اندلعت الحرب الليبيرية الأهلية الثانية بين عامي ١٩٩٩ و ٢٠٠٣ ، خمسة اعوام من الحرب الطاحنة كان نتيجتها ٢٥٠ الف قتيل، خلفيات هذا الصراع كانت سياسية عمل على إدامتها امراء الحرب و بدعم من دول إقليمية. كل الوساطات و المساعي فشلت في ايقاف هذا النزيف. لكن بين تلك المجاميع المتخندقة كانت هنالك امرأة شجاعة مؤمنة بقضيتها انبرت لمهمة نبيلة، مهمة ارساء السلام ، هذه الامرأة هي غبوي ليما ، أسست غبوي مؤسسة نسوية أسمتها “نساء من اجل السلام” ، إمرأة بسيطة و أم لستة أولاد قادت حراك نسوي فعال لوقف الحرب و جمع امراءها على طاولة الحوار ، في البداية لم تنجح غبوي في مساعيها رغم انها سلكت مسالك عديدة منها التظاهر و تنظيم صلاة جماعية لنساء مسلمات و مسيحيات لكن في عام ٢٠٠٢ ابتكرت غبوي طريقة ضغط جماهيري غير مألوفة تمثلت بحث النساء على الاضراب عن معاشرة ازواجهن حتى يتركون السلاح و يجلسون على طاولة الحوار لوقف الحرب و اشاعة السلام في البلاد. في يونيو ٢٠٠٣ جلس زعماء الحرب على طاولة حوار بوساطة جمهورية غانا إلا ان زعماء الحرب لم يتفقوا و عندها تسربت الاخبار الى ليبيريا بإن الحوارات متشنجة و سوف لن تفضي الى سلام ، عندها انبرت غبوي مرة اخرى و جمعت اكثر من ٢٠٠ امراة من مختلف تنوعات الشعب الليبيري و سافرت معهن الى أكار عاصمة غانا و احاطت المبنى الذي تعقد فيه الحوارات و منعت خروج اي من زعماء الحرب لأي سبب كان حتى يتوصلوا لاتفاق يفضي الى وقف الحرب و إقامة السلام، و فعلا تم توقيع اتفاقية أكرا للسلام و وقف الحرب. في ٢٠١١ نالت غبوي جائزة نوبل للسلام لجهودها و دورها الفعال في ارساء اسس السلام بين ابناء الشعب الليبيري
اليوم في العراق إبتلينا بزعماء حرب و سلطة و مال و سلاح، جميعاً نعرفهم و نلعنهم صباحاً و مساءً لكن أيعقل أن لا يكون في العراق رجال او نساء سلام أمثال غبوي؟! هل يعقل ان يخلو العراق من وجود شخصيات قيادية مقتدرة على مواجهة المشكلات و تفككها بدل الهروب منها و تركها تتأزم و تتفاقم. غبوي لم تقاطع أمراء الحرب و لم تفكر بمنافستهم في ميدانهم بل واجهتهم بأدواتها. هي احتكت بهم و ناقشتهم و حاورتهم و شاكستهم حتى حققت أهدافها ، هي لم تقاطعهم و تخاصمهم و هم أساس كل المشكلات التي تحيط بها و بأبناء شعبها بل واجهتهم بقوة المنطق و الحكمة.