23 ديسمبر، 2024 4:00 ص

هل غَيرَ مجيء الاسلام حالة العرب قبل الأسلام …كما يدعون ؟

هل غَيرَ مجيء الاسلام حالة العرب قبل الأسلام …كما يدعون ؟

الكلمة الحقة….. يجب ان تقال لكشف الحقيقة … لماذا ينتشرالألحاد اليوم ؟
من يتعرض لدراسة حالة العرب بين عهدي قبل وبعد مجيء الأسلام،لابد ان يوطن نفسه على مواجهة حشد كبير من المشاكل والصعوبات قبل ان ينتهي الى رأي معين يمكن الأعتماد عليه في التقييم.
شأنه في ذلك شأن كل الموضوعات الخاصة بالدولة العربية الاسلامية على مدى تاريخها.لأن هذه الدولة وكل ما يتصل بها وما وقع للمسلمين وغيرهم من الشعوب الأخرى الذين أكتووا بنارها ، خلال مدة حكمها يتعذر على الدارس ان يقول قولا ثابتاً فيها، الا بعد الجهد البالغ،لأن الاصول التي تبنى عليها الدراسة السليمة واسعة ومختلفة ومتضاربة ،فالأصول والمراجع كثيرة جداً،وغالبية الدراسات التي تمت بشأنها يفتقر بعضها الى الأصالة والمنهجية التاريخية وخاصة في موضوعات الخلافة ونظم الحكم والفتوح وما جَرت على الناس من مظالم ،وعلى الاسلام من خروقات نصية حتى في تسمية سور القرآن الكريم وعائديتها ، وبعض آياتها التي لازالت بحاجة الى مراجعة ،كما (في حقوق المرأة وما ملكت أيمانهم،وما ملكت أيمانهن والجهاد والفتوح وولاة الامر،فبعض الأصول يمكن ان يوصف بالزيف نتيجة حالة التزمت الديني الذي رافقها،وما جاءبه الفقهاء ورجال الدين من أراءٍ ميتة اماتت الاسلام واهله ..
اما الموضوعات التي كتبت بخصوصها يدخلها الهوى من كل جانب، مما يحتم التدقيق واعادة النظر فيها بعيداًعن التأثيرات المثيولوجية أو الأهواء الشخصية،لأن الاخبار التي تناقلتها كتب التاريخ عن حالة العرب قبل الاسلام وبعد مجيئه كان في غالبيتها مبالغا فيه ولربما مخترعاً وخاصة بعد ان عتموا على انظمة مجالس الملأ وقوانين التجارة…والعلاقات بين القبائل وبعد ان طبعوها بطابع العنف، وهذا خلافا للواقع المعاش آنذاك. وكان قصدهم التقليل من شأن العرب ليس الا..؟ والا من اين جاءت المعلقات والنثر الادبي والخطابي ومكارم الاجداد..ولماذا نزل القرآن بصورة كاملة سماها سورة الأعراف ..ألم يكن تأكيدا لأعراف السابقين ..
ورغم الأقرار الحقيقي بأن بوادر التغيير قد حدثت كلية بعد فتح مكة( 8 للهجرة،628 للميلاد ، ومجيء العهد الاسلامي،الا ان الدولة الجديدة عاشت بنفس مواصفات العهد السابق من حيث النظام السياسي دون تقنين، لعدم اظهار وتطبيق وثيقة المدينة التي كتبت (سنة 5 للهجرة ). لذا فالخلافة كانت بحاجة الى دراسة وتنظيم،فلا يمكن ان تترك مسئوليتها دون تحديد مدة او مدى سلطان، فتحولت الى مُلك مستبد،وهذا لا يتفق مع طبيعة دولة الاسلام. ،وهي دولة الشورى والعدالة المطلقة في التثبيت ،وان لم تطبق نظرية الشورى فيها بالمطلق ،اذن لماذا جاء التغيير..؟.

