17 نوفمبر، 2024 11:45 م
Search
Close this search box.

هل في البرلمان برلمانيين ؟!!

هل في البرلمان برلمانيين ؟!!

تعرض المشهد السياسي في البلاد الى اهتزازات حقيقية ،وهذه المرة ضرب قبة البرلمان ، وتطور الصراع بسرعة من الشارع الذي اقتحم البرلمان وكسر ابواب المنطقة الخضراء ، ليتحول الى ساحة البرلمانيين ، ويتحول الى مأزق خانق غير متوقع ، حيث اعتصم عدد من النواب في مبنى البرلمان ، مطالبين بتغيير رئاسته ، الامر الذي تحول صراع سياسي بين الكتل السياسية جميعاً ، وادخل البلاد في نفق الصراع السلطوي والفئوي بين الكتل السياسية ، وفتح ابواب جميع الخيارات امام هذه المشهد الذي عبر بجدارة عن الجهل السياسي لدى نواب العراق وتخلفهم . هذه المسرحية التي حصلت تحت قبة البرلمان ، والتي كان ابطالها بين فاسد ومتهم بالارهاب ، وبين سارق للمال العام ، ومن التحق بهم من بلطجية ، والذين تعودوا على لغة الصياح متناسين ان هذه اللغة لم تعد تنفع ،لان البلاد لايمكن ان تقاد بشخص واحد او جهة واحدة ، ولا يمكن اختزال القرار السياسي بشخص واحد ، او السعي الى التاسيس لديكتاتورية جديدة بعد حكم ديكتاتوري ظالم حطم البلاد وألعباد ، وهنا لابد من اثارة تساؤل ؛ هل من الممكن ان تكون أزمة البرلمان الجديدة سبباً في وجود برلمان اخر داخل البرلمان المنتخب ، او انها بداية لخارطة التقسيم ،والتي أُريد لها ان تمرر داخل البرلمان ، وبأيادي برلمانية ، وهو ما يأتي إكمالاً لمشروع (بايدن ) والدول التي تريد ذلك ،ليكون العراق ضعيفاً فاقداً لوحدته ومكانته ، وهي الفرصة الذهبية لاصحاب مشروع تقسيم العراق . لقد استفادت الأطراف جميعها من هذه الاعتصامات والمطالبات ، وكلاً بحسب اجندته واهدافه سواء كانت نبيلة ام خبيثة ، فالسيد المالكي كان في مقدمة المستفيدين من هذه الاعتصامات ، ويبدو من خلال التقارير ان هناك تدخل في التأثير على سير الاعتصامات ، عبر شخصيات قريبة منه ومن أقاربه ، واستطاع من تحريك الشارع الصدري الغير منضبط للهجوم إعلامياً على خصمه (المجلس الاعلى ) ، ومحاولة الوصول الى حد المواجهة المباشرة والاحتراب ، في ذات الوقت الصدر هو الاخر استفاد من هذه الاعتصامات ، وهي السعي عبر التغيير والإصلاح ، ومحاولة استغلال ضعف السيد العبادي ، والنفوذ الى داخل جسم الدولة ، والتقرب الى العبادي ، وهو ما يساعده بالتأكيد على غلق الكثير من الملفات القضائية ضده ، وفي مقدمتها (ملف السيد عبد المجيد الخوئي) ، كما هو السيد العبادي الذي يسعى من خلال هذه الاعتصامات الى الإطاحة بالمالكي ، وانهاء نفوذه والتنافس على زعامة الدعوة ، وبناء منظومته واجهزته الخاصة ، وهو ما يتطلب جهد متميز في تفتيت اجهزة ومنظومة المالكي الى جانب تقديم المالكي الى المحاكمة ، كمايهدف الى ازاحة الكتل السياسية ، وإبدالها بالحزب الواحد تحت يافطة ( التكنوقراط) وضرب المحاصصة ، كما يهدف الى ضرب القوى الاسلامية ، وخلق توازن لإنهاء النفوذ الايراني في البلاد ، ناهيك عن الأهداف الكردية وآمال البارزاني في نفط كركوك والانتهاء من أزمة رئاسته الإقليم  ،وحلم الاستقلال ….. الحكيم من جهته يسعى من خلال ورقته الإصلاحية ، والتي يتحسس منها. خصمه التاريخي (الدعوة ) ، ويتأثر منها شريكه المتحرك ( الأحرار ) ، لان الخصمين يجدون انهم الاقدر والأجدر على التصدي لاي عملية وتحرك سياسي ، فهو يسعى الى تفتيت الدولة العميقة التي سيطرت على اجزاء الدولة ، والعمل على اشراك طبقة سياسية جديدة عبر دماء جديدة تخرج من الجمهور ، وابعاد الأصنام وتكسيرها عبر ازاحة الطبقة السياسية التي ساعدت على ترسيخ مفهوم الديكتاتورية السياسية والحزبية ، والسعي الى تكوين كتلة سياسية ذات أغلبية سياسية من المكونات السياسية عبر شراكة حقيقة ، وتنتج حكومة قادرة على حمل راية الاصلاح والتغيير ، وبناء الدولة ، كذلك ايجاد توازن بين المشروع الامريكي والايراني في البلاد ، وكسر معادلة حكم الحزب الواحد وتفرده بالسلطة . السنة عبر ممثلهم السيد سليم الجبوري يسعون من خلال هذه الاعتصامات الى التأثير على الوضع الداخلي ، ودعم الزعامة السنية له في العراق ، ودعم المشروع التركي السعودي الساعي الى اعادة قوة ونفوذ السنة ، وهو الامر الذي يلقى ترحيباً في بعض الأوساط الشيعية ، اذ يعد الشريك السني عاملاً مهماً في استقرار البلاد ، وان عملية إشراكه في السلطة ما هي الا طمأنة داخلية واقليمية ، وان لا تهميش ولا إقصاء لأحد . ان عملية الاصلاح لا يمكن ان تتم عبر حرق المؤسسة التشريعية ، ومحاولة إفراغها من محتواها ، بل يجب ان تنأى بنفسها عن اي صراع سياسي ، لانها على الأقل تمثل ارادة الجمهور ، كمان ظاهرة الاعتصام تثبت ان لا مؤسسة دستورية ، ولا مجلس نواب ، بل مجموعة من الألعاب الالكترونية (الأتاري) تسيرها ارادت ، لذا كان الاولى بالسادة نواب الشعب ايجاد القاسم المشترك فيما بينهم ، وعلى الأقل في المسائل الخطيرة التي تهدد مستقبل البلاد ، والسعي الى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم ادخال الشارع في صراعات الكتل السياسية ، وتوحيد الجهود لإنهاء نفوذ داعش الذي يعيش نشوة انتصاراته على هذا الصراع ، لان داعش ظاهرة حاضرة ، وستبقى حاضرة في كل وقت ومكان ، ولا يمكن اعتبارها من الماضي ، بل ستبقى حاضرة وبقوة ، كماينبغي السعي لإيجاد الاصلاحات الضرورية ، ومحاربة الفساد وانهاء حكم التفرد بالسلطة لانها خربت البلاد ، وستكون سبباً مباشراً في تقسيمه ، وان عملية الشراكة والمشاركة في السلطة هو عامل قوة من جهة ، وطمأنة للوضع الإقليمي والدولي ، وإطلاق رسالة مفادها ان الامن والتسوية التاريخية تبدأ من العراق . 

أحدث المقالات