في العالم صنفان من الديكتاتوريات ، ( عبقري وبليد ) ، وصاحبنا من الصنف الثاني وبامتياز ، وبرغم عدم وجوده في أيّ منصب رسمي حال حاضر عدى تزعمه حزب الدعوة ، لكنه ما زال يمسك خيوط الحكم المهمة في العراق كرئاسة الوزراء والقضاء والنزاهة و .. ( المال ) ، ولأن الشخصيات الموجودة الحكومة جلّها متلوثة بالفساد ومتورطة بالخراب ، فذاك يُفسر تمكن هذا الديكتاتور البليد من البلد ، فهو لم يواجههم طيلة فترة حكمه بالقضاء والمحاسبة ، بل بالتهديد والابتزاز الذي مازال قائماً إلى الآن وهو ما يفسر سكوت الأغلبية عن فكرة محاسبته كمسؤول عن خراب العراق.
نوري المالكي يمثل في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق العقدة التي تقف أمام الجميع ، من معارضيه ومؤيديه ، فمعارضوه يعتبروه من أسسس لثقافة الفساد ومنهجها بطريقة مرعبة داخل كيان الدولة العراقية. أما مؤيدوه فيرون في بقاءه تهديداً لنعمتهم التي أنعم المالكي بها عليهم ، ويدركون أنه بليدٌ لا تُحزر ردود أفعاله ، فلربما وفي لحظة تجلّي منه ، يعقد مؤتمراً صحفياً ويكشف كل رفاق دربه الذين سرقوا المال العراقي وتورطوا في زعزعة الحُكم ، نعم ، المالكي يملك قدرة كشف كل من اقترب منه واستفاد ، بالأسماء والأرقام.
..
الجماهير أصبحت على بوابات الخضراء ، بعضهم يتصوره مشهد فتح مكة ، وبعضهم يريد تصوره دخول برلين ، وبعضهم يتمنى أن ترجع هذه الجماهير من حيث أتت وتعود عجلة الساعة إلى ساعة قبل سقوط مدينة الموصل والتي تمثل ذروة استهتار الحكومة بدماء الشعب ، فيعيد حساباته.
..
من يفكر بقتل المالكي ؟
1* حزب الدعوة .. بتاريخه ورجالاته “حائرٌ” أمام سلوك وتعنت المالكي وتفرده بالقرارات ، والحزب يخسر كل يوم مع بقاء المالكي من رصيده الشعبي ، ويفكر بجدية بإعطاء كبش فداء عظيم لحفظ ما تبقى منه.
2* حيتان الفساد .. والذين تورطوا بالصفقات المشبوهة والدماء حفاظاً على كياناتهم المتورمة.
3* أحد أفراد العائلة أو العشيرة .. وهؤلاء بعكس توجه الفصيلين السابقين ، فهم يريدون منه إعاده مجده والرجوع إلى سدّة الحكم ، وإذا فكّر المالكي بقلب الطاولة فستنتهي سطوتهم وإمبراطورياتهم.
4* المؤسسة العسكرية .. إن تراكم الإهانات التي أصابت هذه المؤسسة قد تنتج قائداً ينتفض لكرامة العسكر ويستبق الجماهير بمحاولة القبض أو تصفية نوري المالكي باعتباره القائد العام السابق للقوات المسلحة.
..
نوري المالكي ، هو أتعس شخص عراقي في هذه الساعات ، فهو يترنح بين هذا كل هذه الوجوه ويتأملها في كل لحظة ، ويعلم علم اليقين بنواياهم ، وتشير المعلومات من داخل دائرته الضيقة بتغير سلوكه وبشكل يشبه آخر أيام الرئيس السابق صدام حسين ( ونيسان على الأبواب ! ) ، فهو يتوجس من كل حركة وصوت حواليه ، لكن بَلادته هي سرّ بقاءه ، هو لا يستسلم للخوف ، ولا يأخذ مشورة أحد ، ويتحرك في دائرة ضيقة جداً ولا يفكر بترك مقره. يبقى أمام المالكي حلّ واحد “ربما” يتوصل إليه في الساعات الأخيرة ، وهو لجوءه إلى الرئيس فؤاد معصوم لإعطاءه ضمانة شخصية للبقاء عليه أو تهريبه إلى منفى يختاره.
..
لو اقتحمت الجماهير الغاضبة أبواب الخضراء ، فإن أول بوصلة ستتجه نحوها هي مقر إقامة نوري المالكي ، وحينها سيعرف نوري المالكي بعدما بقى وحيداً في قصره .. بأن الوقت قد فات !
[email protected]