رغم اننا وكثير من العراقيين لازلنا نعتقد ان للحوزة العلمية في النجف القدرة على لعب دور ايجابي اكبر بكثير مما لعبته, لكني شخصيا أكن الاحترام لدور حوزة النجف في تدعيم حائط العملية السياسية كلما آل الى السقوط وتاليا المحافظة على قدر نسبي من السلم الاهلي في العراق, وان أتى هذا الدور متأخرا على عادته.
آخر أهم الادوار الذي لعبته الحوزة في تدعيم السلم الاهلي وانقاذ العراق من الانهيار والتشرذم كانت فتوى الجهاد الكفائي المشهورة. قلبت هذه الفتوى موازين القوى واعادت الثقة للعراقيين وذكرتهم بقدرتهم على مواجهة أو حتى هزيمة تنظيم داعش الارهابي.
لكن ماتؤاخذ عليه قيادة حوزة النجف هو سكوتها ,او انتقادها بحياء, للشخصيات والقوى التي ركبت موجة الحشد الشعبي ووجهته لا لحماية العراق واهله ونظامه السياسي بل لخدمة المفاوض الايراني في مساوماته مع القوى الغربية لاعادة تقسيم النفوذ في الشرق الأوسط.
فارتكبت بعض عناصر ميليشيا تأتمر بأوامر فيلق القدس الايراني انسلت داخل الحش الشعبي, ارتكبت جرائم وحشية في بعض المدن المحررة, حسبها العامة ضد الحشد الشعبي وبالتالي اججت الرأي العام السني ضد الحشد الشعبي ومن خلفه زعامة الحوزة التي اصدرت فتوى الجهاد الكفائي.
ونحن نمني النفس بقرب تحرير اكبر مدينة يستبيحها تنظيم ارهابي في العالم في مطلع القرن الحادي والعشرين, الموصل الحدباء, لانعول كثيرا على المسؤولين العراقيين لاعادة اعمار ماخربه تنظيم داعش (لاسباب تبدأ بالفساد المالي والسياسي والاداري ولاتنتهي بقلة الخبرة وفقدان الارادة) لذا نتمنى على زعامة حوزة النجف باصدار فتوى “جهاد البناء” لاعادة اعمار المدينة حال تحريرها, جهاد في سبيل الله والاخوة في الوطن ودون ان يطالب المجاهدون بأجر مقابل جهودهم.
ان فعلت الحوزة هذا فتسكت كل من يتهمها بالطائفية وسوف لن ينسى اهلنا الطيبون من اتباع المذهب السني في العراق فضلها عليهم, وأخيرا لعلها ترتق الفتق الطائفي الذي خلفته حومتا نوري المالكي.
يمكن لهكذا فتوى ان تضع الأساس لباكورة عمل شعبي وطني لاعادة اعمار ماخرب من هذا الوطن المبتلى بارلاهاب والفساد, يتنافس فيها الخيرون من ابناء العراق لاعادة بناء مدنهم دون ان ينتظروا دور الحكومة الذي تشير الدلائل الى ان غيابه سيطول.