18 ديسمبر، 2024 7:14 م

هل من جديد في المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي؟!

هل من جديد في المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي؟!

كما هو معروف تاريخياً، تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 من آذار 1934، ساهم بشكل كبير في الحياة السياسية العراقية، منذ بداية تأسيس الدولية العراقية عبر نظامها الملكي منذ عام 1921، حيث كان لمثقفي العراق الحاملين للفكر الماركسي دورهم المشهود وتأثيرهم الواضح في المسيرة العراقية منذ بشأتها، وبعد تأسيس الحزب الشيوعي تعزز دور الوطنية العراقية وصحافتها الرائدة في تقويم المسيرة العراقية، بتشخيص الخلل القائم بغية تحويله للصالح الوطني العام.
بصمات الحزب الشيوعي العراقي واضحة للداني والقاصي والجلاد والمناضل، للمعادي والمؤيد، للقاتل والضحية، للمعادي والصديق، ووو الخ، بفترات تاريخية معقدة بعقود عديدة قاربت القرن، بممراتها المظلمة والقاسية والدامية والساجنة، لمناضلين وهبوا حياتهم التي رخصوها من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب، مقارعاً ومناضلاً بجسارة فائقة لا تلين دون المقدرة لأي أنسان بوصف التضحيات والمعاناة، ليس للشيوعي العراقي وحده فحسب، بل لجميع العوائل والأقرباء وصولاً للدرجة السادسة من القرابة، نضالهم منصب بالضد من الحكومات الخاضعة والخانعة للأجنبي المحتل للبلد دون وجه حق، غير قابل بالحكومات الرجعية المتعاقبة الاستبدادية الأستعلائية، واقفاً متصلباً بلا ليونة، بقامات رفاقه ومؤازريه وأصدقائه ومحبيه في الوجهتين الوطنية والانسانية على حد سواء، بالضد من المتربسين به وبنضاله الجسور للنيل منه بكل الطرق والوسائل المدانة، بلا مبالات للنقد الشعبي الداخلي والعربي والأقليمي والدولي.
بفعل الوقائع المتردية القاسية الدامية المؤلمة المرادفة لمسيرة الحزب البدائية بتجربته الريانة الفريدة من نوعها.
وبغض النظر من أخطاء جسيمة أرتكبتها قسم من قيادته في ستينات وسبعينات القرن الماضي ودواليك لاحقاً وحالياً، وقف الحزب على قدميه بشموخ وكبرياء، بفعل كوادره المتمرسة على النضال الجسور بتضحيات جسيمة، متصدين لجميع محاولات الأعداء للنيل منه ومن وحدته وديمومة بقائه وأستمراه الحزبي والجماهيري، محاولين وبكل الطرق والوسائل المتاحة لتحديد مساره الشعبي، كانت معافاته وتواجده على ارض العراق شامخاً.
فالزمن التاريخي الشعبي للحزب وأدائه الدائم، بالألتصاق مع الشعب ومحبته والوطن، جعلت الأمور تسير بسلاسة ثابتة لا تقبل الشك، بل اليقين الدائم، كونه حاملاً معاناة الشعب والوطن طيلة مسيرته الخالدة والمعقدة، بغض النظر من الأخفاقات الذاتية الحاصلة والأخطاء القاتلة في تحالفاته المتعددة عبر المسيرة الشاقة تاريخياً.
المسيرة واضحة من الناحيتين الذاتية والموضوعية على حد سواء ماضياً وحاضراً دون لبس أو أخفاء، فلابد من دراسة الواقع على الأرض وبشكل عملي فاعل، من خلال النقد الموضوعي القابل للحوار، وفي خلاف النقد الموضوعي، فليس هناك تطور في الحياة الحزبية السياسية أبداً، وفقاً للمستجدات والتحديث وتقنيات العلوم السياسية وتجارب الشعوب والقوى السياسية أياً كانت مسمياتها، دون الخوف من أي نقد كان ومهما كان نوعه وشكله ، طالما مبني للصالح العام كشعب وخاص كحزب.
وهنا لابد من دراسة كاملة ووافية وشاملة بمراجعة سياسة ومسيرة وأداء الحزب، من خلال الرجوع الى المؤتمرات والكونفرنسات السابقة وتقاريرها السياسية للأستفادة منها، منذ العهد الملكي وحتى الأحتلال الأنكلوأميركي مروراً بالأنظمة الدكتاتورية الأستبدادية ما بعد الملكية (الأنظمة الجمهورية) 58، 68، 79 حتى الأحتلال 2003، لأن قراءة التاريخ السياسي واجب ولابد منه للأستفادة دون التشبث.
يتوجب قراءة جدية ذاتية منهجية لمسيرة الحزب الحافلة بالنضال الشاق والشجاع، بتضحيات بشرية رفاقية عائلية، لوضع الأصبع بحكمة على جروحهم ومعاناتهم لأنهائها ولو معنوياً، حيث باتت الجماهير الشعبية تنتقد علناً لمسرة قيادة الحزب، حيث بتنا نسمع مقولتهم ( يا من تعب ويامن شقى، ويامن على الحاضر لقى). فهذا لم ولن يأتي هذا من فراغ، فله مردوه السلبي على مسيرة الحزب الحالية ما بعد الأحتلال ولحد الآن، من حيث الأداء الحزبي ذاتياً ودخوله العملية السياسية العرجاء من مجلس الحكم الطائفي القومي العنصري من جهة، وبتحالفاته المخفقة مع التيارات الأخرى وخاصة الأسلامية منها من جهة ثانية.
