23 ديسمبر، 2024 2:28 م

هل سيتجرّع خامنئي كأس السم في سوريا كما تجرعه الخميني في العراق ؟

هل سيتجرّع خامنئي كأس السم في سوريا كما تجرعه الخميني في العراق ؟

قبل ثلاثة أيام تطرقنا لموضوع بوادر هزيمة وهروب الدب الروسي من المستنقع السوري , المشابه إلى حد كبير للمستنقع الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي قبل تفكك الاتحاد السوفيتي , لكن اليوم نود أن نتطرق عن التفاؤل المشوب بالحذر حول قرب التوصل لتفاهم إقليمي ودولي لإنهاء الحرب الأهلية – الإقليمية – العالمية , الدائرة منذ أكثر من خمس سنوات في سورية , والتي تعتبر بكل المقاييس أطول من فترة الحرب العالمية الأولى , ولكنها بطبيعة الحال ليست أطول من الحرب الإيرانية الخمينية على العراق , التي دامت أكثر من ثمان سنوات .

كمتابع وكقارئ متواضع للمشهد وللأحداث التي عصفت وتعصف بمنطقة الشرق الأوسط , وبغض النظر عن مصالح وتكالب الدول العظمى والأقليمية خاصة تركيا قبل 2003 , وإيران منذ سقوط دولة الخلافة العربية والإسلامية وحتى الخلافة العثمانية , أرى أن الروس أو روسيا الإتحادية وبخبث صهيوني أمريكي منقطع النظير وبدهاء فارسي صفوي غير مسبوق , بما لا يقبل الشك تم استدراجهم وجرهم وتوريطهم في هذه الحرب الأهلية ,الدائرة  ليس كقوة عظمى تقف موقف محايد نزيه لحل الأزمة السياسية في سوريا بشكل عادل ومنصف , لوقف حمام الدم في هذا البلد المنكوب الذي ارتكب جلاديه على مدى أكثر من أربعة عقود جرائم لم يرتكبها حتى الكيان الصهيوني في فلسطين , والأمثلة كثيرة والمجازر لا تعد ولا تحصى منذ أن تولى أبو بشار حافظ الأسد الحكم وحتى يومنا هذا .

الادارة الروسية لم تتورط في هذه الحرب وتستنسف اقتصادياً وعسكرياً , وتكشف أوراقها وخططها العسكرية أمام المتربصين بها , وتستعرض قوتها وعضلاتها وأسلحتها الجديدة التي وصل عددها إلى 160 نوع جديد من الأسلحة الحديثة فقط , التي دخلت الخدمة بفضل تدخلها العسكري المباشر في الأزمة السورية حسب تصريحاتهم هم !, بل أعطاها هذا التدخل فرصة ذهبية ثانية بعد حربها الخاطفة في أوكرانيا وجورجيا !, لتكون ساحة تجارب حقيقية لهذه الأسلحة الحديثة .. !, ولم يكتفوا أعدائها بذلك .. بل حولوها الأمريكان والإيرانيون ( الملالي ) والإسرائيليون الصهاينة .. إلى عدو لدود رابع للعرب والمسلمين , بعد أن كانوا حلفاء ومناصرين للقضايا العربية منذ خمسينات القرن الماضي , وكيف أوقف الاتحاد السوفيتي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 , عندما هدد وتوعد الراحل ” نيكيتا خروتشوف ” فرنسا وبريطانيا وإسرائيل بوقف العدوان فوراً على مصر … وإلا ستدك صواريخنا عواصمكم … لندن وباريس وتل أبيب .. هكذا كان موقف الاتحاد السوفيتي آنذاك بالرغم من أنه أول من أعترف بالكيان الصهيوني عام 1947, لكن .. في المقابل كان هناك قادة وزعماء عرب بغض النظر عن كل ما ارتكبوه من أخطاء وكوارث بحق شعوبهم , لكنهم كانوا محط ثقة وجديرين بالاحترام من قبل  جميع قادة وزعماء الاتحاد السوفيتي .. كالراحل جمال عبد الناصر وقادة وزعماء العراق منذ عام 1958وحتى 2003 , بالإضافة للرئيس الليبي واليمني وغيرهم .
نعتقد بأن روسيا الاتحادية وزعيمها فلادمير بوتين قد فهم الدرس واللعبة جيداً , بالضبط كما هو الزعيم التركي رجب طيب أردوغان خاصة بعد اسقاط الطائرة الروسية من قبل طيارين موالين لفتح الله غولن , وكذلك بعد المحاولة الإنقلابية الفاشلة , بالرغم من أن تركيا لم ترتكب أي جريمة بحق شعوب المنطقة , ما عدا قتالها ودفاعها المشروع عن النفس مع منظمة حزب العمال الكردية الإرهابية الــ بككه, وكما أشرنا في مقال سابق أراد وحاول وما زال يحاول الثلاثي المشؤوم ( أمريكا , إيران , إسرائيل ) توريط الطرفين بنزاع مسلح لا يمكن التنبؤ بنتائجه الكارثية وعواقبه الوخيمة لا قدر الله في حال نشوبه بين الدولتين القويتين , وبحمد الله وبفضل عبقرية وذكاء الزعيمين الروسي والتركي تم تجاوز المحنة والأزمة وخاب فأل ومخطط الحلف الثلاثي السري الخبيث , بل رب ضارة نافعة , على أثر ذلك تم فتح صفحة جديدة بينهما , وفتح كلٌ منهما ذراعيه  للآخر , من أجل التعاون المثمر والبناء في جميع المجالات وعلى رأسها الجانب الاقتصادي , بعد أن صرحوا رسمياً بأن التبادل التجاري والإستثمارات بين تركيا وروسيا سيصل ربما إلى أكثر من مئة مليار دولار العام القادم .. أي 2017 .