2
ظلت العادات والتقاليد العربية هي التي تتحكم برئيس الدولة (الخليفة) والمواطن معا..ولا نبالغ اذا قلنا ان عصر الجاهلية كما يسمونه كان مُراعيا للحقوق العامة والتنظيمات الآدارية من العهد الذي جاء من بعده نتيجة الألتزام بالعادات والتقاليد العربية التي لا تخرق وخاصة تنظيمات مجالس الملأ .اما بعد مجيءالاسلام وبمجرد وفاة الرسول الكريم(ص) في 11 للهجرة ..فقد أختفت وثيقة المدينة تماماً وعادت القبلية تتحكم بالناس دون قانون منصف للجميع..وما بداية الخلافة الا صورة لواقع الاختلاف والخطأ في التطبيق..
لقد انتاب المسيرة الاسلامية نقص واضح بالمقارنة الى قمة الكمال التي سادت في عهد الرسول(ص).وأول ما ظهر من المفارقات كان في مجال أداة الحكم..وما زالت هذه المشكلة مستمرة تعاصر الدولة العربية الاسلامية الحديثة دول حل ،وخاصة في رئاسة الدولة التي تركها قائدها الاول ( ولم يُسمِ أحداً )،اذ يرجع الامر من بعده للمسلمين ..(فأمرهم شورى بينهم) لذا ظهرقصدهم الخاطىء المتعمد في تفسير (أولي الامر) وذلك بتقديم “أولي الامر” منهم “وألو” جمع لا مفرد له من جنسه،وهو ليس جمعا لولي،ولا من مادته،لأن جمع ولي أولياء،لذا روعي الانتخاب ممن تتوفر فيه قيادة الرسول بالمعنى الوصفي وليس التطابقي للشخصية الحاكمة.لذا اشتد الخلاف بين المهاجرين والانصار على من يخلف الرسول (ص)،فكان الأقتراح منا أمير ومنكم أمير..(المحاصصة ) غير ان التجربة كانت في قمتها الروحية …فسرعان ما أمكن تطويق الأزمة،فامكنهم ان يجتمعوا على خير.فهل أخذ العرب العبرة من خطأ السابقين ..؟
وبعد الدورالراشدي المليئ بالخلافات حول الخلافة – وضرب آية الشورى- وتطبيق النص القرآني في الردة والفتوح والفتنة وتطبيق مبدأ الشورى ..ومجيء الدولة الاموية بدأ عصر جديد في الدولة هو بوادرعصر الضعف الحقيقي واستبعاد الشورى والقانون في حكم الناس ،حين اصبحت الدولة الاموية في نظر المعارضين لا تمثل رأي الأمة ،وما أقره النص في أقامة الجماعة الاسلامية على اساس الاخوة،وما أمر به الشرع الاسلامي من المحافظة على وحدتها وأمنها.
وظلت هذه الظاهرة السياسية تلازم عهد الامويين (دولة بلا شرعية )وتكررت عند العباسيين وحين أفاق الناس على الحقيقة ظهر ان الدولة الاسلامية اصبحت اثقل على الناس من العصر الذي سبق الاسلام ، حينما طبقت نظرية الحكم العضوض في عهد الامويين ،والعهد الذي يستند على النص المخترع في عهد العباسيين ،وبقيت الخلافات قائمة بينهم وبين العلويين على من يستحق الخلافة،لآل علي أم آل العباس(أنظر المحاورة السياسية بين النفس الزكية العلوي والمنصور العباسي (في الطبري ت310 للهجرة). وكأن اسلام الدولة اصبح خلافة وليس حقوق ومواطنين ودين وحقوق كما هو اليوم.وهنا صدق من قال:
“ما سُل سيف في الاسلام مثلما سُل على الخلافة ”
فتجسد المشهد الرئاسي في الدولة بالنزاع الدائم على السلطة تحت غطاء الشرعية في الدين ..هذه الدول التي ما اكتسبت الشرعية في حياتها قط (انظر الرسالة بين الامام موسى بن جعفر (ع) وبين الرشيد) والتي أدت الى أستشهاد الامام في سجنه مظلوماً. انه مشهد يكاد ينطق بصوت الكارثة القادمة وراء حجب الليل البهيم.ولازالت المشكلة قائمة الى اليوم بين الاصحاب المؤيدين…..فمن أين يأتي الحل…؟.
ان الدولة الاسلامية ظلت تواجه مشكلة لا تعرف لها حلاً لم تواجهها دولة من قبل،وهي حاجتها الى التعايش مع دستور شرعي لا يعترف بشرعية الدولة الجديدة..واستمرت الحالة في العهدين الاموي والعباسي وحتى سقوط الدولة على يد المغول عام ” 656 للهجرة” .
