برفسور سابق في الترجمة الإعلامية/جامعة محمد الخامس/جامعة عجمان /الامارات
في بريطانيا في انتخابات 2024 مني حزب المحافظين بهزيمة نكراء بزعامة ريشي سوناك( بريطاني من أصول هندية) المعروف بمواقفه غير المشرفة تجاه الحرب في غزة وهذه الخسارة لم يشهدها الحزب في تاريخه قط من هذه المواقف ان زعيمه سعى للطعن والتشكيك في سلطة المحكمة الدولية(ICC ) لمنعها من اصدار مذكرات اعتقال لنتنياهو واعوانه بسبب جرائم الحرب ضد الشغب الفلسطيني . اما الفائز في تلك الانتخابات فكان حزب العمال حيث فاز بأغلبية ساحقة برئاسة كير ستارمر(من اسرة بريطانية عريقة ) . كان من بين الأسباب وعلى الأرجح -برأي المراقبين- هو الميل السلبي او النفور المتأصل عند البريطانيين من غير المهاجرين والمواقف غير المشرفة لحزب المحافظين هو من كان وراء خسارة حزب سوناك.
لابد لنا من التذكيرهنا أن الهجرة والتهجير بفعل الحروب والكواراث الأخرى كالكوارث الطبيعية أدت الى بروز قدرات ومهارات أولاد واحفاد االملونيين وتفردهم وتفوقهم في مجالات حيوية عدة في دول غير دولهم بنسب لايستهان بها وأصبحت دول اللجوء تعول عليهم كثيرا كما تزامن مع هذا أيضا ظهور ميل خفي “تظاهري” او ربما غريزي لدى بعض الفئات السياسية وخاصة اليمينية المتطرفة من أهالي البلاد الاصليين ميل للوقوف ضد أولاد واحفاد هؤلاء القادمين الجدد”الغرباء” ومحاربتهم بالرغم من تملق وانتهازية احفاد المهاجرين. ومن الملفت ان بعض هؤلاء تولوا مناصب حساسة في الدول المضيفة الجديدة وذلك في سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية كما تفوقوا في مجالات العلوم والفنون والتكنولوجيا والرياضة والموسيقا والكثير من الميادين الاخرى. واصبحوا مكونا أساسيا من مكونات هذه الميادين لايمكن الاستغناء عنه. ولكن بقي ذلك الشعور الخفي. ولكن أيضا مع ذلك ظلواغير جديرة بالثقة
وكانت النتيجة معروفة جيدا للمراقبين ويذكر ان حزب المحافظين لم يحسن التعامل مع قضايا أساسية كالهجرة واروبا والوقوف مع نضالات الشعوب والأمم المضطهدة. وفي الفترة الأخيرة حكم البلاد لمدة 14 سنة ( 2010-2024) وخلال تلك الفترة اخرج الحزب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوربي بما يسمى ب ( Brexit) بعد اجراء استفتاء شعبي عام. وأعاد توجيه المهاجرين اليه الى روندا في افريقيا. ولكن الحزب فشل في اختيار زعيم مناسب يلقى قبول عند اهل البلد.
ولابد من الإشارة الى ان انكار التمييز العنصري وانكارالتحيز ضد الاخر اصبح احيانا في كثير من دول الغرب ظاهريا مقياسا للتحضر وابتعادا عن القيم الموروثة واتسقا مع المدنية ولكن غريزا لا تزال اثاره باقية كما نراه واضحا في دول اوربا الغربية بشكل خاص على يد اليمين المتطرف الذي بدأ يتفوق بفضل مواطنيه الأصليين على منافسيه السياسيين في الانتخابات التي جرت وتجرى حاليا. وصح المثل العربي البدوي القائل ” الي به به”.
