23 ديسمبر، 2024 5:37 ص

هل عض الاعلام الوطني لسانه؟

هل عض الاعلام الوطني لسانه؟

“حكومتنا تَستند على الرأي العام. وكُل من يستطيع تغيير الرأي العام، يمكنه تغيير الحكومة” القول لــ إبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية. هامش أعلاه قُبيل الخوض بالموضوع. لا يمكن لأحد مهما وصلت شعبيته أو نزاهته، أن يحكم دون ضبط ايقاع التعامل مع الرأي العام، و إذا أهملت يأتي يوم يشاهد ثورة شعبية قادرة على إسقاطه.

يعرف الرأي العام بأنه “الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعي فى فترة معينة بالنسبة لقضيّة أو أكثر، يحتدم فـيها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمها الإنسانية الأساسية مساً مباشرا ً” والسؤال هنا، هل لدينا رأي عام؟ وكيف يتوجه ومن المتحكم؟ نرى الشعب يصدق الفاسد ويكذب النزيه! كيف!؟

نعم انها لُعبة الاعلام والتأثير على الرأي العام. وسائل الاعلام هي الوسيلة الأكثر قوة وثأثيراً وخصوصاً في المجتمعات العربية، بسبب سذاجة وقلة وعي وإدراك المستهدفين الذين يقعون ضحيتها فهي تُعتبر من أقوى الأسلحة السياسيّة في عصرنا هذَا. دون أن تشعر يغير الإعلام نمط حياتك وأفكارك بمجرد بعض المواد الاعلامية يتحول الواقع من حال إلى حال فهي نوع من أنواع الدعاية وترويج لمعلومات وأفكار بشكل موجه ومدروس، فباتت البروباغندا السياسيّة تآمر بالتزييف و اعلان الحرب على الشعوب.

إدارة الازمات السياسيّة تعتمد على تقنيات التضليل الإعلامي، أي جعل السرديات أكثر تماسُكاً وغير قابلة للافتضاح فالحرب الإعلامية هي فن النصر دون حرب، ففي سنة 1916 نجح الرئيس ويلسون بالوصول لسدة حكم الرئاسة الأمريكية، بشعارات تندد بالحرب إذ كان الشعب الأمريكي في ذلك الوقت يفضل السلام ويكرهُ الحرب ولا يريد الدخول في حرب أوروبية بالأساس (الحرب العالمية الأولى) وهنا حدثت المفارقة، هل يمكن التصديق بأن يرغب هذا الشعب نفسه بالمشاركة في الحرب بقيادة الرئيس نفسه الذي نجح بالانتخابات بشعار السلام!.

نعم فقد استطاعت الادارة الامريكية تأسيس لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها لجنة كريل، والتي خلال ستة أشهر نجحت بتحويل المواطنين المسالمين إلى مواطنين تتملكهم هيستيريا الحرب، والرغبة في الخوض فيه. لا يمكن تجاهل قوة تأثير الرأي العام في تحقيق أو تعطيل البرامج والإصلاحات في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كذلك تعقد بموجبه الاتفاقات وتبرم المعاهدات كما تعلن الحروب. الصراعات السياسيّة في دولة ما، بين أصلح السياسيين وأفسد السياسيين، هل يمكن أن يخلط الناس بينهما؟ الإجابة: نعم، وهذا كثير الحدوث عندما يسطير الفاسد على وسائل الإعلام ويعرف كيف يوجه الشارع، فببساطه يمكن الانحياز ضد المجموعة النزيهة في كل ما ينشر، وتضخيم أخطائهم وتجاهل نجاحاتهم مع بعض الفبركة، ستجد هذه المجموعة أصبحت العدو لدى شرائح كبيرة بالشعب، وشرائح أخرى تصبح مشوشة بين الجانبين.

في العراق الديمقراطي المعركة الإعلامية الغلبة فيها للجانب الفوضوي و اصبح توجيه الرأي العام وفقاً لاهواء اللوبيات وبعض الجهات الخارجية المرتبطة بمحاور الصراع ومحرّكي دفته. مع شديد الاسف لا توجد مساحة للمقارنة في الموارد والإمكانات بين الجبهتين لأننا نُشاهد ماراثوناً بين متسابقين، يمنح الأول دراجة نارية حديثة، ويقيد الآخر بشرط السباق بقدميه.