23 ديسمبر، 2024 11:06 ص

اولا–
لاشك ان المسلمين الشيعة والسنة اخوان في الله ” انما المؤمنون اخوة” بل يصرح مراجع الشيعة العظام ان السنة اشقاؤنا وانفسنا، ويقولون الاسلام شجرة اغصانها الشيعة والسنة وكذلك لعلماء السنة المعتبرين مواقف مماثلة من الشيعة ولكن كثيرا مايثار في هذين الاصطلاحيين من شبهات وشكوك واثارة فتن لاغراض ولمقاصد خبيثة واهداف خطيرة ,فالتقبل لمثل هذا الاعلام المضلل حاصل بسبب الجهل والتعصب الاعمى الموروث تاريخيا وعدم الاطلاع على ما عتد الاخريين او لما يثيره اعداء الاسلام من اثارات للديمومة على تفرقة ابناء الامة الواحدة ولاسيما بابقاء الحواجز النفسية عالقة في النفوس, وهذا الداء الخطير باعد بين صفوف المسلمين ومزّق كلمتهم وقطّع اوصال الامة فاوصلها الى الموت الاعتباري, فامست عاجزة لا قدرة لها على الشفاء من داء التفرقة وهي تلوذ بالاعداء علانية بلا حجاب او تلوذ (لوذ الحمائم مابين الماء والطين) مما سهل على المستعمرين والمحتلين السيطرة والهيمنة على مقدراتها لنهب ثرواتها وخيراتها والتحكم بمواقعها الستراتيجية والعمل على بث الجهل والضلال والتخلف والانحراف بالسلوكيات بين ابناء دين يحرم على معتنقيه القبول والرضوخ لمثل هذه الامور…فالواجب الاسلامي والوطني والاخلاقي يوجب على المسلمين كافة ان ينهضوا من سباتهم ليضعوا حدودا لما يثيره بينهم الاعداء والجهلة والمتعصبين والنفعيين من مشايخ المصالح وباقي الوصوليين والانتهازيين, فان حصلت الشبهات والخلافات في مثل هذه الامور, فالعودة الى كتاب الله وسنة رسوله (ص) وهما كتابان مفتوحان امام العالم والمتعلم… والأسوأ والاخطر مما يحصل على الساحة الاسلامية هناك طائفة من المسلمين المتطرفين المتاثرين أصلا بالتاريخ الاسلامي الذي كتبه السياسيون المنتصرون على خصومهم الشيعة,

يرون انفسهم هم على حق بالاسلام وغيرهم من المسلمين على باطل وماجاءوا به من دعوات باسم الاسلام انقلاب على الموازين والمقاييس والمفاهيم الاسلامية, اشدها خطورة تكفير طائفة كبيرة من المسلمين واصدار فتاوى تبيح قتلهم واباحة أعراضهم ونهب اموالهم وممتلكاتهم… وما يمارسونه من سفك لدماء الابرياء, فلا يفرقون بين الطفل والمراة والشيخ الهرم واسير الحرب ولا يتوقفون عن الدمار الشامل للبنا التحتية وهدم الحضارات التأريخية والمعالم الاسلامية والممتلكات العامة والخاصة وحرق الارض بما فيها, باسم الجهاد في سبيل الله… وليس هذه السلوكيات بغائب عن مرآى ومسمع القاصي والداني والجاهل والمتعلم بل تلقي الحجة على مَنْ يغمض عينه ويسد مسمعه فالذي يتقبل نداء الحق,فهذا كتاب الله وسنة رسوله (ص) وهما القاسم المشترك الاعظم بين المسلمين كافة, فكثرة الشواهد الواردة فيهما تلزم المسلم وتجعله امام طرقين لا ثالث لهما وهما الحق والباطل اما المداهنون (المنافقون) فهم على طريق الباطل… ومن خلال كثرة الشواهد الواردة فيهما, فالمعيار الحقيقي لنوعية المسلم هو موقفه من المعروف والمنكر, فاكمل المؤمنين ايمانا, هو الذي يقف بوجه المنكر ويعمل على ازالته وتغييره, اما باليد التي تمثل رمز القوة والمقدرة مع وجود القدرة والاستطاعة على الردع والحاجة للتغيير واذا اقتصر الردع على القلب واللسان, فايمانه, بلا شك لا قيمة له عند الله ولا احترام عند بشر فاي منكر اكبر مما يفعله التكفيريون الارهابيون؟! فالاسلام الزم المسلمين رجالا ونساءا بالموقف المسؤول اتجاه الاخرين والصالح العام تبارك القائل “وقفوهم انهم مسؤولون”, بل رسول الله (ص) لم يستثن منها الا من ورد ذكره في حديثه الشريف (رُفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق) والسؤال الذي يطرح نفسه: ماهو موقف ولاة الامور ورعاة الرعية واصحاب الدين والعلم والكلمة النافذة يوم يؤولون امامه تعالى، ان هم قصروا بواجباتهم وتخلوا عن مسؤولياتهم اتجاه مايمارسه