بالعودة لصلب الموضوع .. نعتقد أيضاً بأن التقارب والتفاهم التركي الروسي أدى في نهاية المطاف وخاصة بعد إغتيال السفير الروسي في أنقرة , وسقوط الطائرة الروسية قبل بضعة أيام  في البحر الأسود , إلى ظهور بوادر حل حقيقي , لوقف نزيف الدم والحرب العبثية المستعرة في سورية التي تورطت فيها عدة أطراف على رأسها روسيا , من خلال تفاهم واتفاق وتقديم تنازلات وضمانات روسية تركية بحضور جميع الاطراف المتنازعة والداعمة والمغذية والمؤججة لهذا الصراع الطائفي كما هي يران والنظام السوري نفسه , الذي حاول ويحاول رهن وبيع سوريا بالكامل لكائن من كان مقابل البقاء في السلطة ووئد ثورة الشعب السوري بكل الطرق والوسائل الخسيسة , وأن بوادر هذا الاتفاق لوقف كافة العمليات القتالية في جميع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الوطنية السورية أي ” الجيش الحر” , وكذلك المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري المدعومة من قبل المليشيات المتنوعة ( عراقية وباكستانية وأفغانية وهندية ) والمدعومة والمأتمرة بأوامر إيران ووليها الفقيه الخامنئي وقائد حرسه الثوري قاسم سليماني , سيكون بداية لوضع حد للتدخل والنفوذ الإيراني ومليشياته ليس فقط في سوريا … ولكن بما لا يقبل اللبس أيضاً وفي المستقبل القريب للنفوذ الإيراني في اليمن الذي شارفت الحرب بعون الله أن تضع أوزارها , بعد أن حققت حكومة الشرعية والتحالف العربي انتصارات ساحقة على أتباع إيران الحوثيون وعلي فلول علي عبد الله صالح , وفي الأثر بعون الله لبنان , 
وفي نهاية المطاف عاجلاً أم آجلاً نهاية المشروع الفارسي وقبره إلى الأبد في العراق , وبقوة الله وهمة الأحرار والشرفاء وتظافر الجهود العربية الإسلامية وعلى رأسها تركيا بعد أن أقنعت روسيا بأن الرهان على بشار الأسد كما هو الرهان على حصان خاسر , وبضاعة أصبحت أكسباير , وكذلك الحال مع إيران .. لأنها لا تمثل هي ومن معها ممن غرر بهم من الشيعة العرب لا وجود ولا ثقل لهم ولا تأثير يذكر على الساحتين العربية والإسلامية , لأنهم لا يشكلون بين جميع العرب والمسلمين نسبة لا تتجازو الـ 10% !, ولهذا نرى اليوم اللهجة التركية الروسية قوية جداً , والعصا لمن عصا غليضة , وقراءة ما بين السطور واضحة حتى لمن أصيبوا بمرض الطائفية العضال , ومن يحاول اللعب على الوقت , أو يحاول إفشال هذا الاتفاق التاريخي سيتحمل المسؤولية كاملة , وسيكون الخاسر الأكبر , وسيخرج من المعادلة الإقليمية كمن يخرج من المولد بدون حمص !؟. 
من خلال ما تقدم يبدو أيضاً بأن تاريخ الخميني في حربه واصراره وتعنته على استمرار الحرب والخراب والدمار وقتل وإبادة شباب إيران والعراق على مدى ثمان سنوات قد أعاد نفسه تماماً , عندما انصاع واستجاب في نهاية المطاف للأمر الواقع وتجرع كأس السم الزعاف على حد وصفه هو .. !, ووافق بعد أن خارت قواه ووهن عظمه على وقف الحرب المجنونة , ويبدو كذلك أن سلفه آية الله  ” الخامنئي ” بالأثر وسيتجرع هو الآخر كأس السم الزعاف السوري .. وسيليه كأس السم اليمني , وسيليه  كأس السم اللبناني .. ولا محالة سيليهما كأس السم الثاني العراقي … والأيام بيننا 
وللحديــــــــــــــــــــــث بقيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة إن شاء الله