18 ديسمبر، 2024 7:01 م

هل كان عبد الكريم قاسم مجرما ام نبيلا ؟

هل كان عبد الكريم قاسم مجرما ام نبيلا ؟

في كل ذكرى تمر علينا لثورة 14 تموز يحتدم الجدل والصراع ما بين العراقيين من هو مؤيد لتلك الثورة وهنالك من هو رافض لها ..
هذه الثورة هي جزء من تاريخ العراق والتي كان لها الاثر الكبير على حاضره في حينها وعلى مستقبله ولا بد من هنا ان نتطرق للاوضاع السياسية والاجتماعية التي يعيشها العراق انذاك وشخصية عبد الكريم قاسم والعائلة الملكية والوضع بصورة عامة للمنطقة.

كما هو معلوم ان العائلة الملكية التي اسقطها عبد الكريم قاسم هي عائلة الشريف حسين (شريف مكة) وهي من القبائل الحجازية الكبرى والمعروفة استمدت مكانتها الاجتماعية وقوتها نتيجة الغزوات والسلب والنهب وكما هو كان سائد في الثقافة البدوية انذاك اي انه كلما كانت القبيلة لها القدرة على القتال ونهب اكبر كمية من الغنائم ارتفع مقامها لدى القبائل الاخرى ومن هنا اكتسب الشريف حسين مكانته وشهرته بفضل الغزوات والنهب والسلب مما ألتفت حوله القبائل الأخرى من حوله طمعا في حمايتها من غزوات القبائل الأخرى اولا ، ورهبة من غزوات قبيلته ثانيا.

نتيجة هذه القوة التي اكتسبها الشريف حسين حاولت الدولة العثمانية استمالته واغدقت عليه بالهدايا وبعض المناصب هنا وهنالك لكن سرعان ما اختلف معهم حتى تمت استمالته من قبل البريطانيين وتحريضه بالقتال ضد الدولة العثمانية وفعلا نجح بالقضاء على العثمانيين بعد ان وضع يده بيد الغزاة الانكليز .
وبعد ان قدم الشريف حسين فروض الولاء والطاعة لحلفائه البريطانيين رأوا فيه انه من سيمثلهم خير تمثيل في المنطقة تمهيدا لتنفيذ الاجندات الغربية وخصوصا بما يتعلق بوضع فلسطين والكيان الصهيوني الغاصب فلذلك نصبوا عائلته ملوكا على الدول العربية ومنها العراق الذي اصبح مملكة بزعامة فيصل الأول والذي استمر حكمهم من عام 1920 الى عام 1958 وتميزت هذه الفترة بانتشار الأمراض والأوبئة ونظام الأقطاع الجائر والفقر المدقع والعوز وتسليم النفط العراقي لشركات الاستثمار الاجنبية بنسة 99.5% واتبع الملكيين سياسة الاهمال بشكل عام .

هذه السياسات التعسفية والعميلة للغرب اثارت غضب قائد عسكري ولد في احد الاحياء الشعبية لعائلة فقيرة من اب سني وام شيعية اسمه عبد الكريم قاسم الذي اسقط هذه العائلة العميلة للبريطانيين والاسرائيليين .

لم يكن الانتماء المذهبي لوالدة قاسم السبب الوحيد في رفضه ونصب العداء له والتخطيط للاطاحه به ، فكان ايضا لتقريبه الشيعة واعطائهم حقوقهم التي كانت مسلوبة منذ الازل ، كما انه الغى الفوارق الطبقية الطائفية وخلق جو من العدالة وعدم التمييز وسمح للشيعة بتولي مناصب عسكرية وحكومية كما قام بتوزيع قطع الاراضي على فقراءهم بل نشأ مدن خاصة لهم في مدينة ” الثورة ” ببغداد والتي تسمى حاليا بمدينة “الصدر” وكان لانتقال اهالي الجنوب الى بغداد اثار غيظ وغضب افندية واثرياء بغداد على قاسم لانهم يعتقدون ان ابن الجنوب مواطن درجة عاشرة ويجب ان يبقى مكانه الهور لكي يرعى الابقار والجواميس وليس من حقه ان يسكن بغداد ويشاركهم الثراء الذين ينعمون به انذاك على حساب عامة الشعب .

