الشعراء؛ شأنهم شأن الناس جميعاً ، يولدون .. يعيشون .. يموتون ، إلا أنهم يختلفون عن الناس بخصوصية يتفردون بها ، ألا وهي ؛ إنهم يحيون بعد موتهم !!!
فالإنسان يخضع إلى نواميس الطبيعة ، من ولادة وحياة وموت ، لكنهم ؛ ليسوا جميعاً يخضعون لقانون الخلود ، فقانون الخلود حصراً بأولئك الناس الذين أرشفوا ووثقوا بالكلمة النيّرة على الأسفار الخالدة ، وما ملحمة كلكامش والإلياذة وشعر حافظ الشيرازي وسعدي والمتنبي وشوقي والجواهري والسيّاب وآخرين ، إلا دليل يؤكد هذا الفهم .
لقد عاش أناس ومات أناس ، إلا أنهم لم يتركوا خلوداً في ذاكرة الناس .
اليوم ؛ وبعد أربعة عشر عاماً مرَّ على رحيل الشاعر العراقي الخالد المرحوم عبد الوهاب البياتي ، ونحن نتصفح دواوينه الشعرية كل يوم ، نراه يتكلم معنا .. يكلمنا .. نناجيه ، فهو حيٌّ يعيش معنا ، ويتنبأ بهمومنا التي جددها التاريخ ، حتى وكأنه لم يمت كل هذه السنين ، فنحن نراه بما ترك لنا من آثار أدبية مرموقة ، وهو يرانا لم ننصفه حقه ، فلم نستذكره الذكرى التي يأملها من العراق له !!!
ولد عبد الوهاب البياتي في بغداد عام 1926 ومات في سوريا في آب 1999 ودفن فيها .
تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها عام 1950 م، واشتغل مدرساً 1950-1953م، ومارس الصحافة 1954م مع مجلة “الثقافة الجديدة” لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفييتي 1959-1964م، واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963 أسقطت عنه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964م وأقام فيها إلى عام 1970.
وفي الفترة (1970-1980)م أقام الشاعر في إسبانيا, وهذه الفترة يمكن تسميتها المرحلة الأسبانية في شعره, صار وكأنه أحد الأدباء الأسبان البارزين, إذ أصبح معروفا على مستوى رسمي وشعبي واسع, وترجمت دواوينه إلى الإسبانية.
وكانت له صداقات أدبية مع العديد من الشعراء مثل نزار قباني و بدر شاكر السّياب و فالح البياتي و محمود درويش و بلند الحيدري وغيرهم من أعلام الشعر في العالم العربي.
مؤلفاته:
. ديوان ملائكة وشياطين 1950م.
• أباريق مهشمة 1955م.
• المجد للأطفال والزيتون 1956م
• رسالة إلى ناظم حكمت 1956م.
• أشعار في المنفى 1957م.
• عشرون قصيدة من برلين 1959م.
• كلمات لا تموت 1960م.
• طريق الحرية (بالروسية) 1962م.
• سفر الفقر والثورة.
• النار والكلمات 1964.
• الذي يأتي ولا يأتي 1966م.
• الموت في الحياة 1968م.
• تجربتي الشعرية 1968م.
• عيون الكلاب الميتة 1969م.
• بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة 1969م.
• الكتابة على الطين 1970م.
• يوميات سياسي محترف 1970م.
وقد صدر له ديوان عبد الوهاب البياتي الذي ضم دواوينه المذكورة في 3 أجزاء نشْر دار العودة ببيروت 1972م
• قصائد حب على بوابات العالم السبع 1971م
• سيرة ذاتية لسارق النار 1974م.
• كتاب البحر 1975م.
• قمر شيراز 1975م.
• صوت السنوات الضوئية 1979م.
• بستان عائشة 1989م.
• كتاب المراثي 1995
• الحريق 1996
• خمسون قصيدة حب 1997
• البحر بعيد أسمعه يتنهد 1998
• ينابيع الشمس – السيرة الشعرية 1999
ومن أعماله الإبداعية الأخرى مسرحية محاكمة في نيسابور 1973م. ومن مؤلفاته بول اليوار، وأراجون، وتجربتي الشعرية و مدن ورجال ومتاهات وجمعت حواراته في كتاب كنت أشكو إلى الحجر.
يمتاز شعر عبد الوهاب البياتي بنزوعه نحو عالمية معاصرة مُتأنية من حياته الموزعة في عواصم مُتعددة وعلاقاته الواسعة مع أدباء وشعراء العالم الكبار، مثل الشاعر التركي ناظم حكمت والشاعر الإسباني رفائيل ألبرتي والشاعر الروسي يفتشنكو والمقام الكبير فالح البياتي، وكذلك بامتزاجه مع التُراث والرموز الصوفية والأسطورية التي شكلت إحدى الملامح الأهمّ في حضوره الشعري وحداثته.
رحم الله الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي في ذكرى خلوده الرابعة عشر .