فأحتُكرت السلطة ،والثروة ،والمعرفة ، والسلاح ..واصبح الخليفة يصفي خصومه السياسيين دون معارضة .فأهتزت اركان السلطة والدولة معاً ،وضعفت علاقتها بالمجتمع ..وها نحن اليوم نجابه نفس الحالة بعد ان تفرد حزب الدعوة بالسلطة وفق نظرية ” أخذناها وبعد ما ننطيها” وفتح المجال للأخرين الاستبداد بالسلطة ايضا ،وكأنما هم الذين جاؤا بالتغيير، لا امريكا وجيوش الحلفاء التي اخذت بأرائهم الباطلة ، وهم خلفها يهرولون ، من اجل السلطة والمال وبالباطل يشرعون قوانين الجور والظلم على المواطنين.أنهم افسد من كل السابقين..
بينما ظلت السلطة عند العرب قبل الاسلام تنتقل وفق معايير قوانين مجلس الملأ الذي وضع لها قوانين لا تخرق من قبل الاخرين..(انظر جواد علي في سفرهِ المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ) .فماذا لو استمر عهد السابقين ؟ وماذا لو ظل العهد السابق يقيم القوانين بدكتاتورية الحاكمين دون تفريق بين المواطنين .من كان الافضل بين الحالتين قبل الاسلام أم بعد مجيئه ،وقبل العهد السابق أم مجيء الحاليين التي تحولت الدولة في عهدهم الى عزبة للمتسلطين ..؟.
“للقارىء الكريم حق تقييم الموقف…فاختلاف الرأي لا يُفسد في الود قضية”
ونحن من جانبنا مستعدين للحوار؟ ورأي الشخصي لو استمرت حالة العرب قبل الاسلام على ما هي عليها … لأصبحنا اليوم مثل اليابان والصين.. – رغم ان نظرية الحق المطلق التي جاء بها الاسلام واصبحت بعيدة عن التطبيق- لاصبحنا أكثر تقدماً في ظل دولة علمانية لا يدخل الدين في حكم الناس .فأي دين هذا الذي دمر الامة ….واحل الفرقة… بينها واوصلها الى الفُرقة المذهبية الباطلة والأنهيار ؟ اعطني دولة اسلامية واحدة حضي مواطنيها بالقانون نظرية وتطبيقا ..؟ فماذا تنفع الكتابة اليوم بالطرشان الذين لا يسمعون..؟
لقد أخطأت القيادة الاسلامية الاولى حين أعتقدت ان الاسلام جاء لها دون الأخرين، بينما جاء لكل الناس( أنظر سورة الناس ) .. وأخطأت القيادات السياسية الحالية التي جاءت تهرول خلف الدبابة الامريكية ونقضت العهد والقرآن ؟ ان الاسلام دين سماوي ودولة مدنية (أنظر وثيقة المدينة المغيبة عنا اليوم ) وهو الحل… اذن لماذا حصرت القيادة العليا بيدها..مثلما حصرتها …..دولة المحاصصة الباطلة اليوم؟ فهل نحن اليوم بحاجة الى مرجعيات دين لا تهش ولاتنش سوى المواعظ والخطب الي لا تغني ولا تسمن من جوع..لابل ساهمت في اختراق الشرعية الدينية وشرعنت الاحتلال الاجنبي بعد ان قبضت الثمن المدفوع..نتحداهم ان كذبوا القول بالتصديق..
ان خطبة المرجعية اليوم ماهي الا من باب ذر الرماد في العيون..فهي حامية السلطة بعد ان شرعنت احتلال الوطن خلافا للدين.
وهذا هو الخطأ المميت الذي لم تخطئه حتى دولة اليونا ن والرومان في العهد القديم .