والذي حصل لريشي سوناك الذي لم يمض فترة طويلة في منصب رئيس وزراء بريطانيا حصل أيضا ل” حمزة يوسف” – مسلم من أصول هندية- الوزير الأول لحكومة الائتلاف في اسكوتلاند وزعيم الحزب الوطني الاسكوتلاندي(SNP ) بعد خلافه مع شريكه في الائتلاف حزب الخضر حول الانبعاثات الكاربونية ومن ثم استقالته والامثلة كثيرة على ذلك.
أ يعود كل هذا الى اختلاف الثقافات او صعوبة التخلي عن مباديء الأجداد والاسلاف في البلد المضيف رغم التظاهر والزعم بعدم امتلاك و هيمنة ذلك الشعور؟ أ يغود الى عدم القدرة على التحمل ان ينقاد البلد من طرف اشخاص من ثقافات أخرى؟ أوأ يعود الى مخافة هيمنة ثقافة الحاكم على البلد ومحاربة الثقافات الاصلية؟ او كدليلعلى غدم قدرة الأهالي الأصليين على إدارة بلدهم وعدم قدرتهم على الحفاظ على كبريئهم وكرامتهم؟
كل هذه الأسئلة وغيرها قد تدور في عقل الناخب الغربي قبل الانتخابات وبعدها ….وكل الإجابات قد توجهه نحو انتخاب واختيار ابن البلد ” المنتج الوطني” والحيدان عن ” الدخلاء” الغرباء رغم ديمقراطية بريطانيا العريقة. قد يكون هذا طبع انساني ولكن الادعاء بخلاف ذلك كذب واضح ومثلمة ومنقصة الا ما ندر.
كل ها يوحي ان ما يجري قي غزة وعدم حسن التعامل مع الجيران وكذلك مسألة الهجرة لايمكن ان يستثنى من مؤثرات مجريات الاحداث الداخلية والخارجية وإعادة توجيهها وتصبح دلائل على فشل بعض السياسيين في إدارة أمور البلاد.
هل سلمت انتخابات بريطانيا من أثار حرب غزة؟
Britain Elections Revisited
أ.د عبودي جواد حسنِ
برفسور سابق في الترجمة الإعلامية/جامعة محمد الخامس/جامعة عجمان /الامارات
في بريطانيا في انتخابات 2024 مني حزب المحافظين بهزيمة نكراء بزعامة ريشي سوناك( بريطاني من أصول هندية) المعروف بمواقفه غير المشرفة تجاه الحرب في غزة وهذه الخسارة لم يشهدها الحزب في تاريخه قط من هذه المواقف ان زعيمه سعى للطعن والتشكيك في سلطة المحكمة الدولية(ICC ) لمنعها من اصدار مذكرات اعتقال لنتنياهو واعوانه بسبب جرائم الحرب ضد الشغب الفلسطيني . اما الفائز في تلك الانتخابات فكان حزب العمال حيث فاز بأغلبية ساحقة برئاسة كير ستارمر(من اسرة بريطانية عريقة ) . كان من بين الأسباب وعلى الأرجح -برأي المراقبين- هو الميل السلبي او النفور المتأصل عند البريطانيين من غير المهاجرين والمواقف غير المشرفة لحزب المحافظين هو من كان وراء خسارة حزب سوناك.
لابد لنا من التذكيرهنا أن الهجرة والتهجير بفعل الحروب والكواراث الأخرى كالكوارث الطبيعية أدت الى بروز قدرات ومهارات أولاد واحفاد االملونيين وتفردهم وتفوقهم في مجالات حيوية عدة في دول غير دولهم بنسب لايستهان بها وأصبحت دول اللجوء تعول عليهم كثيرا كما تزامن مع هذا أيضا ظهور ميل خفي “تظاهري” او ربما غريزي لدى بعض الفئات السياسية وخاصة اليمينية المتطرفة من أهالي البلاد الاصليين ميل للوقوف ضد أولاد واحفاد هؤلاء القادمين الجدد”الغرباء” ومحاربتهم بالرغم من تملق وانتهازية احفاد المهاجرين. ومن الملفت ان بعض هؤلاء تولوا مناصب حساسة في الدول المضيفة الجديدة وذلك في سلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية كما تفوقوا في مجالات العلوم والفنون والتكنولوجيا والرياضة والموسيقا والكثير من الميادين الاخرى. واصبحوا مكونا أساسيا من مكونات هذه الميادين لايمكن الاستغناء عنه. ولكن بقي ذلك الشعور الخفي. ولكن أيضا مع ذلك ظلواغير جديرة بالثقة
وكانت النتيجة معروفة جيدا للمراقبين ويذكر ان حزب المحافظين لم يحسن التعامل مع قضايا أساسية كالهجرة واروبا والوقوف مع نضالات الشعوب والأمم المضطهدة. وفي الفترة الأخيرة حكم البلاد لمدة 14 سنة ( 2010-2024) وخلال تلك الفترة اخرج الحزب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوربي بما يسمى ب ( Brexit) بعد اجراء استفتاء شعبي عام. وأعاد توجيه المهاجرين اليه الى روندا في افريقيا. ولكن الحزب فشل في اختيار زعيم مناسب يلقى قبول عند اهل البلد.
ولابد من الإشارة الى ان انكار التمييز العنصري وانكارالتحيز ضد الاخر اصبح احيانا في كثير من دول الغرب ظاهريا مقياسا للتحضر وابتعادا عن القيم الموروثة واتسقا مع المدنية ولكن غريزا لا تزال اثاره باقية كما نراه واضحا في دول اوربا الغربية بشكل خاص على يد اليمين المتطرف الذي بدأ يتفوق بفضل مواطنيه الأصليين على منافسيه السياسيين في الانتخابات التي جرت وتجرى حاليا. وصح المثل العربي البدوي القائل ” الي به به”.
والذي حصل لريشي سوناك الذي لم يمض فترة طويلة في منصب رئيس وزراء بريطانيا حصل أيضا ل” حمزة يوسف” – مسلم من أصول هندية- الوزير الأول لحكومة الائتلاف في اسكوتلاند وزعيم الحزب الوطني الاسكوتلاندي(SNP ) بعد خلافه مع شريكه في الائتلاف حزب الخضر حول الانبعاثات الكاربونية ومن ثم استقالته والامثلة كثيرة على ذلك.
أ يعود كل هذا الى اختلاف الثقافات او صعوبة التخلي عن مباديء الأجداد والاسلاف في البلد المضيف رغم التظاهر والزعم بعدم امتلاك و هيمنة ذلك الشعور؟ أ يغود الى عدم القدرة على التحمل ان ينقاد البلد من طرف اشخاص من ثقافات أخرى؟ أوأ يعود الى مخافة هيمنة ثقافة الحاكم على البلد ومحاربة الثقافات الاصلية؟ او كدليلعلى غدم قدرة الأهالي الأصليين على إدارة بلدهم وعدم قدرتهم على الحفاظ على كبريئهم وكرامتهم؟
كل هذه الأسئلة وغيرها قد تدور في عقل الناخب الغربي قبل الانتخابات وبعدها ….وكل الإجابات قد توجهه نحو انتخاب واختيار ابن البلد ” المنتج الوطني” والحيدان عن ” الدخلاء” الغرباء رغم ديمقراطية بريطانيا العريقة. قد يكون هذا طبع انساني ولكن الادعاء بخلاف ذلك كذب واضح ومثلمة ومنقصة الا ما ندر.
كل ها يوحي ان ما يجري قي غزة وعدم حسن التعامل مع الجيران وكذلك مسألة الهجرة لايمكن ان يستثنى من مؤثرات مجريات الاحداث الداخلية والخارجية وإعادة توجيهها وتصبح دلائل على فشل بعض السياسيين في إدارة أمور البلاد.