ فادح لا يستقيم على حق . فعندها كيف سنفسر حروب البلقان والحروب الاهلية في اوربا والحروب العالمية الاولى والثانية في قرون التاسع عشر والعشرين؟! وكيف نفسر حجم الكارثة الانسانية التي خلفتها تلك الحروب للبشرية جمعاء؟! . ثم نتساءل هل كان ستالين ولينين مؤمنان بالله مثلا؟! أم كان هتلر متطرفا إسلاميا؟!. وكيف نفسر الظلامية التي عاشتها أوربا في القرون الوسطى في ظل الحكم الكنسي؟!. بينما اوربا في عصرنا الحاضر تعد واحة للحرية والديمقراطية والتعايش السلمي بين كافة فئات المجتمع الأوربي.
رغم أن حجم وكم الوحشية التي مورست في الحروب الاوربية والحربان العالميتان تفوق إلى حد كبير حجم الارهاب الذي يمارس بحقنا من قبل وحوش بشرية تدعي الاسلام ، لكن الفرق بين وحشية الشرق في القرن الحادي والعشرين وبين وحشية الغرب في قرون التاسع عشر والعشرين أننا في القرن الحالي نشاهد من على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بوضوح وبالألوان كيف يُقتل الإنسان بوحشية مطلقة على أيدي الجماعات الإسلامية المتشددة السُنية والشيعية ؛ أما في القرون الماضية لم تكن الثورة التكنولوجية والاعلامية بالوضع الذي نعيشه اليوم!! لذا فان قتلانا مخلدين في شاشات العروض وقتلاهم مخلدين في روايات نقرأها في الكتب ونشاهدها في الأفلام.
الإنصاف الذي نطالب به لا يعني إغفال حقيقة ثابته أن المجتمع الأوربي رغم ما عاناه بسبب الحروب المروعة إلا أنه نهض في وقت قياسي بسبب إدراكه أن إعادة الإستقرار والتعايش السلمي مسؤوليته التي لن يعينه عليها سواه ، هذا مالم ندركه حتى الان كعرب ومسلمين لا فكرا ولا سلوكا ، فنحن لا نزال ندعو العالم لمكافحة الإرهاب في أوطاننا ومعالجة مشاكلنا دون ان نتحمل مسؤولية ذلك العبئ بأنفسنا. لا بد أن تكون حربنا قبل أن تكون لغيرنا . أما مفهوم الحرب ضد الجماعات التكفيرية كالقاعدة وداعش والجماعات الشيعية المتطرفة لا أن يكون بالسلاح فقط بل يتطلب الحوار ومعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أدت بالكثيرين من شبابنا للانخراط في فرق الموت والظلام تلك.