بعيداً عن العواطف وبعيداً عن المجاملات لان الامر لا يتحمل ذلك .
وبعيدا عن الانحياز الطائفي و المناطقي وقريبا من الواقع وشجاعة الاعتراف بالحقيقة .
لابد من القول ان الدواعش قد حققوا بعض النجاحات في عدة اماكن .
وبغض النظر عن الطرق والأساليب والعوامل المساعدة لتلك النجاحات إلا إننا يجب ان نقف امام مرآة الواقع ونشاهد الحقيقة كما هي وليست كما يقال لنا .
فقضية دخول الدواعش للعراق صاحبتها ظروف دراماتيكية صاغت فصولها جهات سياسية داخلية وخارجية تمثلت بدول وأجهزة مخابراتيه عملت منذ سنوات لا خراج مسرحيه نهاية الدواعش بفصولها المعروفه بعد ان تحقق الاهداف التي من اجلها انشأت تلك العصابات.
ولان لكل مسرحيه نهاية ، فان نهاية مسرحية الدواعش من الارجح ان يكون فصلها الاخير في العراق ، ولكن هذه المرة سوف لا يخرج الممثلون لتحية الجمهور العراقي بل سيخرج الجمهور لقتل الممثلين والمخرجين وحتى الكمبارس .
ولان من كتب مسرحيه الدواعش كان غبيا لدرجة انه لم يقرأ تاريخ العراق جيدا فان التصريحات تشير الى عدة سيناريوهات لإخراج المسرحيه بأفضل وجه .
فقد بدأ الامريكان وحلفائهم وكأنهم مصدومين من استفحال ظاهرة داعش ، إلا ان الحقائق تؤكد ان من اسس لهذه الظاهرة هم انفسهم من يحاولون او يتظاهرون بمحاربتها .
ولا يمكن ان نغفل الادلة الساطعة التي تؤكد إن الامريكان والصهاينة قد اتخذوا من الدواعش وسيلة لحلب البقره العربية بعد ان ضعفت وسائل الحلب الاخرى .
ولم يكن الدواعش إلا مطية امتطتها المخابرات الامريكية والصهيونية للعبور بها الى الضفة الاخرى واستطاعت من خلالها ان تمرر اجندات سياسية واقتصادية تخدم واشنطن وتل ابيب.
وبعد انتهاء صلاحياتهم سيرمونهم في مزابل التاريخ شأنهم في ذلك شأن الحكام الخونة الذين انتهت صلاحياتهم (اكسبا ير ) فتساقطوا مثل اوراق الخريف بما سمي بـ (الربيع العربي ).
واليوم وبعد ان نجحت السياسة (الامريصهيونيه)باستدراج داعش الى العراق في تراجيديا هزيلة ومضحكه وتمكن الدواعش من احتلال محافظة نينوى والتمدد الى بعض المناطق في المحافظات الاخرى واقترابهم من الخطوط الحمراء التي حددها لهم اسيادهم في البنتاغون والكنيست الصهيوني.
الامر الذي شكل مصدر قلق دفع بالأمريكان للانتفاض ضدهم وتحشيد وتشكيل تحالف دولي لمحاربتهم بحجة الدفاع عن شعب العراق وشعوب المنطقة ، في الوقت الذي يعرف الجميع ان الدول الكبرى لا يهمها الشعوب بقدر اهتمامها بمصالحها ومصالح الشركات الكبرى صانعة القرار في بلدانها .
وعلى الرغم من قيام التحالف بتحديد مهمته في الحرب على داعش بالاعتماد على القصف الجوي حصرا إلا اننا نجد ان ذلك القصف لم يرتقي لحجم المخاطر التي يشكلها داعش على الارض.
ويبدو ان هذه الضربات هي ضربات سياسية وليست عسكرية كونها محدده وقليلة وتستهدف اهدافاً غير مهمة ولا تغير من الواقع شيئاً .
وربما هي تمهيد لفسح المجال امام دخول قوات برية لتلك الدول على الرغم من معارضة الحكومة والجهات السياسية.
ولكني لا اعتقد ان هذا الاعتراض سيستمر كثيراً خصوصاً وان الدواعش تقدموا بعد الضربات ولم يتراجعوا وهو ما يضعنا أمام سؤال مشروع يتمحور حول ماهية الفائدة التي تحققها الضربات الجوية اذا لم تستطع ايقاف زحف الدواعش عن التقدم على أقل تقدير ؟.
ولماذا اعترف المتحالفون قبل بدء الضربات بان ضرباتهم ستكون غير حاسمة لكنها ستضعف الدواعش ؟ وهي كذبة اعلنوها وصدقوها لوحدهم.
وقبل هذا كان الامريكان يمتنعون وبإصرار عن الحديث على ارسال قوات برية لكنهم اليوم يعودون ليقولوا ان الضربات الجوية لا تحسم الموقف ما لم يرافقها اسناد بري.
وهي اشارات أو تلميحات لجس النبض السياسي والشعبي لأنه لو استطاعت ان تحصل على الموافقة الحكومية والشعبية فإنها ستنتقل الى المرحلة الاخرى من المطالب والتي تتمثل بوجوب اقامة قواعد عسكرية دائمية وبحجج لا تقل بلادة واستخفافا عن سابقاتها .
وهذا المطلب يعني ان الدواعش سيبقون في ارضنا فترة طويلة ، وعلينا تحمل نفقات بقائهم ونفقات بقاء قوات التحالف، وهذا الامر لا أعتقد سيكون مسوغا من قبل الحكومة والشعب.
وهنا لابد ان تعمد الحكومة الى عدة وسائل لإنهاء الصراع مع الدواعش بأقل ما يمكن من الخسائر ولعل اول هذه الوسائل هو توحيد الموقف السياسي من الدواعش وضرب مموليهم وداعميهم ، وثانيها ان تضع خططاً سياسية وعسكرية واقتصادية لمرحلة الحرب على داعش ومرحلة ما بعد داعش .
ولان الوضع السياسي الان يبدوا مقبولاً من جميع الاطراف إلا ان حجم الخطر ونوعية المؤامرة تتطلب بذل المزيد من الجهد لمواجهة تلك المؤامرة بالاعتماد على استغلال الظرف الملائم الموجود حاليا والمتمثل بالحشد الشعبي الذي يجب على الحكومة ان لا تغفل عنه او تهمله مهما كانت الضغوط بحكم كونه يمثل صمام الامان ضد اي محاولة للتقرب من بغداد خصوصا مع وجود عناصر كفوءة ومدربة بصورة ممتازة بين صفوفهم .
وبات في حكم المؤكد ان القوات الامنية بكافة صنوفها وفروعها وبإسناد قوات الحشد الشعبي هي من سيتحكم بأساس المعادلة الامنية وهم سيكونون اصحاب القرار في دحر داعش اذا ما توفرت لهم وسائل ادامة الزخم العسكري واللوجستي الذي تعمل الحكومة جاهدة على توفيره .
وعلى الدواعش ان يعوا ان ابواقهم المأجورة وممارساتهم لحرب الاشاعات والحرب النفسية باتت لعبة مكشوفة وتحصن ضدها حتى الطفل الرضيع.
وهنا يجب على الدواعش ومن يساندهم ويمولهم ان يعلموا علم اليقين ان اسوار بغداد ستكون مقبرة كبيرة لجيفهم اذا ما فكروا مجرد تفكير بالاقتراب من العاصمة .