سؤال غريب لكن الواقع المتأجج يؤكد على أننا ربما فقدنا قدرات ومهارات العيش المشترك , الذي يحافظ على كرامتنا ووعاء وجودنا الوطني.
فلو كنا نعرف كيف نعيش لما أصابنا الذي أصابنا , وتهلهل تماسكنا , وأغفلنا الفرص المتواكبة إلينا , وتكبلنا بمضادات الحياة والعيش الكريم.
فنحن وبلا إستثناء تغيب عنّا مهارات العيش الوطني السعيد!!
فلا يمكن تفسير ما جرى ويجري إلا بفقدان مهارات تحقيق العيش المجتمعي الكريم المعاصر , الذي يحقق مصالح الجميع في أرجاء الوطن.
فالعيش الوطني المشترك مهارة حضارية تتربى عليها الشعوب وتمارسها وتتوارثها عبر الأجيال , ونحن من المجتمعات التي تعلمتها وتواصلت معها , وجسدتها على مدى العصور , وهناك توجهات وطاقات تسعى لخلعها وتشويهها ومحقها , لكي تدمر الوطن وتسبي العباد , ويبدو أن الكثيرين من المتوهمين والمغرر بهم , قد أسهموا في هذا التوجه اللاحضاري واللاإنساني الذي يأتي أكُله في الواقع المرير.
فنحن من المفروض أن نُبهر الدنيا بمهاراتنا التعايشية الحضارية , وتواشجاتنا الإنسانية , لأننا قد ترعرعنا في فضاءات تنوعية , ولدينا قدرات التواصل والإنجذاب لما هو صالح ونافع لبلادنا ومجتمعنا , ولا يمكن لعارف بطبيعة مسيرتنا الحضارية , أن يصدّق ما يراه ويسمعه ويعيشه من تفاعلات سلبية وتداعيات مأساوية فادحة الأضرار.
فنحن أخوة وأحبة وأبناء حمية وغيرة وطنية وإنسانية معروفة , وما يجري على أرضنا لا يتفق وأبسط قيمنا ومعايير سلوكنا المتداولة على مر القرون , وسارت عليه ركائب الأجيال تباعا.
فهل تناسينا مهارات العيش والتعايش الوطني , وهل أن التوجهات التدميرية أخذت تعبّد طرقات الخيبات والتناحرات والفرقة , وتعلي مساهمات التضاغن والتشانن والتلاحي في بلادٍ حضارية إنسانية معرفية ثقافية ذات مدارس فكرية متنوعة , ومنابر علمية وإجتهادية منيرة متوهجة بالأصالة والإبداع الجليل؟!
يبدو وكأننا بحاجة لمراجعة جادة وحاسمة لما يدور في أيامنا من تفاعلات تتقاطع مع طبيعتنا , ومنهجنا الوطني التعايشي الصالح للحياة والأجيال , وعلينا أن ننهض بشجاعة وإقدام لترسيخ قيم ومبادئ الحياة الكريمة الحرة المشتركة , ونسترد مهارت العيش وصناعة المستقبل السعيد.
فالمجتمعات الحضارية لا يليق بها التشظي والتنافر والتصارع الإنقراضي الفتاك , فهل سنستعيد جوهرنا الإنساني القيمي , ونتمسك بالوطن والمواطنة الأصيلة الطيبة السمحاء؟!!