هل لسقوط أكثر من 104 شهيد وأكثر من 6000 مصاب و جريح (كما معلن رسميا) جراء انتفاضة تشرين استحقاقات ودلالات تبين الغاية من جدوى انطلاقها؟ أي هل استحق الامر كل ذلك؟ أم ان عفويتها مثلما يقول البعض قد أدت للتضحية بدماء عزيزة لا جدوى منها؟.. أقول : يقر الجميع بولادة غضب شعبي غير مسبوق ضد الحكومة والاحزاب الدينية وحتى المراجع الصنمية التي كانت تعبد! مما أدى هذا الغضب الى الكفر والاستهزاء واستصغار كل هذه الثوابت التي كانت بالامس خطوط حمراء تحركها ايران الفارسية وهذا برأي أهم ما أفرزته الانتفاضة الباسلة . سقط جدار الخوف و سقطت الطائفية .. .. سقط جدار الخطوط الحمراء و سقط الولاء الاجوف للمرجعية و للفرس – ولد الولاء للوطن من جديد و أعيد خلق الاخوة بين العراقيين ,نشوء جيل يفهم واقعه ويعرف ما يريد و سقوط الاتباع الاعمى الطائفي.. هناك من يقول ان الصراع كان شيعي-شيعي وانا لا أؤيد ذلك بل كان صراعا بين شعب وطني وبين عملاء يكرهون الوطن ويعملون ضده ممن نفوسهم انانية لا يهمها الا مصلحتها. وهناك من يقول ان محافظات السنة تركتهم لوحدهم كما تركوهم لوحدهم في الانتفاضة الاولى ضد حكومات الملالي بل اقول ان ما جرى هو انتفاضة ثانية مكملة للانتفاضة الاولى التي جرت في (مدن السنة) لقد تغلبت الحكمة في المحافظات السنية ولم تنتفض بمحافظاتها الان لانها تعلم ان المجرمين سيجدون مبررا اخر من اجل تدمير ماتبقى, لذلك فحكمتهم دفعتهم للنزوح الى بغداد فرادا من أجل مشاركة اخوانهم الثائرين في انتفاضتهم والشهداء والجرحى منهم يثبتون ذلك حتى أنهم لم يرفعوا طلبات تمسهم مثل الغاء قانون الارهاب واطلاق سراح الاسرى والمختطفين وبناء مدنهم التي دمرها جيش الولي الفقيه, فلقد كان الهدف هو الوصول الى قاسم مشترك للغضب ولذلك فلم يرفع الا العلم العراقي وتم انزال أي راية طائفية أو تعطي أي شكل من اشكال تبني هذه الانتفاضة ولقد نجح الشباب بارك الله فيهم. وفعلا كان ذلك قمة في التعاون والتفاهم.
لقد جرب الشباب لمدة زادت عن نصف اعمارهم وهم يقدسون ايران الفارسية وممثليها من مرجعيات ورؤساء احزاب وفعاليات وهم يخدعونهم وينومونهم بادعائهم محبة ال البيت حتى تحول الامر الى شيء لا يطاق ( وصلت حدها ) فغالبية الشباب مضطهد يعيش حالة الفقر لا يجد وظيفة ولا خدمات طبية ولا بنية تحتية من ماء وكهرباء ولا حياة كريمة فوصلوا الى درجة الكفر بكل هذه القيم وجربوا ان يعيشوا حياة الكرامة الوطنية وادارة أمورهم بانفسهم فاكتشفوا حلاوة الامر ولم ترهبهم حالات الشهادة والاصابة ليس لانهم لا يملكون ما يفقدوه بل لانهم اكتشفوا كرامة انفسهم والتضحية من أجل الوطن وهكذا التقت نفوس جميع من شارك بهذه الانتفاضة وتعانقت مع بعضها البعض حتى من غير سابق معرفة. فالهدف واحد والطريق واحد نحو الحرية وبناء الشخصية العراقية المميزة . لقد أكتشف الشباب حكمة ان لي دين ولك دين فاتبع دينك واتبع ديني واحترمني وأحترمك لا أريد أن أغير معتقدك ولن أسمح لك أن تغير معتقدي فلكل واحد منا عقل وقناعات فلا فائدة من الصراع فيما بيننا لهذا السبب . فالله واحدا أحد والغالبية العظمى تعبده فلماذا التناحر اذن؟!! .. لقد أكتشف الشباب أن حب الوطن هو الشيء الذي يجب أن يجمعنا وهو من يجب ان نقدم الغالي والنفيس له لا ان أضحي بعيشي وسعادتي من أجل فارسي يكرهني مهما كان مقياس محبتي او بغضي له ..
اذن تحول الامر الى فسطاسين – حكومة اصبحت عجوزة صفتهم عملاء وأتـْـباع اذلاء عبيد لايران يقاتلون من اجلها – وجيـــــــــــــل جديد جرى استنساخه في كل محافظات القطر, جيلا غاضبا ومصرا على ان يقــــود بلده ويبنيـــــه بنفسه وهذا كاف ليعطي هؤلاء الأحبة كل هؤلاء الشهداء الذين هم أكرم منا لانهم قدموا للعراق اجسادهم وارواحهم يعبر عليها الجيل الجديد الى بر الامان .
نعم لقد حققت الانتفاضة أهدافها حين أجبرت الحكومة على تقديم تنازلات لهم وتقديم وعود حتى ان كانت كاذبة فلقد عرفوا طريق الحرية وتحقيق ما يريدون لقد ترك باب انتفاضة اخرى مكملة مفتوحا سينطلق بأي وقت ان لم ينتهي الفساد والسرقات وعدم احترام القانون واذا استمرت الاعتقالات والاضطهاد .
نعم لقد حققت الانتفاضة أهدافها بل وأكثر مما كان متوقعا والحمد لله .