وهنا على قيادة الحزب أن تدرس بعناية موضوعية رفضهم للنظام الدكتاتوري السابق، والنظام اللانظام اللاحق، في ظل الأحتلال البغيض وصولاً للفوضى الخلاقة الناخرة لجسد البلد ودمار أنسانه، فشعار الحزب المطروح قبل احتلال العراق من الأنكلوأميركي (لا للأحتلال .. لا للدكتاتورية.. أو العكس ..لا للدكتاتورية.. لا للأحتلال..) فهو خير دليل على واقع سياسي عملي أثبت صحة وموضوعية شعار الحزب المطروح قبل الأحتلال، ولكن أين نحن مما تم طرحه للعمل الفعلي وفقه؟!.
السياسة لها ما لها وعليها ما عليها، العلم السياسي متغير وفق الزمن والظرف ذاتياً وموضوعياً، فلا ثبات للعلم السياسي بل قابل للمتغيرات وهو المطلوب!
غالبية الشعب العراقي بكافة مكوناته وخاصة الشبيبة اليافعة والمتطلعة نحو غد أفضل، مع التغيير الشامل العامر بأستثناء الطبقة الطفيلية الناهبة والسارقة للمال العام، التي تغذت على الطائفية المقيتة الفاشلة والتعنصر القومي المقيت، البعيدين عن مصالح الشعب وحق الوطن المستباح، من قبل الدول الأقليمية والعالمية المؤثرة على الواقع العراقي المؤلم، في ظل الأحتلال البغيض المدمر لكل شيء، بأتفاقه المباشر مع النظامين الأسلاميين أيران وتركيا على حد سواء.
أننا نرى خلاص الوطن والشعب يتطلب جملة أمور عملية، ذاتية وموضوعية بردود أفعال واقعية فعلية، أولهما معالجة العامل الذاتي بشجاعة رفاقية قيادية بالتعاون مع الكلدر الوسطي والقاعدي معاً، في الأعتراف الكامل بالأخفاق الحاصل لمسيرة قاربت العقدين من الزمن العاصف الدامي لعراق الأنسان خارج الأنسانية ودماره، التراجع عن المسيرة الخاطئة ليس عيباً بل قوة وجبروتاً، ( التراجع عن الخطأ ليس عيباً، بل الأستمرار على الخطأ هو الأكثر عيباً وأكثر معيباً)، وهذا يتطلب ومن خلال المؤتمر الحادي عشر المقترح عقده في القريب العاجل أم البعيد الآجل، فتح الباب على مصراعيه بدعوة كل الرفاق في الداخل والخارج المجمدين عن العمل السياسي، أو هم جمدوا أنفسهم عن العمل الحزبي، والبعيدين أم حتى المبعدين والمتسربين السابقين، لأي سبب كان دون أية قيود أو شروط، للأنفتاح ومعالجة الوضع الذاتي المؤلم بحق وحقيقة، كما يتطلب فتح الحوار الجاد والموضوعي مع كل التيارات والحركات، وحتى الأحزاب الشيوعية بما فيه حزب القيادة المركزية المنشقة في 18 أيلول 1967، وحزب أتحاد الشيوعيين العراقيين، وحزب اليسار العراقي (منظمة سلام عادل)، والحزب الشيوعي العمالي العراقي، والحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي، وكل القوى الشيوعية الأخرى أحزاباً وأفراداً، التي ظهرت من رحم حزب الأم، فنحن نعلم ذلك ليس سهلاً، بل هو ليس مستحيلاً أبداً. لأن النوايا المبدأية والحرص الوطني هو المتكلم والفاعل، وتاريخ الحزب مليء بالتجارب الذاتية للمعالجة، وخاصة في ظل قيادة الشهيد سلام عادل عام 1956 وما بعدها.
أما الجانب الموضوعي، يتطلب مزيد من الأنفتاح على القوى الوطنية المدنية الديمقراطية الأخرى وخاصة اليسار العراقي، التي تهمها مصلحة الوطن والشعب، في ظل القاسم المشترك الأصغر وفق طبيعة المرحلة المعقدة والعسيرة للغاية، وصولاً لبناء مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.
الجيل الحالي واللاحق هم أمانة في أعناق الحزب الشيوعي العراقي وعموم القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية، وعليه يتوجب قراءة الواقع العملي لعراق اليوم، وفقاً لمصالح وأهداف الجيل الجديد للتفاعل والعمل بشفافية، بموجب التحرك السريع وفقاً للتقنيات الحديثة للأستفادة من الثورة المعلوماتية الجديرة بالأهتمام والتقييم للعمل الجاد ووفقها، وصولاً للوحدة الفكرية بتقنيات حديثة ومتطورة للغاية، كون العالم الآن قرية صغيرة قابلة للتفاهم والحوار من أجل الخروج من المأزق الحالي بحنكة وأجادة تامتين مراعين دور الأنتفاضة التشرينية الخالدة القائمة والمستمرة لحد اللحظة، وأحترام دائماً لكل شهداء الحزب والقوى الوطنية بما فيها شهداء تشرين الغالدة.