يبدو ان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ، سيكون اذكى رئيس وزراء مره على العراق فيما يخص استثماره للظروف والفرص وحرصه على دعم اصدقائه ومحيطه ، فالرجل الذي جاء من خلف الكواليس بلا عناء وبورقة دعم مزكاة من المرجعية ليصبح رئيسا للوزراء بكل هدوء ، يواصل عمله بكل ليونة وثقة وتكم من تمرير الكثير من اقاربه وانصاره بمناصب مهمة جدا ليمضي بمشروع بناء دولة عميقه له وللكتل الداعمة له ، بل انه يبني دولة عميقه لنفسه من لاشيء فقد نجح بتمرير بعض الاسماء المقربه منه ولحزبه السابق كفياض الفياض لمنصب وكيل وزير النفط ومحمد عبد الهادي الحكيم لمنصب مستشار رئيس مجلس الوزراء اصالة .
الغريب ان الجميع كان يتصور عبد المهدي بانه لا يملك اي حنكة سياسية او ذكاء ، ولكن اثبت بانه ذكي جدا وياخذ ما يدريه من الكتل دون ضجيج ، فجاء بزميله القيادي بالمجلس الاعلى محمد الهاشمي (ابوجهاد) بمنصب مدير مكتبه وعينه اصالة ايضا ومنح درجات اخرى لشخصيات مقربه منه بكل هدوء ومن دون صريخ او حتى لم يلفت الانتباه ..
ذكاء عبد المهدي يكمن في استغلاله لرغبات سائرون والفتح وتطويع احلامهم لصالحه ، فهو يمنحهم مناصب وياخذ بالمقابل مناصب اخرى لصالحه شخصيا وهذه قمة الذكاء فهو يلعب على وتر الكتل السياسية المتصارعة وينجح بتمرير ما يريده دون عناء ، فالرجل يسير بخطى ووتيرة متسارعة فيما يخص التعينات بالدرجات والمناصب الخاصة ، دون ان تشعر الكتل السياسية بانه ياخذ منهم ما نسبته 20% بينما يمنح سائرون والفتح النسب الاكبر ايضا .
قد يكون عبد المهدي غير ناجح حتى الان في قيادة البلد ، بحكم الاداء خلال الاشهر الماضية ، الا انه نجح في دعم المجلس الاعلى وصدقائه بل واكثر من ذلك انه أجبر الحكمة على الذهاب للمعارضة بعد استبعادهم من الحكومة والهيئات المستقلة وحقق اهداف المجلس الاعلى بقصاء الحكيم وتدميره بهدوء ..
والاكثر من ذلك نجاحا انه منح برزاني ما يريد وجعله يصمت وهذه تقطة تحسب لمشروعه وان كانت على حساب المال العام والمناصب ، الا ان ذلك لا يعنيه بقدر ما يمه مصلحته ، فهي خطوة باتجاه ضمان استمراره برئاسة لوزراء لاطول فترة ممكنة وعدم توجيه الانتقاد له من الكرد ..
ولعلي كنت ذات يوم من مناصري السيد المالكي وكنت اعتقد بانه ذكي وقوي ونجح ببناء دولة عميقه لحزبه ، الا اني اشعر اليوم بان عبد المهدي اكثر ذكا من المالكي ، فهو لا يمكل كتلة سياسية ويوزع المناصب ، كما انه نجح باللعب على وتر الخلاف بين سائرون والفتح فتارة يحتوي هؤلاء ومنحهم منصب واخرى يحقق رغبات هؤلئك ويزيد من تمددهم ، وبكلا الحالتين فانه نجح بالتعامل مع رغبات اكبر كتلتين ، ناهيك عن كونهما كتل تحمل السلاح وتضمن له سلفا عدم الاطاحة به ، او ان موضوع استبداله في الوقت الحالي صعب جدا .
فارفعوا القبعة لرئيس الوزراء فالرجل يبني دولة عميقه من لا شيء ..!!