التكفيريون من ارهاب بشريعة لا تختلف عن شريعة الغاب فأين انتم يا أنفسنا ويا أغصان شجرة الآسلام عامة المسلمين والمسلمات مما يفعله التكفيريون من خرق وتشويه وتحريف وتضليل واساءات صارخة وانقلاب فاضح على الثوابت والمفاهيم والموازيين والاخلاقيات التي جاء بها الاسلام وماذا يعني التكتم على الحق، يوم يقول المرء آمام الله ؟! ويبقى الشاهد والحكم بين المسلمين القاسم المشترك كتاب الله وصحيح سنة رسوله (ص) .

فلاشك ان الاسلام بسفريه الخالدين دعوة قائمة على التجدد والتغير الاجتماعي والسياسي لبناء الانسان من جديد على اساس جديد، بما شرعة من انظمة وقوانين وضوابط ، فأنتخب بعض الامثلة الواردة – كحجة قائمة – على مايمارسه التكفريون من صور واساليب تسيء الى جوهر الاسلام ووجهه الابيض المشرق – ( حيث قال تعالى . ((شرع لكم في الدين ماوصى به نوحا والذي اوحينا اليك ما اوصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه 000)) الشورى/13 ولكي يتحقق التغير في ظل خاتم الاديان, فقد اكد الاسلام على وحدة الامة بقوله تعالى(( ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدونِ)) وآمر تعالى بتماسك المسلمين ونهى عن تباعدهم وتفرقهم ففي وحدتهم قوة ووجود اعتباري. وفي تفرقهم ضعف وموت اعتباري فقال تبارك وتعالى ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا 00) واكّد الاسلام على حصانة المسلم , فقال رسول الله (ص) (كل المسلم على المسلم حرام ,دمه وماله وعرضه ) ونهى وحذر رسول الله من الغلو في الدين ’ فقال( اياكم والغلو في الدين ) ونهى الاسلام عن اكراه غير المسلم على تبديل دينه فقال تعالى ( لااكراه في الدين) ونهى الاسلام وحذر من الإساءة الى اهل الذمة

فقال رسول الله (ص) (منْ آذى ذميا فقد اذاني ) وورد عنه ( لهم مالنا وعليهم ما علينا) فسار فقهاء الإسلام من شيعة وسنة عبر احقاب التاريخ الاسلامي على قاعدة(( نتركهم وما يدينون))ونهى الاسلام وحذر من التعصب واكّد على الانفتاح على الاخرين, ودعى الى العلم ودور العقل وانّ تعطيله عن دوره يهبط بالانسان الى مستوى الحيوان , فقال تعالى((ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ))و دعا الاسلام الى الحوار والمكاشفة والمصارحة وصولا الى الحق في حالات الخلاف بين المسلمين , قال تعالى (( وشاورهم في الامر )) وقال (( وامرهم شورى بينهم)) واكد الاسلام على وجوب الدعوة لدين الاسلام ونشر مبادئه وتعاليمه وقيمه الانسانية … قال تعالى ( ادعٌ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ، ان ربك هو اعلم بمن ظل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين ))ومن تعاليم الاسلام السمحاء لايجيز للمسلم ان يكفر من ينطق الشهادتين ، قال تعالى (( يا ايها الذين امنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا … )) النساء /94 ومن الشواهد الواردة في كتب التآريخ حين اعطى رسول الله الراية لعلي بن ابي طالب (ع) يوم خيبر فقال علي (ع) : يارسول الله على ماذا اقاتلهم ؟ قال رسول الله : قاتلهم حتى يشهدوا ان لا اله الا الله محمدا رسول الله ، فان فعلوا ذلك منعوا منك دماءهم واموالهم وحسابهم على الله ) رواه مسلم ج8ص51 / كتاب الايمان ، ومما ترويه كتب السيرة والتاريخ عن الصحابي اسامة بن زيد حين ولاه الرسول ( ص واله ) امارة سرية

