منذ عشر سنوات وأكثر ولحد الان ، لا يكاد يمر يوم ألاّ وتنقل لنا الفضائيات تجمعات وتظاهرات للخريجين وهم يطالبون الدولة بالتعيين حتى صار هذا المنظر مألوفا من قبل المشاهدين ومن قبل الحكومة التي سدت أذانها تجاه مطالبهم المشروعة ، رغم ما تحمله تلك المطالب من مرارة الشكوى والعتاب والأماني الضائعة! في بلد صار الأنسان ارخص شيء فيه! . وتعتبر مشكلة ألخريجين وموضوع تعيينهم من أعقد المشاكل العصية على الحل! ، حيث لم تفكر كل الحكومات التي قادت البلاد من بعد الأحتلال ، بهذا الموضوع وتحاول دراسته ووضع الحلول له ، فكل حكومة كانت تسلم هذا الملف الى الحكومة التي تليها بلا حل! ، فتّعقد الموضوع سنة بعد أخرى ومن حكومة الى أخرى حتى صار حله الآن من سابع المستحيلات فعلا!!. المشكلة هو في الأعداد المهولة من الخريجين وبكل التخصصات ، حيث يصل عدد الخريجين الى قرابة مئة ألف خريج سنويا !، فأي قطاع حكومي ممكن أن يستوعبهم؟!؟ ، لا سيما وأن القطاع الحكومي المتمثل في وزارات ودوائر الدولة وكل مرافقها ومنشئاتها يعاني أصلا من الترهل الوظيفي ، حتى تكاك تنفجر بعض هذه الدوائر من كثرة موظفيها، (كل 3 أو 4 موظفين كاعدين على ميز ومدبرين حالهم شلون مجان لحين أنتهاء الدوام!!؟ المهم هو محسوب موظف ويأخذ راتب نهاية الشهر!.) ، أضافة الى عدم وجود قطاع خاص نشيط وكبير يمكن أن يساعد في حل مشكلة الخريجين . الجانب الآخر في المشكلة هي ليس في كثرة أعداد الخريجين سنويا بعد أن أصيب التعليم في العراق بسرطان التعليم الأهلي بكل مراحله بدأ من رياض الأطفال مرورا بالمدارس والمتوسطات والأعداديات الأهلية وأنتهاء بالجامعات ! ، بل المشكلة هي في تدني المستوى العلمي لغالبية الخريجين وتحديدا وبالأخص ونقصد هنا ( خريجي الجامعات والكليات الأهلية!!) التي تخرج طلبة غير مؤهلين علميا ولا أكاديميا ولا يستحقون شهادة البكالوريوس التي حصلوا عليها بالأسم!؟ ، حيث لم يعد خافيا بأن جميع هذه الكليات الأهلية وبلا استثناء!! ، تمنح شهادة البكلوريوس لمن هب ودب ولا يهمها الجدوى العلمية ( أفتهم مفتهم ، حضر محضر!!) ، المهم هو الجدوى الأاقتصادية ومقدار ما تحصل عليه هذه الكليات الأهلية من أجور من الطلاب الذين بدورهم لا يهمهم أي شيء ولا يكترثوا لأي شيء فهو يريد أن يحصل على شهادة البكلوريوس بأية طريقة! ، وحتى يحسب نفسه على الخريجين ويطلق على نفسه والناس تقول عليه خريج!! ، وبالتالي يقف ضمن طابور الخريجين ويطالب الدولة والحكومة بالتعيين بأعتباره خريج!! (وهو الجك من البك ميعرف كما يقال!) . ومع الأسف أن مشهد الخريجين المطالبين بالتعيين أختلط فيه الحابل بالنابل كما يقال فالكل تساوت! ، خريج الكلية والجامعات الحكومية الذي حصل على الشهادة بالتعب والمثابرة والأنتظام بالدوام مع خريج الكلية الأهلية من نفس أختصاصه!! ، الذي لم يداوم خلال الأربع سنوات ألا عدد من الأشهر!!؟ ، ولربما خريجي الكليات الأهلية والذين يمكن تسميتهم بالخريجيين الأميين!!؟ لأن الكثير منهم لا يعرف كتابة جملة مفيدة وصحيحة والقسم يخطأ حتى بكتابة أسمه أضافة لرداءة الخط!! ، لربما هم من سيحصلون على فرص التعيين قبل خريجي الجامعات والكليات الحكومية!!. وهذه هي الحياة في العراق! . أخيرا على جامعتنا وكلياتنا الأهلية أن يعرفوا ويتيقنوا بأن ليس كل خريج كلية هو خريج!؟.