23 ديسمبر، 2024 6:53 ص

هل مِن بواكي على شهداء الرميثة  …؟!!

هل مِن بواكي على شهداء الرميثة  …؟!!

آهٍ على فقد الأحبة وقد إختلطت دموع الأسى بتناهيد الصدر وخلجاته وأنينه وحسراته ولكن عزاؤنا أن لنا أسوةٌ من سِير العظماء ممن حمل مشعل الهداية  والتوحيد ورايته ونبراسه الخالد وسنحط الرحال في موقعة اُحد حيث استشهاد أسد الله ورسوله الحمزة بن عبد المطلب الذي كان يرتبط بثلاث روابط قُربى مع رسول الله فهو عمه وأبن خالته وشقيقه من الرضاع حمزة الذي قال عنه رسول الله : ” لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع ” حمزة الذي رثاه عبدالله بن رواحة :
بكت عيني وحق لها بكاها
وما يغني البكاء ولا العويل
على أسد الإله غداة قالوا:
أحمزة ذاكم الرجل القتيل
أصيب المسلمون به جميعا
هناك وقد أصيب به الرسول
أبا يعلى، لك الأركان هدّت
وأنت الماجد البرّ الوصول
 
  ليعود رسول الله إلى المدينة المنورة التي ضجت بالبكاء ، فَسَمِعَ نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ يَبْكِيْنَ عَلَى قَتْلاهُّن. فَقَالَ: لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ …؟؟؟!!!
 فلما سمعه سعد بن معاذ وأسيد ين حضير، قالا لنساء الانصار: لا تَبْكِيّنَّ امرأة حميمها فَجِئْنَ نِسَاءَ الأَنْصَارِ، فَبَكِيْنَ عَلَى حَمْزَةَ عِنْدَ رسول الله ، فَرَقَدَ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُنَّ يَبْكِيْنَ. فَقَالَ: يَا وَيْحَهُنَّ! أَهُنَّ هَا هُنَا حَتَّى الآنَ، مُرُوْهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ، وَلاَ يَبْكِيْنَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ اليَوْمِ. ثُم قَالَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ)  : لَمَّا أُصِيْبَ إِخْوَانُكُم بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُم فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيْلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ العَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طِيْبَ مَأْكَلِهِم وَمَشْرَبِهِم وَمَقِيْلِهِم، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّنَا أَحْيَاءٌ فِي الجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلاَّ يَنْكلُوا عِنْدَ الحَرْبِ، وَلاَ يَزْهَدُوا فِي الجِهَادِ؟

قَالَ اللهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُم عَنْكُم فَأُنْزِلَتْ: }وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ أَمْوَاتا {
استقبلت الرُميثة المدينة التي تغفو على ضفاف الفرات كوكبة من قوافل الشهداء التي ما برحت تترى بقلوب راضيةٍ بقضاء الله وقدره موقنين أن كثرة قوافل الشهداء لا تُعّدُّ إندحاراً ولا الموت هزيمة وما أروع أن تمتزج دماء الشهداء بثرى العراق لتخضبه وتختلط دموع الأمهات الثكالى والنساء الأيامى والولدان اليتامى مع هدير الرصاص وأزيزه ولكن ثمة موقفٍ أستنزف دموعي من مآقيها لتنساب كشّلالٍ مدرارٍ على الوجنات وأنا أرقب طفلة ً هي الوحيدة لوالديها كيف تحتضن جثمان والدها الشهيد المُسَجّى لتفيض روحها إلى بارئها فهي التي كانت لا تفارق أحضانه في حياته وما كان له أن يفارقها حتى أستمر بمداعبتها لتعفو مطمئنةً في أحضانه لينتزعها كما ينتزع خافقه من حنايا صدره ويودعها في حجر أمها مغادراً إلى سوح الوغى …ولكن كانت سهام المنية إليه أقرب فكما كانت له كظله في الدنيا لم تفترق عنه بعد استشهاده لتتعانق روحيهما عند بارئها ، وليرتقي مع  ثلةٍ من رفاقه ومنهم صالح الجبوري الذي ترك ثلاثة من بناته وهُنَّ كُل أمنيته في الحياة الدنيا وغيث الياسري أصغر الشهداء سناً والآخر الذي أودع قلبه وكل أمنياته بين يدي خطيبته على أمل الزواج وتكوين الأسرة الموعودة والكثير من الأسماء والقصص تلاشت آمالهم وأحلامهم بإرتقاء أرواحهم الى الرفيق الأعلى …
اللهم تقبل هذه القرابين في الشهداء في عليّين
وألهمنا وأهليهم ومحبيهم الصبر والسلوان
وأحفظ لنا بلادنا من كيد الكائدين وتدبير المارقين