نعم خدعنا وليس لمرة بل مرات . وقلنا هيهات منا الذلة وشبعنا ذلات وإهانات طوال عمرنا الذي ينتقل بنا من مرحلة إلى أخرى ومن هموم إلى هموم أكبر . وقد بدأنا حياتنا في الطفولة حالمين بالجمال والمجد والسعادة والأموال والمناصب والسفر وحين مضى العمر تحققت الأحلام ولم تتحقق فمع كل الذي حصلنا عليه كان هناك ما ينقص علينا فرحتنا وسعادتنا بالإنجاز ففي لحظة سعادة يموت عزيز وفي لحظة مكسب يهاجر صديق وفي لحظة أمل ينهار جسد ويتربع دكتاتور ويقتل ويدمر ويحكم بقسوة ويسخر كل شي لأجله وقد لا يكون الدكتاتور أول الضحايا ولكنه سيكون ضحية فيهلك في يوم ويمر على ذكراه القوم ويستذكرون قصصه وسجونه ومقابره وتجبره وظلمه للناس .
في كل يوم هناك ما يثير الحزن والراحلون كثر ونحن منهم في يوم سيأتي قريبا كان أو بعيدا لكنه سيأتي حتما وتنطوي معه الحياة ونحن في كل هذا أُسارى الذكريات ذكريات الطفولة والمدرسة والشباب والجامعة والحب والصداقات التي تنهش ذكرياتها المرة في الرأس ، وبينما نعيش أعمارنا نشعر اننا نعيش تجربة قاسية ولكنها ضرورية لأنها تجربة لابد أن نعيشها وأن نتحمل قساوتها وعذابها ومرارتها بكل ما فيها من تراكمات ومصاعب وتحديات صادمة ومريرة تتناوشنا فيها أنواع المصائب والأحزان وأشكال من الألم الذي لا يكاد ينقطع .
ربما لا نكون مخدوعين في هذه الحياة التي أرادها الخالق ولكن الخدعة من البشر أمثالنا الذين يحكموننا ويعذبوننا ويتحدثون لنا بأنواع المغريات والعطايا والهبات ثم حين يسيطرون على كل شيء ويحكمون قبضتهم على الأوضاع يظهرون حقيقتهم القاسية والمرة فيتصرفون كما يشاءون ويتشبثون بالسلطان والمكاسب ولا يسمحون لأحد أن ينافسهم ولا يسمعون لمن يريد نصيحتهم لأنهم تمكنوا من كل شيء وأصبحنا بالنسبة لهم مجرد أرقام تعد وتعد ولكنها بلا قيمة على الأرض .
نحن في خدعة مرة سببها الإنسان الذي هو نحن والشرور الذي فينا . [email protected]