خرجت للقاء المشركين … وحينما حدثّ الرسول عن قتله لرجل قال لا اله لا الله والسيف بيمينه يقاتل المسلمين ، قالها لينجو بنفسه او يستعد للقتال ثانية ومع كل هذا تَغيرَّ وجه الرسول (ص) وهو يردد وحيك يا اسامه ، فكيف لك بلا اله الا الله ويحيك يا اسامه و……. ) والرسول يكرر عليه لان لسان الرجل نطق الشهادة ، فأصبحت دماؤه حراما وحياته امنة في نفس اللحظة وقال تعالى ..(( ومن قتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعدّ له عذابا عظيما )) النساء 93. ويبقى السؤال المفتوح اين التكفيريون من هذه القواسم المشتركة بين المسلمين؟0000وفي الوقت ذاته نطلب بمواقف واضحة علناً من اخواننا السنة المعتدلين لرد المنكر كما امر تعالى ومنْ همه الله فليدخل البيوت – كما امر الله من ابوابها وليعمل بآمره ونهيه، في مقدمتة العمل على وحدة الامة وتماسكهما وتعاضدها لتقف بصلابة وثبات امام التحديات الكبرى ، التي تستهدفها اعتباريا فكرا ومعتنقين ، ولا ولم ولن تفرق بين هذا سني وذاك شيعي الا بقدر مايخدم مصالحهاومخططاتها واهدافها الخبيثة … فالذي يتقبل نداء الحق فما ورد على لسان قادة المسلمين الشيعة الجعفرية دعوات صريحة للتقارب بين المذاهب الاسلامية فهم يمدون اياديهم البيضاء لأخوانهم السنة المعتدلين والمتطرفين على حد السواء بقلوب مفتوحة ويقولون هذا كتاب الله وهذه سنة رسول الله وهما الشاهد والحكم ، وما اورده التاريخ الاسلامي يخضع للتدقيق والمقارنات والموازنات القائمة على التمحيص والتدقيق والنظرة العلمية المنطقية البعيدة عن الاهواء والعواطف والامزجة ومعرفة

مصادر الخبر بعد قراءة علم الرجال وسيرتهم الحقيقية المدققة ، وهذه الدعوات ما زالت قائمة على السنة قادة المسلمين الشيعة ، ومثل هذه الدعوات المفتوحة لايرفضها عاقل ان هو اراد مرضاة الله … فاذا كان هذا منطق علماء الشيعة الجعفرية وما يتردد على السنتهم ، فبأي حق وبأي دليل يكفرهم التكفيريون ؟ آليس هذا استفزازاً لعامة المسلمين الشيعة؟! فلسان حالهم يقول انا المسلم الشيعي المؤمن بوحدانية الله ورُسله خاتمهم المصطفى الامين وكتابه العظيم القرآن الكريم وملائكة الله وبيوم المعاد يوم الثواب والعقاب ، أُؤدي ما أمر الله من عبادات ( الصوم والصلاة والحج والزكاة والجهاد في سبيل الله) وكل العبادات المستحبة، لم اختلف مع اخواني المسلمين السنة في الصلوات الخمس ولا في عدد ركعاتها السبعة عشرة ولا في قبلتها ، صومي في شهر رمضان لم اختلف مع اخواني المسلمين في زمان ومكان حج بيت الله الحرام ، أؤدي الزكاة واقر بالجهاد في سبيل الله ، أقرأ كتاب الله وأعمل باحكامه … فاذا كنت انا الشيعي بهكذا أُؤمن وبهكذا أتعبد فعلى اي مبدأ وعقل ومنطق سليم وباي طريقة اخرى يكفرني التكفيريون المزاجيون ؟! وباي جرم ارتكبته حتى فتاواهم تحلل سفك دمي وتبيح عرضي ومالي ؟، وليس لهم من حجة ولا دليل سوى انهم قرؤوا بالتاريخ الاسلامي الذي كتبه الحاكمون السياسيون المنتصرون على خصومهم الشيعة وشاركت في كتابته بقية الاهواء والامزجة والاجندات والديانات القديمة التي أرادت شراً ومكراً بالإسلام والمسلمين فكتبت الكم الهائل من الاكاذيب والاباطيل والدس والتحريف والتضليل وطمس الحقائق

