انها كلمات حائرة و مواقف مذهولة تقف في مفترق طرق أمام الحزب الشيوعي
لقد طال سبات الحزب الشيوعي و امتدت غيبوبته
و قد يصف البعض غيابه المؤثر عن المشهد بانه الموت السريري
و قد ينطبق عليه الوصف إن حضر لايُعد و إن غاب لا يُفتقد
…. لم يكن سبب هذا الغياب هو في شحة مقراته او قلة عناصره المتبجحين بالايمان به و المستبسلين من اجله
و لم يكن في ندرة اليافطات التي ترفرف على واجهاته او الاعلانات التي تنتشر على جدران مقراته و في ثنايا ممراته انما في ابتعاده عن التواصل الفاعل مع شرائح المجتمع و الطريقة البدائية في تعاطيه مع الاحداث و المستوى المتدني في تقديمه للبدائل بل عدم تقديمه اي شيء في احيان كثيرة
لذا أتوجه الى المخلصين منه بان يستغل الحزب الشيوعي الفرصة الذهبية التي منحتها له الاحزاب الاسلاموية (مجانا) حينما جعلت الحياة في العراق بائسة مظلمة سوداء بسبب افعالهم العدوانية لكل ما يمت للانسانية حينما مسخوا كل شيء جميل و قضوا على كل فرحة كانت تعلو وجه الامهات و كل ابتسامة كانت تطل على جبين الاطفال
على الحزب الشيوعي ان لايقف متفرجا ليبكي على الاطلال
او يندب حظ العراقيين العاثر بقصائد شعرية من هنا و هناك او كلمات وطنية متفرقة او عمود نثر في صحيفة او يعيش احلام اليقظة او يستذكر الايام الجميلة التي ذهبت الى غير رجعة !
….. على الحزب الشيوعي ان يستغل الايام القادمة من الاشهر القلائل قبل معركة الانتخابات و التي تمر مر السحاب ليعرض برنامجا مفصلا عن دوره القادم بانقاذ العراق و الخطوات اللازمة و المرجوّة لاعادة نبض الحياة الذي تلاشى و ان يتعهد في إنجاح البرنامج المتكامل في غضون ستة اشهر و لا اقول ان تلك الستة اشهر كافية و لكنها يجب ان تكون مؤشرا واضحا لتحقيق الخطوات التالية في البرنامج
و ان يكتب البرنامج رجال خَبَرتهم الحياة و صَقلتهم التجربة و هم على درجة من العلم و الحكمة و بُعد النظر و ان يكونوا على مستوى رفيع من نقاء الروح و العقل و الضمير و ان يترفعوا عن الذات و الانا … ليسموا و يرتقوا من اجل مصلحة العراق و العراق لا غير
…… على الحزب الشيوعي ان يعقد الندوات في الهواء الطلق في الساحات و على شواطيء دجلة و الفرات و في الدواوين و المضايف و حافات الانهار و الاهوار و ان يعقد الامسيات الجميلة ليخرج من انزوائه و انطوائيته لتتلاقح افكاره مع الافكار الاخرى و الآراء ووجهات النظر و ان يترك التباري الفلسفي السطحي و سرد القصص الخيالية التي تبالغ في الوصف الهلامي الوهمي و ان ينطلق بخطوات عملية و علمية و ان يتجاوز الروح البرجوازية في التعالي على بسطاء المجتمع و التي كان نتيجتها ان جعلته حبيس جدران لمقرات رثة قد اغتصبها كما اغتصب غيره مقراتهم لينشغل في تسويق التبريرات الكاذبة بانه يدفع بدلات الايجارات السنوية و كأن مهمته و هدفه الاساسي هو الخوض في هذه الترّهات و كأن الحزب كان قد وُجِد ليختبيء وراء اشخاص و اسماء و عناوين و بقايا جدران و كان نتيجتها ايضا ان يتسلق هامات القمة الاقزام من دعاة التخلف من المرجفين اصحاب الدعوات الدينية الضالة في كافة الميادين ليندثر مجد الحزب الشيوعي و يتوارى سنام تاريخه عن الانظار خجلا و ليكون الحزب الشيوعي منبوذا من قبل الكثيرين بعد انحسار رونق أصالته و الدليل على ذلك خسارته قصب السبق و فقدانه مبادرة اللحاق بركب الاخرين و تركه المجال مفتوحا لكل من هبّ و دبّ و كانت النتيجة ان الشعب العراقي و الحزب الشيوعي قد غرقوا و ضاعوا و تاهوا ووووو …. ووصل الحال بالحزب الشيوعي ان يلقي المسؤولية على الشعب … و على القدر … و على الزمان … و على تلك الدولة … و على ذلك الحزب … و ذلك المعمم … و نسى و تناسى ان الحزب هو الذي يتحمل كامل المسؤولية في توجيه و انقاذ المجتمع من التيه و الاراجيف و الضلال و هو الذي يخلق المستحيل و يُوجِد الفرص و هذا ما تعلمناه منه و عهدناه عنه
…. كان الحزب الشيوعي هو الملاذ الذي يستقطب الشباب الطامح الى الوطن الحر ليُحقق أطروحة الشعب السعيد بينما نجد اليوم ان الشعوذة و الدجل و الاباطيل هي التي تستحوذ على عقول و قلوب الشباب و نحن في مطلع الالفية الثالثة مما يدعونا الى تشخيص الخلل و تحليل الواقع لنصل الى ان هنالك تقصيرا واضحا في الحزب في هيكله و هيكليته و خطواته و برامجه و افكاره التي باتت تبتعد يوما بعد آخر عن توجهات الشباب
نرجع لنقول انها الفرصة الاخيرة للحزب الشيوعي
و انها الفرصة الاخيرة للشعب العراقي و ان يبتعد الحزب عن المحاباة و عن عدوى المحاصصة في الانتخابات المحلية و المركزية و عن عبادة الاشخاص
و علينا ان نطمئن و نتفاءل فان المثل الفرنسي يقول: أن تأتي الامور متأخرة خيرٌ مِن أن لا تأتي أبداً ، شريطة ان نبدأ بخطوات حثيثة متتابعة مدروسة و هادفة
لقد انغمست الاحزاب الاسلاموية في الرذيلة الى الحد الذي يعجز فيه المجتمع من تحرير نفسه اذا تخلت عنه الاحزاب الشريفة و المخلصة
…… ان الحزب الشيوعي اذا وقف عاجزا في هذه المرحلة عن الاضطلاع بدوره فحريٌ به ان يغلق ابوابه و يستسلم سيما ان الحلول المطروحة في الافق القريب هي الانقضاض على المسار الانتخابي الديمقراطي بالرغم من شكليته الفاقعة و اللجوء الى (بيان رقم واحد) فانه هو الكفيل بتخليص العراق بعدما عجز الجميع و حينها سيخسر الحزب الشيوعي فرصته الوحيدة … و الى الابد