دعونا اليوم نترك زوايا السياسة، ونعرج بعيداً عن دهاءها، ونصفح بطولات من حفظوا الأرض والعرض، حيث ابطالاً تركوا الغالي والنفيس وباعوا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله والوطن، هم رجال الله في الميدان.
بينما يتحرك ببطيء شديد، وهو يقترب من مفخخة زرعت على طريق صناعة الحياة، وكأنه يعزف على أوتار من ريح، وبدقة ومهارة عاليتين، عيناه عينا صقر تتلفت يمينا ويسارا، يغرس فأسه في الارض، ويتنقل بين الادغال باحثاً عن فريسة أخرى، وبعد لحظات تأمل وترقب يعطي ايعازه، “ماكو شي امشوا”.
هكذا هي الاعمال اليومية للمجاهد “أبو زينب”، الذي يعمل منتسب في فصيل معالجة المتفجرات في قوات الحشد الشعبي، الذين يشاركون في وحدة المصير، فأما العيش بكرامة او الموت بشهادة، أبو زينب الذي يعمل برفقة سبعة من الابطال، يقول: وهل يتردد المرء في الذود عن الإسلام والوطن؟
أمسي يعرف زوايا مناطق الوغى كراحة يده، ذات يوم يسير ويده موسومة بحقنة “كانولة”، وبات على وجهه صفرة، تدلل على انه خرج للتو من المستشفى، ومازال ظهرة مدججاً بالشظايا.
يروي من كان معه: ذات مرة كنا نتقدم، طلب الابتعاد قليلاً، بعد ان وصلنا لمنزل يقول انه مفخخ، وكأنه يشم رائحة الموت عن بعد، مرت لحظات فلوح لنا بيده، انتهى الامر، يقول: كان المنزل مفخخاً بمادة (C4 وTNT )، انه يحمل روحه على راحته!
أبو زينب أصيب مرتين، الأولى بعد ان تمكن من تأمين طريق لقوات اتجهت لتحرير جرف الصخر، لكنه لم تصبه عبوة ولا مفخخة، لما يتمتع به من اتقان لعمله، بل أصابه قناص خبيث! لم يستطع الأطباء إخراجه، يقول أبو زينب مازحاً: اريد ان احتفظ به للذكرى.
الإصابة الثانية: لم يكن هو سببها ايضاً، فبعد تحريرهم احدى المناطق وبينما هو وفريقه يفككون المنازل المفخخة، جلس أحد من معه متعباً على كرسي كانت تحته عبوة ناسفة، انفجرت، أصيب على أثرها بشظايا في الظهر.
خلاصة القول: أبو زينب ورفاقه صفحة من صفحات البطولة، التي يخوضها ابطال العراق مع مرتزقة داعش، وربما هي قطرة في بحر الشجاعة التي يتمتع بها اولائك الابطال.سلام.