لم يعد في التاريخ السياسي الامريكي والبريطاني شيء اسمه سري هذا ناهيك عن اعتماد بعض الدول بعرض وثائقها بعد مرور ثلاثين سنة من صدورها ، وغير ذلك لا يوجد قانون يحاسبهم على افعالهم الشنيعة .
ولكن يتبادر الى ذهني عدة اسئلة واهمها سؤال واحد هو عندما يطلع الحاكم العربي الحالي او من قد يكون على قيد الحياة من كان طرفا في الوثيقة عندما يطلع على هذه الوثائق السرية او مذكرات هنري كيسنجر ويرى الاستغفال الذي كانوا عليه مع العلم ان اساليب كيسنجر لا شيء امام اساليب عمرو بن العاص بالرغم من انه تقمص شخصيته في عدة مواقف منها مثلا عندما اعلن العرب حظر النفط على امريكا وهولندا ابان حرب تشرين ذهب وزيرا خارجية مصر الاشعث بن قيس (اسماعيل فهمي) و ابو موسى الاشعري ( عمر السقاف) وزير خارجية السعودية مبعوثان عربيان الى واشنطن ، والمتعارف ان موظف الاستعلامات في الخارجية الامريكية يستقبل وزراء العرب ولكن في هذه الحالة خرج عمرو بن العاص ( كيسنجر ) بنفسه والابتسامة العريضة تفترش وجهه وصافح كل وزير مصافحة عربية اليد اليمنى باليمنى ويسراه على المرفق الايمن للوزير وبالاحضان ، فلم يصدقا انفسهما ان كيسنجر استقبلهما وتوسطهما وكلتا يديه بيدهما ويتخضع لهما مع التبجيل فكانوا صورة طبق الاصل للـ ( قشامر) وارادا ان يتبركا برؤية معاوية ( نيكسون ) فقال لهما انه زعلان يقول كيف تحظرون النفط علينا وانا تحت تهديدكم هل يصح ان استقبلكم ، فما كان منهما الا ان ابرقا لرؤسائهم المخدوعين فجاء رفع الحظر فورا ، والنفط كان ورقة بيد الاسد للتفاوض مع الكيان الصهيوني .
وحصل كيسنجر على ما يريد وحاول ان يتلاعب بالاسد فلم يستطع الا انه استطاع ان يسقط الاوراق التي يتفاوض بها والعجب العجاب عندما يكذب كيسجر امام الاسد ويدعي اشياء على الحكام العرب لماذا لا يتصل بهم فورا وامام كيسنجر ليتحقق من ذلك ؟
واستطاع ان يسحب الاسد نيكسون الى مكتبه عند زيارته له في دمشق حزيران 1976 ولوحده في اجتماع مغلق وتمكن من ان يحصل على مايريد من نيكسون وكان على وشك ان يوقع على التزام امريكا بتنفيذ قراري مجلس الامن (242) و(338) الا ان كيسنجر تدخل على الفور وقال لرئيسه ان موعد المغادرة قد حان والطائرة تنتظر ، فغضب نيكسون وقال له الا تريديني ان اتكلم ؟ فقال لا سيادة الرئيس يمكنك ان تتكلم ولكن الوقت الان لايسمح لنا وبلباقة قشمر نيكسون والاسد صافن من غير ان يكون له لباقة ايضا .
واما ما يخص العراق والاكراد فقد اعترف كيسنجر انه كان يتلاعب بملا مصطفى برزاني ويقول كيسنجر ان الملا يصدق اننا ندعم تطلعاته القومية !! اننا اردناه ورقة لاضعاف الجيش العراقي حتى لا يدعم سوريا وبالفعل استقبل الكيان الصهيوني مجموعة اكراد في قاعدة صهيونية قرب الرملة لتدريبهم على الاعمال التخريبية مع دعمهم بالسلاح عن طريق الشاه الذي هو الاخر كان له اطماع في العراق وكان يقول اي الشاه في لقاء له مع الصحفية الايطالية ان العراق يقلقه دائما اكثر من الاتحاد السوفيتي .
وبعد ان حصل كيسنجر على ما يريد من الاسد والشاه من العراق تركوا الاكراد المساكين لوحدهم وسط نيران البعث الذين قتلوهم وهجروهم وحرقوا مزارعهم وبيوتهم ، الشعب الكردي دفع الثمن وهرب البرزاني.
هذا نزر يسير من خبث كثير ، فما بالكم يا عرب بما يجري الان فلماذا هذا الخضوع للبيت الاسود ، اعتقد ان السعودية الان بدات تنتهج سياسة لربما افضل ممن سبقهم بل من دول الخليج والله العالم بالنوايا .
عدم اتخاذ اي خطوة من قبل اي حاكم عربي ضد الاستهتار الامريكي لا يدل الا على احد امرين اما جبان او عميل