من المضحك المبكي أن يبادر الساسة العراقيون إلى سلم إجتماعي دون أن يبادروا إلى سلم سياسي ، فقد مرّ عقد من الزمن على التذابح العراقي ـ العراقي ، والسياسيون يأتون اليوم ؛ ليطرحوا إلى الشعب العراقي مبادرات لتحقيق السلم المجتمعي ، وكأنهم تفطنوا اليوم ، وصحوا من سكرتهم التي كانوا يترنحون فيها تحت نشوات الحكم والمناصب المغرية والمناطق الجرداء والمؤتمرات الحمراء والصباحات السوداء ، والشعب العراقي يتقاتل ويختلف يوماً بعد يوم ،وعاماً بعد عام وحقبة بعد أخرى !!!؟
الدكتور خضير الخزاعي ؛ رجل سياسي مجاهد خبر العراق منذ شبابه في حركة الدعوة الإسلامية ، ومقارعته لنظام صدام حسين الدكتاتوري ، وهو ابن العراق ، والمتكوّن في رحم معاناته ، ووليد مخاضاته العسيرة عبر تاريخ العراق السياسي المعاصر . من المخجل أن يلتفت اليوم ؛ إلى هذه المبادرة ، وكأنّه أتانا بقبس من نور السماء الملهمة !؟..
والحالة هذه ؛ فالسياسيون المؤيدون لمبادرة السلم الاجتماعي يقاضون وفقاً للتداعيات الآتية :ـ
أولاً : إما أن يكونوا جهلة ؛ ولا يتقنون فن إدارة الأزمات ، فلماذا ورّطونا ، وورّطوا أنفسهم بصنعة السياسة (وليس كل من سخّم وجهه صار حدادا) !!؟ ..
ثانياً : أو أنهم يعرفون الحلَّ للمعضل الاجتماعي العراقي ، لكنهم ؛ يتغاضون ، ويستخفـّون بالدم العراقي المراق على مذبح الخلافات الاجتماعية الوطنية ، وكانوا يتفرّجون على هذا الفلم التراجيدي حتى الحبكة الدرامية ومرحلة التطهر ، التي أيقظت في الضمير الساكن حراكه الإنساني اليوم !!؟..
ومهما يكن من أمر ؛ فإنَّ أمرَّ الأمرين مرُّ !
عليه ؛ قررت محكمة الضمير الشعبي العراقي مايلي : ـ
1. تأكيد فشل المرحلة السياسية للحكومة العراقية منذ عام 2003 لغاية 2013في إدارة الحكم .
2. تأكيد عدم أهليّة القيادات الممسكة بزمام العملية السياسية للعراق ، من خلال عدم توفر عنصر المهارة للمبادرة بحل الأزمات الاجتماعية للوطن والشعب . فالفطنة المتأخرة ليست مهارة !
وعلى ضوء التداعيات والهواجس والإرهاصات الآنفة الذكر ، نود نبين ملاحظاتنا التالية :ـ
أ / إن كافة المجتمعين في إعلان مبادرة السلم الاجتماعي ، قد تدّخلوا بما لم ينط بهم إصطلاحاً ، فالمبادرات الاجتماعية مواضيع تخص رؤساء العشائر ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والجماهيرية ، وليست من اختصاص الأحزاب السياسية ، أو السلطة التنفيذية ، ولا من مهام رئاسة الجمهورية .
ب/ كان حريٌّ بالمؤيدين لإعلان مبادرة السلم الاجتماعي ، أن يعلنوا مبادرة للسلم السياسي .. حسب الاختصاص ،
فالعراق ؛ يعاني منذ مرحلة التغيير في نيسان/2003 من ضائقة سياسية ، تسببت في إحداث أزمة سياسية بالمجتمع العراقي ، فعلى المؤيدين لإعلان (مبادرة السلم الاجتماعي) أن يبادروا ـ بالأمس ـ إلى (مبادرة سلم سياسي) تضع الشعب العراقي يسير وفقاً لتوافق سياسي يبرمج حراكه السياسي داخل وخارج أرض الوطن ، لا أن يأتوا اليوم ؛ ليعلنوا هذه المبادرة المتأخرة ، أو ليست من اختصاصهم في العملية السياسية المعاصرة . وهذا الإهمال ؛ أدى بكل تأكيد إلى وقوع الكثير من العراقيين تحت ضرر الأجندات الإقليمية والطائفية ، التي فاقمت الأزمة ، وأنجبت الأزمات ، مجهضة ً وناسفة ً وحدة الشعب العراقي ، ومنزفة ً لمشيمة اللحمة الوطنية .