برفسور سابق في جامعة عجمان -الامارات
هل هذا الكم الهائل من المد المعلوماتي المنقول عبر وسائل التواصل الاجتماعي و العابر للزمن والجغرافيا ازاح حدود المسؤوليات وضيقها وشجع او ضاعف من التجاوزات على القوانين الربانية والوضعية وغير حياتنا وسلوكنا تغيرا جذريا وذلك على اكثر من صعيد ان لم نقل على كافة الاصعدة : الفردي منها والاسري والمحلي والاقليمي والعالمي؟ هذا ما يشهده عالم اليوم وباعتقاد كاتب هذه السطور الجواب على السؤال : بديهيا نعم ومؤكد. حيث حاضرا اصبحت حياتنا اسرع بكثير وهذه السرعة لا تعني فقط الجودة. قد تعني مزيجا من هذا وذالك ( Mixed Bag) حيث اصبحت مشاكلنا من انواع اخرى لم نالفها في الماضي وعلى وجه الخصوص في القرنين الماضيين.
الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة في ميادين الحياة والابتكارات والتحولات اصبحت امورا لابد منها ولكن هناك مقابل لابد للبشرية ان تدفعه وعلى الانسان التكييف مع المستجدات( New Realities)
فقد ادت التطورات الحديثة الى انتفاء الحاجة الى بعض منتجات التصوير الفوتوغرافي ومتعلقاته مثلا مما ادى الى تقليص بعض الاعمال وهذا بدوره ادى الى ازدياد نسبة البطالة واختفاء بعض الاعمال وتسريح بعض العاملين في شركات القطاعين العام والخاص((Job Axing. وظهور الحاجة الى بعض المنتجات ككاميرات المراقبة الرقمية مثلا والاسباب واضحة للعيان وغيرها من الاعمال الاهم مما يؤثر سلبا او ايجابا على اقتصادات الدول التي لابد لهذه الاقتصادات التكيف مع الواقع الجديد. وهذا هو ابسط الامثلة على الحاجة الى الاستجابة للتحولات في مسارات الحياة.
في منازلنا وفي استعمالاتنا اليومية اخذت الابتكارات الحديثة كالهواتف النقالة تؤثر علينا في مجمل نواحي كثير.فترى ربة المنزل مثلا تهمل او تنسى واجباتها المنزلية بانشغالها لساعات طوال بمواقع التواصل الاجتماعي مما يؤثر اجتماعيا على علاقات مكونات الاسرة او قد تؤثر الدردشات ونتائجها على الروابط الاسرية وهذه ايضا من ابسط الامثلة على التغيرات التي احدثها الواقع الجديد وغيرها من الامثلة على صعيد المنزل والاسرة.
محليا ودوليا يتواصل ابناء الحي الواحد او المنطقة الواحدة او البلد الواحد بسهولة فائقة بفضل وفرة وسائل التواصل الاجتماعي في شتى الامور والمتطلبات بخلاف ما كان في الماضي مما استدعى ضرورة الاستجابة الى متطلبات الوضع الجديد.وللعلم الوضع الجديد لايستدعي معرفة القراءة والكتابة لسهولة التواصل والاندماج وانما يستدعي البديهة والحضور الذهني (Presence of Mind )وسرعة فك رموز لغة الاشارة ( Sign Language)التي اصبحت تهمين على مسارات حياتنا ولايستطيع الفرد التخلي عنها في كل مجالات الحياة تقريبا. رموز نستهدي بها في توصيفات الادوية او عمليات البناء والاعمار او في الشارع او عند التسوق . الامية لم تعد عائقا وما على المرء الا الاستدلال على معاني الرموز والصور او الاصوات. وما اسهل ذلك حتى لجارتنا ام محمد التي حرمت في صغرسنها من تعلم القراءة والكتابة. واصبحت خبيرة قي لغة الاشارة واصبحنا نتعلم منها.
حتى تقاليدنا وشعائرنا وطقوسنا بوع او بدون وعي استجابت واستخدم فيها بنجاح متطلبات شيوع تطور التكنلوجيا الحديثة لدقة وسرعة عملها كاستخدام كاميرات الهاتف النقال المدمجة فيه في تسجيل وقائع ما يستحب.
ويعود الفضل في ذلك ايضا الى تمكن وفطنة التكنلوجيا الحديثة في جمع رموز متطلبات تلبية عدد كبير من حاجات الانسان في برمجيات جهاز واحد كالهاتف النقال او الحاسوب او الالواح الاليكترونية .
واختصارا لما اردنا قوله اننا نعيش في مرحلة مختلفة عما سبق ,مختلفة في سرعتها واختراقها للموانع المادية والمعنوية ومختلفة في تاثيراتها على حياتنا اليومية . وتكشف مقدرة هذا المخلوق )الانسان( على التكيف ومواصلة الحياة عن طريق ما وهبه الله من نعم في تيسير اموره ومن المؤكد ستعيش اجيالنا القادمة حياة غير هذه ومكملة لها.