ومن اهم واخطر الاصلاحات التي قام بها عبد الكريم قاسم هو الغاء نظام الاقطاع الذي كان سائد انذاك والذي خلق نوع من الحقد والعداء بين الفلاحيين وبين شيوخ العشائر الاقطاعيين الذين كانوا يستحوذون على الاراضي الزراعية بينما كان الفلاح يشتغل عندهم عبيدا مقابل نسبة قليلة لا تكفي لسد رمق جوع عائلته ففي الاحصائيات التي نشرت بعد ثورة 14 تموز 1958 ان (18) مليون دونم من الاراضي المروية كانت محتكرة من قبل (3619) مالكا للارض (ملكية خاصة) في حين امتلك (272) شخصا (6) ملايين دونم ووصلت ملكية بعض الشيوخ الى مليون دونم فالطابع المميز للزراعة في العراق في العهد الملكي المباد كان قد تمثل في سيطرة ملاك الاراضي الكبار على الفلاحين المحرومين من الاراضي وهم الذين يؤلفون الاكثرية الساحقة من السكان وهذا يرتبط بالسياسة التي انتهجتها الحكومة البريطانية في العراق بعد الاحتلال الاول في الحرب العالمية الاولى اقتنعت منذ (1917) بان استمرار سيطرتها على العراق رهن بقدرتها على خلق قوى اجتماعية ثابتة في داخل البلاد تدين لها بالولاء وتستمد منها الدعم والاسناد .

ينقل احد الشباب ويقول دائما اجد عائلة جدي من طرف والدي يضمرون الحقد والكره لعبد الكريم قاسم ويشتمونه يوميا ويترحمون على ايام الملكية ويضيف انا كذلك اصبحت اشتمه واكرهه لكره اهلي له ، ويقول بالمقابل عائلة جدي من طرف والدتي يحبونه حبا جما وبعد بلوغي ونضجي بدأت افقه واعقل سبب هذا الحب والكره من عائلتي اجدادي ، فوجدت سبب كره عائلة ابي له لان جدي كان اقطاعيا ويستحوذ اراضي واسعة خصبة ولديه العشرات من العبيد الفلاحين ، بينما جدي من جانب والدتي كان يعمل فلاحا عند الاقطاعيين وتعرض للذل والهوان والفقر والعوز والامراض وحاله حال الغالبية الكبرى من الشعب العراقي ويقول بعد معرفتي بهذه الحقيقة قمت بتعليق صورة عبد الكريم قاسم على جدار البيت حتى جاء والدي وقام بتحطيمها ، وهذا ما يفسر حب وبغض بعض الناس لزعيم ثورة تموز 1958.

ومن اصلاحات قاسم ايضا انه قام بأسترجاع 95.5 من الاراضي الاستثمارية النفطية التي تستحوذ عليها الشركات الاجنبية مما اثار غضب الامريكان فأضطروا لتجنيد خلية لاغتياله كان احد افرادها صدام حسين عميل المخابرات الامريكية ونتج عن هذه العملية اصابة كل من قاسم وصدام حسين بجروح مما اضطر الاخير الهروب الى سوريا كان هذا باعتراف من احد ضباط (السي آي أيه ) الذي وصف قاسم باالشخص النبيل لانه رفض تسليم النفط للشركات الاجنبية وقال انه ملك للشعب العراقي .

بالاضافة الى موقف قاسم هذا من شركات النفط الاجنبية ، الا انه سبق وان شارك بحرب تحرير فلسطين كل هذه الاسباب جعلت قاسم غير مرغوب من الامريكان ولا حلفائهم البريطانيين الذين اوصلوا الملكيين للحكم ليكونوا اداة ما اداوتهم لتنفيذ اجنداتهم في المنطقة كما فعل الملكيين في الاردن بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وكانوا احد الاذرع الرئيسية لتنفيذ صفقة القرن وهم لا يختلفون عن ملكيين العراق .

من المقال اعلاه نسنتنتج ان اعداء عبد الكريم قاسم هم من الاقطاعيين المستفادين والاثرياء الذين بنوا ثروتهم على اكتاف الفقراء ومن الامريكان الذي رفض تسليمهم النفط والبريطانيين والاسرائيليين والبعثيين الذين نفذوا عملية اغتياله ، لكن هنالك الكثير ممن يعادون قاسم وهم ليسوا من هذه الفئات التي ذكرناها اعلاه ، لكنهم ضحية اعلام هذه الفئات كما ذكرنا سابقا الشخص الذي وقع ضحية كره جده الاقطاعي لقاسم وخصوصا ان الاقطاعي كانت لكلمته تأثير لما يملكه من نفوذ وسلطه واموال .