22 نوفمبر، 2024 6:17 م
Search
Close this search box.

هل من حقّ هؤلاء أن يطلبوا ” الستر والأمان “؟

هل من حقّ هؤلاء أن يطلبوا ” الستر والأمان “؟

ما سألتُ عراقيا من ” العامة ” عمّا يفعل إلا وقال لي ” قاعدين وساكتين “. وكم منهم من يضيف ” وغالقين باب بيتنا”!
هذا هو التوصيف الصحيح للعراقيين وحالهم منذ أن هبطتْ عليهم بالدبابات والطائرات الديموقراطية المقدسة وهبّتْ عليهم نسمات الحرية الزائفة: ” قاعدين وساكتين “.

وهم فوق القعود والسكوت وتغليق الأبواب والشبابيك لا يكفّون عن الصلاة والدعاء والتصدّق وقراءة القرآن وزارة الديار المقدسة والعتبات طلبا لـ ” الستر والأمان”.
نعم ” الستر والأمان “. فالستر والأمان هو آخر ما يطلبه كلّ حيّ وكل ذي روح وحياة.
أمّا الأمان فواضح المعالم بيّن الحدود.

وأمّا الستر فهو كلّ ما يقتضي استقرارا على الموجود المرضيّ عنه واستمرارا على الخط الذي ارتضيناه لأنفسنا من صحّة وأمان ومكسب وأولاد ومسكن. هو يشير بالمختصر إلى المفاجآت والقادم المجهول. هو الدعاء بأن يجنبنا الله كلّ ما يعكّر صفاء الحال ويغيّر مسار الحياة في حدها المقبول.
اعتكاف في البيت وغلق للباب ودعاء بألا تجتاز عتبته أيّة مفاجأة مسيئة أو أي تعكير لكل ” الاستقرار ” والتقوقع الذي نعيشه.
ونطلّ برؤوسنا على الخارج عبر الإذاعة والتلفزيون وشبكات التواصل والاتصال فنجد نوعا آخر من العراقيين من ” عليّة القوم ” و ” خواصهم ” لا يقعدون في بيوتهم ولا يسكتون ولا يغلقون دون أنفسهم الأبواب، بل تراهم كالمنشار قولا وفعلا وحركة، يظهرون على هذه القناة ويصرحون في تلك الإذاعة. يفتحون مواقع وينشئون صفحات. يستميلون أنصارا ويشترون مشايعين.

هؤلاء اخترعوا الكذبة وصدقوها.

صنعوا الصنم وعبدوه
هؤلاء لا يطلبون سترا ولا أمانا. وكيف يأتيهم ما يطلبون وهم يسعون إلى خلافه ويسيرون في غير طريقه؟
وكيف يسعون إلى الجنّة وهم يتحركون في وسط النار؟
فما ثمن ما ينالهم من كلام بذيء وتشهير مؤسس أم غير مؤسس؟
وكيف يغمض لهم جفن وهم مطاردون بكلام وتهم وبذاءات وشتائم ونكات وطعن يمسّ جدهم السابع؟
أهي ضريبة خدمة الوطن؟

أهو ثمن التضحية من أجل القيم العليا؟

أهو ثمن الدفاع عن الطائفة والقومية وحقوقهما تجاه الطامعين والأعداء؟
أهو الدين الذي للناس في رقبة كلّ واحد منهم؟

أشك ونشكّ.
كلّ ما يفعلون إذ يلفّون ويدورون في فراغ ودمار، ولا يلزمون صمت الإخلاص والبناء، ولا يغلّقون على أطماعهم وطمعهم وشراهة نفوسهم الأبواب، هو من باب الطموح والصعود والبروز والظهور والكسب الشخصي وتكديس الثروات.
فهم لذلك لا يطلبون سترا ولا أمانا كما غالبية الناس.
وهم لذلك ليسوا معنيين بلسان يطالهم أو يد تمتد عليهم أو كارثة تنزل على رؤوسهم.
هم يعيشون يومهم وإن بدا أنّهم يعدّون العدة لأجيال وأجيال من نسلهم وحرثهم.
…………
” كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا”.

أحدث المقالات