23 ديسمبر، 2024 9:05 ص

هل عاصفة الحزم يقظة عربية أم ماذا!؟

هل عاصفة الحزم يقظة عربية أم ماذا!؟

بادئ ذي بدء …
كلنا عروبيون ونفتخر بعروبتنا، كيف لا والقرآن أنزله رب العزة والجلال على سيدنا ونبينا وقائدنا العربي القرشي محمد “صلى الله عليه وسلم” بلغتنا العربية الجميلة الرائعة، وكيف لا ولغة أهل الجنة هي العربية.
وكلنا مع الإجماع العربي في ضرورة رص الصف وشحذ الهمم والذود عن حياض الأمة العربية، ويقينا أن العرب جميعا مع الحفاظ على عروبة اليمن ووحدة أراضيه، وشرعية مؤسساتها الدستورية، بل ونبارك الصحوة العربية في نجدتها لعروبة اليمن من أطماع أقليمية.

لقد بُدِء الحديث مجددا وعلى حين غرة – في أعقاب أحداث اليمن – عن ميثاق دفاع عربي كان قد طواه غبار النسيان مذ ولادته أول مرة، فتم بين ليلة وضحاها وعلى عُجالة لم يسبق لها مثيل تشكيل تحالف عسكري عربي بمساندة من دول العالم، ليُتخذ خلال يومين وقبل انعقاد القمة العربية السادسة والعشرين قرار البدء بعمليات عسكرية عربية خالصة أطلق عليها “عاصفة الحزم” لدك مليشيات الحوثي ومن يساندها سواء من بقايا نظام الرئيس اليمني المخلوع علي ناصر محمد التي هددت شرعية اليمن ومؤسساته الدستورية أو إقليميا من خلف الحدود، ولقد قيل في حيثيات الشروع بعملية عاصفة الحزم أنها جاءت تلبية لنداء الشرعية في اليمن ممثلة بالرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي!؟.

تساؤلات خطرت على بالي وأنا أتابع بشغف كلمات أصحاب الجلالة والسيادة والفخامة والسمو القادة العرب في مؤتمر القمة العربية الاعتيادية السادسة والعشرين المنعقدة في المنتجع السياحي المصري “شرم الشيخ” والتي جاءت متزامنة مع أحداث جسام عصفت بالشقيقة اليمن:
أولاً… هل هي يقظة عربية – وإن تأخرت- تلك التي دعت إلى انطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة دول الخليج العربي ومصر وبمباركة غربية على خلفية الأحداث الجسام التي جرت في القطر اليمني العربي الشقيق، أم ماذا!؟.
ثانيا … وإزاء إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته التي ألقاها في القمة عن ترحيب بلاده بمشروع إنشاء قوة ردع عربية مشتركة مشددا على أن الوضع في اليمن “وصل حد النيل من أمننا العربي المشترك”، فهل ياترى أن الوضع العربي في ظل ممارسات الكيان الصهيوني واستمرار نهجه في الاحتلال وقضم الأراضي وتهويد المقدسات العربية والإسلامية كان وضعا آمنا مستقرا ولم ينل بسوء من أمننا العربي المشترك!؟.
ثالثاً … وإذا كانت “معاهدة الدفاع العربي المشترك” التي نوه عنها الدكتور نبيل العربي – الأمين العام للجامعة العربية – والتي يستند عليها التحالف بعملية عاصفة الحزم ما زالت على قيد الحياة، فأين كانت طوال سبعين عاما من عمر الجامعة العربية!؟، ولماذا لم يتم تفعيلها لإنقاذ ما تبقى من أرض فلسطين برغم مبادرة السلام العربية الشهيرة!؟.
رابعا … وإذا كانت مصلحة اليمن ووحدته وشرعية رئيسه هي التي دفعت أصحاب الجلالة والسيادة والفخامة والسمو مجددا عن معاهدة الدفاع المشترك والإعلان عن قرب تشكيل قوة عربية مشتركة، فلماذا تأخر رد الفعل العربي هذا برغم سيطرة الحوثيين على صنعاء لأشهر عديدة!؟، أم أن سقوط عدن كان إنذارا بأن النار اقتربت وأنه لم يعد في القوس من منزع، إذا ما أخذنا بالحسبان أهمية عدن الكبرى على المستوى الاستراتيجي بالنسبة لدول الخليج وغيرها من دول العالم، إذ يقع على بعد كيلو مترات من مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى قناة السويس المعبر الأهم من شرق العالم إلى غربه!؟.
وأجيبكم يا أصحاب الجلالة والسيادة والفخامة والسمو عن قناعة وتجربة مريرة معكم ومع من سبقكم في حكمنا وقيادة بلداننا: لا يا سادة، لن أقتنع بصدق خطوتكم تلك – وإن كنا تمنيناها طويلا جدا-، فهمتكم المفاجئة تلك لم تكن والله وتالله من أجل عيون الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي ولا دفاعا عن شرعيته و لا من أجل عيون اليمن وأبنائها، فلنا عبرة بما جرى لفلسطين وطول نكبتها، وما جرى ويجري في سوريا والعراق، وما جرى في السودان من انفصال جنوبه من حضن السودان الأم، بل هي المصالح وحدها ولغة المال و”البنزنس” التي دفعتكم إلى التنادي هكذا فجأة والدعوة لرص الصف للإعلان عن عاصفة الحزم وتشكيل قوة عربية مشتركة، وأكثر ما أخشاه … أنها كانت مجرد استشعار لخطر محدق وهبّة للدفاع عن مضيق باب المندب وتخليصه من هيمنة الحوثيين ومن يساندهم وما تعنيه تلك الهيمنة من ضرب المصالح العالمية التي تهدد تلك البواخر العملاقة الناقلة – التجارية والنفطية والعسكرية – التي تمخر عباب البحر الأحمر لتعبر قناة السويس وصولاً إلى أوربا شمالا وإلى الصين واليابان شرقا!؟.

ختاما أقول للقادة العرب…
إنني أتحداكم وأتحدى جامعتكم العربية أن يكون للقوة العربية المشتركة المنوي تشكيلها دورا في نصرة أبناء العروبة على امتداد رقعتنا الجغرافية، لا بل وأتحداكم جميعا أن يكون لكم شأن ما في تحجيم ممارسات العدو الصهيوني ومنعه من الاستمرار في سياسة تهويد ما تبقى من مدينة القدس … على أقل تقدير!!.

قال تعالى في محكم آياته: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ”. (الصف:2-3).
وإن غدا لناظره قريب.