19 ديسمبر، 2024 1:54 ص

هل دخلت ايران النفق المظلم ؟

هل دخلت ايران النفق المظلم ؟

تبلورت نوايا امريكا والغرب في اتجاه إلغاء الاتفاق النووي مع ايران او تعديله بملحق خاص بشروط مشددة بغض النظر ان كانت الوثائق التي عرضها نتنياهو مفبركة ام صحيحة فأنها لا تعدو سوى تمهيد لاتخاذ هذا الموقف لان الوقت قد حان للاستغناء عن ايران وانتفاء الحاجة الى خدماتها خصوصاً بعد ازاحة نظام صدام في العراق الذي كان يؤرق امريكا والغرب، فاصبح من متطلبات المرحلة القادمة إزاحة العقبات من امام الكبار لتخلو لهم الأجواء لترتيب اوضاع المنطقة من غير منغصات لذلك حان الوقت لإنهاء دور ايران وحصرها في الزاوية الحرجة لتحجيم قدراتها من خلال الغاء او تعديل الاتفاق النووي لان كلاهما مر على ايران لانه في الحالتين يعني انحسار نفوذها والحد من تجاوزاتها الإقليمية وتحديها للمجتمع الدولي الذي اصبح في موقف تصعيدي معها، بمعنى ان الغاء الاتفاق او تعديله سيجعل ايران امام خيارين لا ثالث لهما اما الغاء الاتفاق من طرفها أيضا والاستمرار في المكابرة والاصرار على التحدي وبذلك عليها تحمل نتائج لا تحمد عقباها خصوصاً مع رئيس مجنون لاقوى دولة عسكرية في العالم، او الانحناء في الدقيقة الاخيرة امام عاصفة الضغوط الدولية وقبول التعديل واتباع استراتيجية المرواغة والمطاولة التي يتقنها ملالي طهران من اجل امتصاص النقمة وتخفيف الضغوط عليها، ولكن في حالة فشل تلك الاستراتيجية، لم يبقى لها من خيار الا التضحية بحلفائها تباعاً لابعاد النار عن الداخل الإيراني بالرغم من ان هذا الخيار سيجعلها في موقف صعب امام حلفائها وحضانتها الجماهيرية الواسعة ولكن الاصعب من ذلك بأي من الحلفاء تبدأ بالتضحية .. بمعنى هل تبدأ بالتخلي عن الملف اليمني الذي يعتبر الاكثر استنزاف وخسارة لها وتترك الحوثي يواجه مصيرة .. ام الملف السوري الذي اصبح في قبضة الروس .. ام التخلي عن العراق وتركه للامريكان بعد نفاذ ربيع التخادم الإيراني مع الكابوي الامريكي .. ام ترك حزب الله ليواجه مصيره مع الكيان الصهيوني .. اي ان قبولها بالتضحية بهذة الملفات يعني بمثابة تجرع السم كما تجرعته من قبل ولكن خسارة نفوذها في الخارج اهون من نقل المعركة الى الداخل وهذا يعني ان ايران دخلت النفق المظلم واصبحت امام خيارات صعبة لان ملفاتها باتت هشة ولم يعد لها أوراق تناور بها بعد انحسار تأثيرها في اليمن والعراق واستنزاف حرسها الثوري في سوريا بالاضافة الى الأزمات المتصاعدة مع الاسرة الدولية فضلا عن ظهور بوادر خيانة تتعرض لها من قبل روسيا في سوريا بعد ترك ميليشياتها فريسة لضربات الصهاينة دون ان يحرك الرئيس بوتين ساكن، والسكوت من علامات الرضاً لان روسيا ملّت من املاءات الميليشيات الايرانية للنظام السوري واصبح من مصلحتها تحجيم النفوذ الإيراني الذي اصبح عبئ على النظام وعلى روسيا في نفس الوقت، والذي يبدو ان الرئيس بوتين بات يفضل الغاز السوري من غير شريك ..

هذة دورة الحياة التي شاخت بها ايران عندما أبحرت في أحلامها المريضة وصرفت المليارات من اموال شعبها في سبيل تحقيق اوهام اعادة مجد إمبراطوريتها التليدة وتركها ترعى في مرعى الجيران لتكون في حالة صراع دائم مع محيطها الإقليمي .. وبعد انتفاء الحاجة الى خدماتها يعود بها الزمن الى حجمها الطبيعي ونقطة البداية .. هكذا يستغل الغرب المراهقين والدخلاء على السياسة بجعلهم أدوات لتنفيذ غاياتهم المشبوهة ثم ينقلب عليهم ويرميهم نفايات في مزابل التاريخ ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات