أتجهت أنظار العالم يوم السبت الماضي 12/4/2025صوب العاصمة العمانية ( مسقط) التي اختيرت لتكون مكانا للجولة الأولى من المفاوضات بين أمريكا وأيران ، المفاوضات التي طال أنتظارها وحبست الأنفاس واقلقت الجميع ، ليس دول المنطقة فحسب بل العالم اجمع ، لا سيما وأن كلا الخصمين يمتلك من القوة العسكرية التي تمكنه من أن يلحق الأذى والدمار بالطرف الاخر مع الفارق بين القوتين الذي تميل لصالح أمريكا! . ومن الطبيعي أن العالم كله عاش الكثير من المخاوف والتوقعات والتخميناتوطرحت في الأذهان الكثير من الأسئلة عما ستكون عليه تلك المفاوضات ، فهل ستتغلب المصالح على الشعارات والعنتريات والثوريات!؟ وهل سيكون العقل والحكمة هو سيد الموقف بين الطرفين؟ ، لا سيما وأن المفاوضات بقدر ما كانت غير مباشرة ، ألا انها كانت خلف أبواب موصده .فمن وجهة نظري كصحفي ومتابع لما يجري ومن باب التحليل لهذا الحدث المهم أرى : 1- أنه في عالم السياسةهناك قاعدة ثابته ومعروفة وهي (لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل هناك مصالح دائمة) ، فأعداء الأمس يمكن ان يكونوا أصدقاء اليوم والعكس صحيح! ، وهذا ينطبق على أيران وامريكا وأية دول متخاصمة ! . 2- صحيح أن أمريكا أتبعت سياسة العصا والجزرة مع أيران، حتى قبل وصول ترامب الى البيت الأبيض ، وركزت على ذلك أعلاميا ، ألا ان الحقيقة ومن وجهة نظري غير ذلك تماما!! ، فعصا أمريكا كانت صغيرة! ، حتى كانت لا ترى ، بعد أن غطتها ، باقة أغصان الزيتون! التي حملها (ويتكوف) مبعوث ترامب للشرق الأوسط والذي قاد مفاوضات الجولة الأولى أمام (عراقجي) وزير خارجية أيران!. 3- أن كلا الطرفين جاء للمفاوضات وهو يحمل نوايا حسنة وطيبة بعد أن أنهكهم الخصام وتبادل التهديدات والشتائم والعداء على مدى نصف قرن! ، وكأن لسان حالهم يقول! ، ما أجمل السلام والمحبة والتعاون من أجل مصالح الشعبين ، وما أكره الحروب والتهديد بأشعالها! ، لا سيما وأن ترامب منذ مجيئه للبيت الأبيض صرح بأنه جاء لأنهاء الحروب في المنطقة! . 4- أن أيران هي الأخرىجاءت للمفاوضات وهي تحمل غصن الزيتون من باب حسن النية ، لا سيما وأن الرئيس الايراني ( مسعود بزشكيان)ومنذ تولية رئاسة الحكم في أيران صرح وبأكثر من مناسبة بأن أيران تريد السلام ولا تريد الحرب مع أية دولة كانتأمريكا أم غيرها! .5- أن أمريكا تعرف جيدا بل والعالم كلهيعرف بأن أيران لها نفس طويل في المفاوضات وتمتلك من الحنكة السياسية والدهاء الشيء الكبير ، فهي بقدر ما تعطي وتتنازل فهي بالمقابل تأخذ أكثر! ، ومفاوضاتهاالناجحة عام 2015 على نفس الموضوع (البرنامج النوويالأيراني والعقوبات الأقتصادية المفروضة عليها) أبان فترة الرئيس الأمريكي السابق (اوباما) تشهد بذلك! . 6- صحيح أن ميزان القوة العسكرية وتعدد أنواع الأسلحةالفتاكة وتطورها يصب لصالح أمريكا ، ألا أن أمريكا بنفس الوقت تعرف تماما بأن أيران ليست خصما سهلا في حال نشوب حرب أو إذا وجهت أليها ضربة ، فهي تمتلك قاعدة صاروخية جيدة ، وتطورت كثيرا في برامج التسليح ،بصناعة المدافع والطائرات والبارجات الحربية والطائرات المسيرة بحيث أستعانت روسيا بتلك الطائرات في حربها ضد أوكرانيا! . 7- أرى أنه بقدر ما تحتاج أيران الى رفع العقوبات والحصار الأقتصادي الذي خنق أقتصادها وأثر على رغيف خبز المواطن ، ألا أن أمريكاهي الأخرى بحاجة الى أنهاء ملف البرنامج النووي الأيراني بكل الطرق والسبل الدبلوماسية والسلمية ، هذا الملف الذي بات ومنذ سنوات يشكل هاجسا وصداعا مزمنا لها ولأسرائيل الذي يعتبر أمنها من أولويات سياسة أي رئيس امريكي جمهوري كان أم ديمقراطي! ، لا سيما وأن أمريكا ورغم قوة أجهزتها المخابراتية وجواسيسها ووكلائها ألا انها تفتقد الى معرفة الكثير من التفاصيل عنالبرنامج النووي الأيراني وأين وصل؟ ، ومدى تخصيب اليورانيوم؟ ، وهل أصبحت أيران على خطوات كما يشاعمن صناعة قنبلتها الذرية؟ أم هي بعيدة عن ذلك؟ وكم تحتاج الى وقت وزمن لصناعة القنبلة النووية؟ وغيرها من الأسئلة ، ولذلك تريد امريكا أن تنهي موضوع البرنامج النووي الايراني ، بالسلام والتفاهم بعيدا عن العناد (لا سيما وأمريكا تعرف تماما وعبر التاريخ ماذا يعني العناد الفارسي!) . 8- أرى ان القيادة الايرانية الذي يشهد لها العالم بالذكاء! ، عرفت كيف تلاعب أمريكا طوال كل هذه المدة منذ قيام ثورتها في 1979 ولحد الآن ، في موضوع البرنامج النووي التي جعلت منه ورقة تهديد قوية ، لتخويف خصومها من جهة ولتحيط نفسها بهالة من القوة والهيبة من جهة أخرى! ، وبنفس الوقت لتكسب من ورائه الكثير من المغانم الاقتصادية والسياسية رغم ما تعرضت له من عقوبات اقتصادية! . 9- أرى أن ايران الآن في هذه المفاوضات ، في فترة حصاد ثمار صمودها وقوة صبرها وحنكتها ودهائها!. 10 – أن أمريكا تعي وتعرف تماما أن الرابح في أية حرب هو خسران ، ولهذا لا تريد الحرب نهائيا!! . 11- أن أيران تعرف كيف تغري الرئيس (ترامب)والشركات الأمريكية حيث أربكتهم وجعلت لعابهم يسيل ! عندما أعلنت في تصريح مدوي وعلى لسان السيد الخامنائي نفسه بأن (( أيران لا تمانع أن تقوم تقوم أمريكا باستثمار أكثر من 4 مليار دولار!! في أيران أن أرادت ذلك، راجع // اللقاء مع أمير موسوي ، محلل سياسي أيرانيعلى فضائية وان نيوز)) ، وأعتقد بأن هذا التصريح كاف لأن ينزع فتيل أكبر أزمة ويقلب كل نوايا أمريكا تجاه أيرانويجرها جرا نحو السلام!؟. 12 – أعتقد وبيقين تام! ، أن موضوع الملف النووي سيحل لصالح أيران اقتصاديا وسياسيا وبمكاسب لا تخطر على بال! ودون أن يقلل من قوة ايران في المنطقة وأمام أنظار العالم . 13 – المهم لدى أمريكا وإسرائيل أن لا أحد يمتلك قنبلة نووية غيرإسرائيلللحفاظ على موازين القوى في المنطقة ، وايران تدرك ذلك جيدا وهي تمتلك من الذكاء والخبرة وتعرف كيف تلاعب أمريكا وإسرائيل في هذا الموضوع!. 14– من الطبيعي أن الجولة القادمة وموعدها السبت القادم 19/4/2025 والتيستكون في عاصمة أخرى غيرالعاصمة العمانية (مسقط) ،ستكشف الكثير من الأمور عن المفاوضات. 15- أما موضوع حل الفصائل المسلحة المدعومة من قبل أيران سواء كانت بالعراق أو في لبنان أو اليمن فهو ليس بالأمر الصعب بالنسبة لأيران! ، ولا أعتقد انها ستجعل من هذا الأمر عقدة في المنشار أثناء المفاوضات!! ، فالذي يهم أيران هو مصالحها القومية العليا أولا وثانيا وأخيرا والوصول الى حلول طيبة ومرضية مع أمريكا بخصوص البرنامج النووي ورفع العقوبات!!. لننتظر ونرى ما سيكون في الجولة الثانية ، وموعدهم السبت والسبت ليس ببعيد.