على اصحاب النص الديني ان يفهموا:

4
ان التاريخ في حاجة دائمة الى اعادة نظر..والنظرة النقدية للنص تحتم علينا تفحص الثوابت حتى في مواجهة الشخصيات العظيمة (كالخلفاء الراشدين وغيرهم)التي احتلت مكانتهم التكريم عن العرب والمسلمين ،والفترة التي عاشوا فيها..ونحن لا نهدف الى التقليل من هذا اوذاك بقدر ما نهدف الى اعادة ترتيب التاريخ وقراءة ما بين السطور…لتصحوا الامة على حقيقة التحقيق..؟
ان مجتمع القرن الحادي والعشرين لا يمكن ان يعني مجرد أعادة نفس مواصفات الحقبة النبوية الاولى بكل مواصفاتها…كما لا يمكن ان يعني رؤية أخرى تختلف كل الاختلاف عن تلك الحقبة..فتجاهلها بحجة المتغير الاجتماعي نفسه من وجهة نظر جدلية تاريخية يجب الوقوف عندها..بأكتشاف القوانين التي تحكم الظاهرة القديمة والجديدة ونظريات التطور الزمني ..فالزمن يلعب دورا في عملية التغيير..لأن العودة عبر الزمن مستحيلة.
لقد أقر الاسلام بعدم مصادرة الحرية والمعرفة والتشريع من جانب الحاكم..فصادروها منذ بداية الخلافة والى اليوم..بعد ان ابطلوا مفهوم حرية التعبير وحرية الاختيار ،وهما اساس الحياة الانسانية في الاسلام ،
حين احلوا خلافة التوريث او الوصاية وانهوا آيات الشورى بين المسلمين ، والغوا قانون تغير الصيرورة حيث تكمن عقيد التوحيد..لان ذلك الغى بالضرورة نظرية التغير الزمني في تطور القوانين.فبقي الاسلام جامدا دون تحريك.
والغوا مبدأ الفصل بين نظرية النبوة والرسالة ..فتوقف مفعول الآيات الحدية عن غير الحدودية بعد ان احلوا نظرية الحلال المطلق والحرام المطلق – نظرية منتحلة – حين تجاهلوا الوصايا العشر (151-153 الانعام) ،لذا لم يكن بمقدورهم تعريف الاسلام الى اليوم.
واهملوا قوانين حقوق المرأة ،بعد ان الصقوا بها شتى النعوت خلافا للنص..لسيادة ذكورية الرجل..ولم يفصلوا بين الحداثة والمعاصرة والسلف ،فظل النص جامدا دون تحريك.
واوجدوا لنا نظرية المذهبية وحاربوا كل فكر متطور بداية من القرن الثاني للهجرة ( عصر المتوكل العباسي ت232 للهجرة الباطل) ،فأماتوا معرفة نظرية ثبات النص وحركة المحتوى في القرآن الكريم.
لا تعيبوا على الاسلام تخلفنا ..فالتخلف حدث مقصودا من سلطة الخلافة ورجال الفقه المزيف بعد ان مكنوا رجال الدين اللا معترف بهم من القرآن الكريم والذي لم يخولهم حتى الفتوى على الناس وبالتحكم بمفردات حياة المجتمع والدين.هنا كان ممات الدولة لا الدين..
اعتقد لو استمرينا في هذا التوجه الناقص الذي اصبح فيه الاسلام مكسباً للسياسيين..ستكون نهايتنا ابشع من المندثرين كما في عاد وثمود وقوم لوط ونوح ومن جاء بعدهم من السالفين.
5
علينا ان نحترم شجاعة من يقول الحقيقة او بعضها ، فلا مستحيل لمن يحاول ان يطلب الحق وان قل ؟ ان من يقول الحقيقة فمكانته لها الكأس المعلى في قلوب المحرومين ..؟
فالتاريخ في ظاهره لا يزيد عن الاخبار…أما في باطنه فهي الاحداث الجسام.
اذا لم تدرك السلطة الحاكمة الحقيقة في حقوق الناس وتترك تخريفات مرجعيات الدين ومطامعها ،فسوف لن نجد غدا من يتجه للمسجد ..او يعترف بدين ..ساعتها ستكون العلمانية أو نظرية الالحاد هي البديل..والألحاد لا يعني الكفر بل حرية الانسان في المعتقد والتفكير..نعم الدين هو المعاملة والاخلاق وليس طقوسا لتخريفات رجال الدين .يجب ان يُحكم الناس برجالٍ يعرفون حقوق الله والناس والدين …لا كما من يَحكم العراق اليوم من الخارجين على شرعية الوطن والدين ؟
ومن وجهة نظري الشخصية ان العلمانية هي الافضل لمجتمع ليس له من اصل في الدين..؟