-1-
باستثناء الأخوة الكورد الذين لديهم كامل الحق بالاستقلال بدولتهم القومية الخاصة في أي وقت يشاءون ، أو الاستمرار في الانتظام ضمن الدولة الوطنية العراقية الجامعة عبر عقد اجتماعي ملزم جديد .
باستثناء هؤلاء ومن حيث وضوح هويتهم القومية المميزة ومشروعية وجودها في دولة مستقلة، باستثناء هؤلاء ، أظن أن على الآخرين أن يحاولوا ردم الهوة من خلال دراسة متأنية لمنافع ومضار الانفصال .
-2-
الشيعة كما السنة كما الكورد يجتمعون على مشتركات تاريخية وثقافية ولغوية ودينية وجغرافية واقتصادية .
يجمعهم الماء والبترول والزراعة والثروات الأخرى ، يجمعهم النسب … الذكريات المشتركة ، بهاء وعمق العيش المشترك منذ آلاف السنين ، الموروث الثقافي المشترك…. أل وال وال…!
-3-
لو كففت يد الخارج عن شأنك … يمكن أن تنظر في عين أخيك بحب وتبسط له يد الود وتتساءلان معا بصوت واحد .. ماذا دهانا ؟ على ماذا نتقاتل ؟ ما هي المشكلة أصلا ؟
من الفاعل ؟ من المسبب لهذا البلاء ؟.
أتذكر قول أبا بكر للعرب عقب وفاة صديقه الحميم الحبيب : أيها الناس… من كان يعبد محمد فأن محمد قد مات .. ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
وانفض الجمع حاسرين… أما من ارتدوا فقد حاربهم .. وليس له إلا أن يفعل وإلا لضاعت الرسالة ولما وجدتنا اليوم في العراق ومصر والشام و…. بلاد الهند والسند وخراسان…!
لقد كان حازما في إطفاء نار الفتنة قبل انتشارها …!
-4-
بمناسبة ذكر الرسالة … يشهد الله أني لا اعني بها الرسالة الدينية .. لا … البتة … تلك لا تعنيني من قريب أو بعيد … فكل الأديان من منبع واحد وكلها على صواب في ما ترمي إليه.
ولكني أرى الضرورة التاريخية للانتشار … للتوسع .. للخروج من خانق الجزيرة إلى رحاب الشرق الفسيحة الخضراء . تلك روح العصر …روح العصر ووعي الضرورة عند زعماء ذاك العصر … محمد وصحبه وآل بيته…!
وكان السيف كما الرسالة الدينية ، عدة هذا الخروج ومتاعه …!
-5-
على الأقل .. كنا متقدمين على المغول والتتار في امتلاكنا لرسالة … لهذا لم نجد ذريعة للبطش المفرط كما فعلوا.
-6-
حسنا … ما افتقده أهل الحكم وقادة الرأي في العراق … هو هذا الحزم وتلك الجرأة في النظر بعين الآخر واستذكار التاريخ المشترك معا …!
كان ينبغي للعراقيين أن لا يشاوروا زعامة دينية أو سياسية بعيدة عن همّهم التاريخي ووجعهم المزمن وجذرهم الثقافي والعرقي ، كان ينبغي لهم أن لا يستمعوا البتة للخارج ، كائنا ما كان هذا الخارج ، ومهما يكن أو يبدو محبا…!
وكان (ولا زال ملحا) أن يعودوا للالتقاء مجددا وبشجاعة وشفافية وسعة صدر ويتباحثوا بعمق في ما ينبغي أن يفعلوه .
أما عودة إلى حضن الوطن أو طلاق قائم على التفاهم على كل شيء وبالذات تلك المشتركات التي تتعلق بمعيشة الناس وأمنهم ومستقبل أجيالهم .
-7-
الحوار الحق لا يتم مع قاطني المنطقة الخضراء… وبرلماني المنطقة الخضراء … وبقايا القمامة التي تبنّاها بريمر… لا بل مع الجمهور الحقيقي صاحب القضية وممثليهم الحقيقيون من مثقفين وزعماء عشائر ورجال دين ممن لم تتلطخ أياديهم بدماء العراقيين.
-8-
وإلا فطوفان داعش سيبتلع الجميع بلا استثناء… بلا استثناء…
وصدق القائل الذي قال :إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض.