تتسّارع الاحداث بشكل دراماتيكي في العراق، على إثر الأنسحاب الأمريكي من الاراضي السورية ، وإعادة الانتشار العسكري في العراق، وسط رفض الأجنحة والأحزاب والميليشيات التابعة لايران ، والتي تنوي تقديم مشروع قرار للبرلمان، لإخراج القوات العسكرية الامريكية من العراق، وإلغاء الأتفاقية الامنية المعقودة بين نوري المالكي والأمريكان عام 2008،في وقت توضّحت الإستراتيجية الامريكية في العراق تماماً، وهي التخلّص من الميليشيات والاحزاب ،التابعة لولي الفقيه المرشد خامنئي باية صورة،وتحجّيم دورها نهائياً في المنطقة ،في حين تعتمد إيران بشكل أساسي في مواجهة الأمريكان ،على الفصائل المسلحة والحشد الشعبي التابع لها، والتي تأتمر بأوامرها مباشرة لتقاتل بالأنابة ،وهي (67) فصيلا وضعتهم أمريكا على لائحة التفكيك النهائي، وهذه هي الإستراتيجية الايرانية في إفشال المخطط الأمريكي، في اسقاط النظام الأيراني وتفكيك ميليشياته في المنطقة ،فكيف يتم تنفيذ الإستراتيجية الأمريكيّة في العراق، والوضع السياسي العراقي في أوج فشله والفساد في أعلى مستواه، والصراعات بين الاحزاب في قمة خلافاتها، على المناصب والمغانم في السلطة، والدليل مرور أكثر من سبعة أشهر على إنتهاء الإنتخابات، ولم تتشّكل حكومة توافقية ، نحن نقرأ السيناريو الأمريكي على أنه يسعى بشكل أساسي الى تفكّيك الميليشّيات وحلّها ،عن طريق الإغتيالات والإعتقالات والقصف لقادتها ، بعد إخراجها من مقراتها التي تسيّطر عليها ،وإغلاقها كمرحلة اولى، وسهولة الإجهاز عليها، والقائها في السجون لمحاكمتها، تماماً كما فعلت مع رموز النظام الوطني ،والضغط على حكومة عادل عبد المهدي، لتنفيذ جملة طلبات وقرارات أمريكية ابلغها وزير الخارجية بومبيو ،كلّها تصبُّ في طريقة إنهاء وتفكيك الميليشيات ، وقد أعطت الادارة الأمريكية مُهلّة شهر لحكومة المهدي وأبلغت قادة الفصائل بضرورة تنفيذ هذا القرار ،وإلإ فإن الادارة الامريكية امام خيارين لاثالث لهما، إما رفع الدعم الامريكي عن العراق، او مواجهة الميليشيات الرافضة للقرار مواجهة عسكرية،والإتفاقية الأمنية ،تسمح للجيش الامريكي التحرك وإعتقال كلُّ مَنْ يعترض سبيله ، وما تجوّال الجيش الامريكي في شوارع العراق ومدنه والانتشار السريع له والتحشيد الاسرع ، إلا لإستفزاز هذه الميليشيات التحرض او الاعتداء على القواعد العسكرية أو السفارة أو عناصر ومركبات الجيش ، لإيجاد تبرير مباشر لتنفيّذ خطتّها ومواجهة الفصائل بالقوة العسكرية، في حين تعمل ايران بكل ما وسعها،على أن تكون المعركة مع أمريكا ،داخل العراق وليس على أراضيها، بإستخدام أجنحتها وفصائلها العسكرية، وأذرعها الضاربة ككبش فداء لها، وهذا ما أفصحت عنه لقاءات وزير الخارجية ،محمد جواد ظريف ، حين إلتقى بقادة الفصائل وقادة الاحزاب ورؤساء العشائر، ورجال دين (سنّة وشيعة )كبار ومراجع في النجف ( ينخّاهم لنصرة ايران)، لتكون ارض العراق ساحة لمعركتها مع امريكا وقالها مباشرة للعالم ولأمريكا ظريف( سترحلون لأننا أصحاب هذه الأرض )، إذن إستراتيجية ايران جعل العراق ساحة حرب طويلة الامد ولايعرف نتائجها وسيدفع العراقيون ثمنها انهارا من الدم الطهور ،غير الدّم الذي دفعوه بعد الاحتلالين الامريكي والايراني ، ومازالوا يدفعون فاتورته تهجيراً ونزوحاً وإغتيالاً واعتقالاً والسجون دليل الناكرين، ولكن كيف ستواجه الادارة الامريكية الإستراتيجية الايرانية هذه، إن الإستراتيجية الأمريكية تجاه ايران تَمثّلت ، بإستراتيجّية (الإنهاك والتآكل البطيء)، التي تُغْنِي أمريكا عن المواجهة العسكرية، وكما نرى هذه مجسّدة تماماً في الحصار الاقتصادي الاقسى في التاريخ، ومنع تصدّير النفط الايراني للعالم ،حيث كانت إيران تصدر 7-8 برميل نفط يوميا ،والآن تصدّر مليون ونصف برميل يوميا، وبسعر بخس جداا،إضافة الى قطع الاستيراد والتصدير من وإليها لكافة الاجهزة والمعدات العسكرية بكل أنواعها، وترحيّل الشركات النفطية الكبرى عن ايران، وتوّقف جميع مشاريعها العسكرية والاقتصادية وغيرها ، وعزلها عن العالم تماماً، وتطبيق شعار من لم يكنْ معَنا فهو مع الخندق الايراني، ناهيك عن التحشدّات العسكرية والنووية في الخليج ، وتحريّك بوارج وحاملات طائرات نووية، لاتتحرّك إلاّ لتغيّير نظام ما ، في وقت تقوم الطائرات الاسرائيلية وبإيعاز ودعم وتواطؤ أمريكي مباشر، بقصف معسكرات ومقرات الحرس الثوري في داخل سوريا ،وتتهيأ لضرب مقرات الحشد والميليشيات ومعسكراته في العراق ،إذن نسأل هل ستواجه امريكا ايران وأذرعها في العراق ، الجواب يخضع لسؤال، وهل ستقاتل الفصائل والحشد الشعبي والميليشيات القوات الامريكية في العراق، بإعتقادنا ومن تجربتنا ومعرفتنا الدقيقة ،بقدرات ونوايا هؤلاء ،أنهم لن يستطيعوا مواجهة الامريكان في العراق على الاطلاق ، رغم كل التهديدات والتصريحات والإستعدادات والهمبلات والترغيب والترهيب للاخرين ، والدليل أن الطائرات ( المجهولة )، قامت بقصف أرتال الميليشيات ومقرات للحشد الشعبي ومعسكرات الفصائل المسلحة ،وإغتالت قادة فصائل وإعتقلت عشرات القادة منهم ، ولم يُحرّك أحد منهم ساكن ، بل ضلّلوا الشارع العراقي بما تقوم به القوات الامريكية من إنتشار في المدن والقواعد والمعسكرات ، وانزالات جوية وإعتقال عناصر خطرة، وإنشاء قواعد عسكرية جديدة ، وهكذا تنفي الأحزاب وقادة الميليشيات وحتى عادل عبد المهدي رئيس الوزراء أي تواجد أمريكي وانتشار في العراق، في حين يرى المواطن العراقي بأم عينه، القوات الامريكية تتجّول في شوارع ومدن وأقضية العراق، نعتقد أن نسبة نجاح اعتماد إيران على أذرعها في العراق معدومة تماماً ،للرفض الشعبي الواسع للسياسة الايرانية، والتواجد الإيراني في العراق لدى الشيعة قبل السّنة، ورفض شرائح واسعة من شعب العراق القتال مع الميليشيات والاحزاب مع ايران ضد أمريكا، في حين رحّبتْ الكتل السنّية والحركات المشاركة في الحكومة والبرلمان بالقوات الامريكية، ورحبّت أغلب مدن العراق ،بإعادة انتشار القوات الامريكية لتخليصها من الجرائم والتهجير والقتل والاعتقال والترهيب،(( ورفضت طلب الميليشيات والاحزاب الانخراط في قوات وميليشيات مسلحة ،أنشئت لغرض قتال الامريكان في المدن السنّية)) ،التي تمارسه عناصر بإسم الحشد الشعبي والميليشيات ، وقد فضح أفعالهم وجرائمهم نواب الموصل ،وأمام عادل عبد المهدي رئيس الوزراء وشاهدها العالم كله، وهذا ما يؤكد أن السيناريو الامريكي، نسبة نجاحه أعلى في النجاح، وهزيمة المشروع الايراني في العراق،والمتمّثل بالفصائل والميليشيات الطائفية والاحزاب التابعة لها، إذن في رؤية المشهد السياسي والعسكرية ، تسير الاوضاع نحو المواجهة العسكرية مع الأمريكان ،للفصائل والميليشيات ،التي ستسلم سلاحها في أول مواجهة مع الامريكان ،لأنها ستبقى وحيدة في الشارع العراقي، الذي تخّلى عنها ولم يعدْ حاضنة لها ، تماماً كما هزم تنظيم داعش الإرهابي ،في الانبار والموصل وصلاح الدين وكركوك ، حين خسر حاضنته وبيئته ،ولكن ماذا بعد أن تسلم الميليشيات والأحزاب والحشد أسلحتهم.؟ ،وهو قرار أمريكي لارجعة عنه ، تنتقل الادارة الامريكية الى الاراضي الايرانية كمحطة اخيرة بعد ان تفشل كل المحاولات والاجراءات الاقتصادية الى الفعل العسكري، وهي قد هيأت مستلزمات إنهاك الجانب الايراني، بحصار طويل وقاس، وتواجه انهيار اقتصادي مريع ، ودعم لا محدود للمعارضة الايرانية في الخارج لتُجهِز على النظام ،وتطبّق السيناريو الأمريكي على العراق في عام 2003، وهو ما تسعى له ليست أمريكا وحدها ،وإنمّا كل الدول الاوروبية والعربية، وكان آخر تصريح للوزير البريطاني اليستر بيرت لشؤون الشرق الاوسط وأفريقيا ،وهو الأهم والأخطر ،حين نصح وحذرالاحزاب والفصائل والميليشيات العراقية قائلا( أن ايران ستتخلى عنكم في اول مواجهة لكم مع الامريكان ) ، معتمداً على تصريح الرئيس الايراني حسن روحاني قبل اشهر( ان ايران غير مسئولة عن الفصائل التي تقاتل في سورية وايران وانها من يتحمل المسئولية )، هكذا هي مواقف الدول ،حين تتّخلى عن عملائها ،والأدلة والامثلة كثيرة جداً ،فمَن يتعّظ منهم، أم يبقون لعبة، بيد إيران وحكّامها وملاليها ككبش فداء ، ويواجهون أمريكا في العراق، أجزم أنهم سيرتكبون الحماقة ويدفعوا ثمنها غالياً…