التاريخية ، يرافقه عدم الاطلاع على ما عند الاخرين، فاختلطت الاوراق على الاجيال التي تقرأ بعين واحدة ، فتعصبت ونشأت على كراهية للوجه الاخر …. فالحقيقة القائمة ان المسلمين الشيعة الجعفرية ان اختلفوا مع فقهاء المسلمين السنة في مسألة فهم بنفس المستوى والمعيار الذي يختلف فيه فقهاء السنة بعضهم مع البعض الاخر ، واذا كان الاشقاء السنة جميعهم بنفس الموازين والرؤى سواء بسواء، فِلمَ عدّدوا المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ! ومثل هذا التعدد قائم على اختلاف رؤى وبنفس المعنى حاصل عند الشيعة ايضاً فأضافه الى المذهب الجعفري، يوجد المذهب الزيدي والاسماعيلي – فلولا اختلافهم الفقهي في بعض المسائل لما عددوا اربعة مذاهب ، ولقالوا المذهب السني وكفى !! ولقالوا المذهب الشيعي وكفى ثم من الذي جوز لاربعة مذاهب ومنع الاخرين ؟! بل يعتقد المسلمون الشيعة الجعفرية ان مذهبهم الجعفري هو اقدم المذاهب نشاةً ووجوداً، ومن المتعارف عليه فالذي ياتي بعده ياخذ من الذي قبله، وما يبرر هذا المنطق اشادة مؤسسي المذاهب السنية الاربعة بأستاذهم الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام علي بن الحسين بن الامام الحسين بن الامام علي بن ابي طالب ومما ورد من اشادات في اقوال الامام احمد بن حنبل ( لولا السنتان لهلك النعمان ) في اشارة للسنتين اللتين تتلمذ فيهما على يد الامام جعفر الصادق (ع)ومن المعلوم ان الأمام أحمد قتله الآمويون مسموماً في السجن، بعدما قدّم أموالاً الى زيد بن علي بن الحسين ((ع)) ليعينه على ثورته ضد الآمويين ويقول الامام المالكي – مالك

بن انس – ( ما رات عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر افضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وورعا وعبادة )ويقول الأمام الشافعي في آل البيت ((ع))…

يا آل بيت رســول الله حبكم فرضٌ من الله في القرآن انزلهُ

كفاكم من عظيم الشأن أنّكم مَنْ لـم يصلّ عليكم لا صلاة له

فالعلماء العاملون المخلصون هم القياس والجهلاء مأساة الأمم والشعوب في كل زمان ومكان وخلاصة القول : ان جميع المذاهب السنية والشيعية مصدرها كتاب الله وسنة الرسول الكريم والفارق الذي يحصل بينهم في بعض الثانويات لا الأساسيات على مستوى المذاهب السنية ذاتها ام الشيعية ذاتها ، ام بين الشيعة والسنة هو اختلاف في بعض الرؤى وتعدد وجهات النظر ، تبعا لتفسير بعض ايات القران الكريم وطرق نقل الحديث النبوي الشريف فالشيعة والسنة لم يختلفوا في وحدانية الله ولا في كتابه القرآن والكريم ولا في رسوله المصطفى الآمين محمد بن عبد الله، بل اختلفوا عنه، آي بطرق نقل الحديث الشريف …. ثم الشيعة والسنة شيء والسياسيون الذين اتخذوا من الإسلام سلماً للوصول الى أهدافهم ومصالحهم الخاصة شيء آخر، وهم وراء الفتن والتأجيج الطائفي الذي يعمق الهوة بين الأخوة بالله الشيعة والسنة (ومن اظلم مَمِنْ ذُكر بآيات ربه ثم اعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) صدق لله العلي العظيم