23 ديسمبر، 2024 4:41 ص

هل ذابت قضية خاشقجي كما ذابت جثته ؟

هل ذابت قضية خاشقجي كما ذابت جثته ؟

بالرغم من اشتهار قضية اغتيال الصحفي السعودي ((جمال خاشقجي)) ، وتعاطف كل العالم معها تقريبا ، وعلى الرغم من القدرة على ابراز الحقيقة ، وكشف المجرمين بسرعة اذا ما تعاونت اجهزة الدول المتعاطفة لما لديها من سرعة التحقيق في الجرائم ، الا انه الى الان لم تنكشف الحقيقة ، ولم يعرف القتلة ومن امرهم بذلك في واحدة من اغبى جرائم القتل في العالم .
السياسة في الوقت الراهن تعني تحقيق المصالح على حساب الاخلاقيات التي لم يكن لديها مكان في زمن السياسة الحديثة التي داست على الضمير ، واسكتت العقل والمنطق والانصاف وباتت تلوح بسيف المصالح حتى وان جاعت وقتلت شعوب باكملها والقي الابرياء والنساء في السجون واعدم الاطفال وسحقت قرى ومناطق وسويت بالارض وذبح وفجرت الاسواق بالناس وتطايرت اشلاؤهم .
تهديدات ترامب المجنون لمحمد بن سلمان لم تكن حقيقية وجادة بل هي لذر الرماد في العيون ، وما هي الا مناورات لخداع الناس وتضليل الراي العام بان اميركا تسعى الى كشف الحقيقة ، وهي جزء من لعبة مكشوفة تحركها المليارات التي قبضها ترامب من الامير الغرير بن سلمان والعقود والاستثمارات بين الدولتين والاصول المالية المودعة في البنوك الاميركية وهذا يعني اعطني لاسكت عن اي جريمة تقوم بها .
ولا نعلم الى اي منحدر سوف يهوي العالم من جراء هذه السياسات المشوهه القبيحة وهل هناك حرب عالمية ثالثة تلوح في الافق لا تبقي ولا تذر نتيجة لعنتريات ما يسمون بالسياسيين المحدودين وضيقي الافق ، لا يختلف اثنان ان سياسة المصالح والصفقات والمؤامرات التي تحاك خلف الكواليس هي المسيطرة على المنظر العام للسياسة الراهنة في ابتعاد واضح عن كل الاخلاقيات والقيم التي ينبغي ان يتمتع بها السياسي .
لم يكن اردوغان بريئا في اصراره على كشف الحقيقة في قضية خاشقجي بل هو انتقام من الدور السعودي الاماراتي المشترك في الانقلاب الفاشل عليه وثارا لحصار الحليفة قطر بقيادة السعودية والتعامل مع القضية لابتزاز الامير الصغير في قضايا تصب في مصلحة تركيا وقطر من قبيل الاستثمارات التركية في السعودية والفوز بعقود تجارية ضخمة (واشبع موت يا خاشقجي).
هناك ثلاث دول رئيسية تحاول استغلال قضية خاشقجي وابتزاز السعودية ماليا واقتصاديا والضغط عليها في التسامح او حتى التنصل عن قضايا دينية ثابتة في وجدان المسلم هذه الدول هي اميركا واسرائيل وتركيا ، وستكون السعودية طيعة ولينه في تنفيذ ما يطلب منها لتتخلص من الطوق الخانق الذي وضعته حول رقبتها ولتخرج من المازق الذي دخلته باي طريقة كانت وباي ثمن لتحفظ ما تبقى من ماء وجهها وان كانت لاتعرف الكرامة ولا الانسانية .
لم تكن قضية خاشقجي الاولى ولا الاخيرة التي تم التستر عليها بالاتفاق مع دوائر الاستخبارات العالمية ، فلا زالت قضية اولف بالمة رئيس وزراء السويد وزعيم حزب العمل الاجتماعي الديمقراطي الذي اغتيل عام 1986 الذي اشتهر بمناصرته للقضايا العادلة ومساندته للقضية الفلسطينية ما زالت غير معروفة ومبهمه وكان ضحية مواقفه العادلة الثابتة . واغتيال السياسي العراقي احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي الذي قتل في ظروف غامضة في الثالث من نوفمبر 2015 الذي لوح بكشف ملفات فساد خطيرة فيها اطراف من الطبقة الحاكمة . والمهدي بن بركة المعارض المغربي الذي اختفى في فرنسا بالتنسيق بين المخابرات الفرنسية والمغربية والذي توفي تحت التعذيب في سنة 1965 من قبل مسؤلين مغاربة كانوا في فرنسا في حالة مشابهه لاغتيال خاشقجي وغيره من العشرات بل المئات من السياسيين والمعارضين والصحفيين الذين ماتوا في ظروف غامضة في بقاع العالم .
هل سيطوي الوقت قضية خاشقجي وتكون في طي النسيان كما كتم الدهر مثيلاتها في العالم ام نسمع شيئا جديدا مقرونا بالكشف عن اسماء الفاعلين والمتعاونين في واحدة من القضايا العادلة التي ستبيض وجه العدالة ام هل ستذوب قضية الرجل كما ذابت جثته ؟!.