22 ديسمبر، 2024 8:37 م

هل حقًا فَقَدَ علي بن أبي طالب درعه؟!

هل حقًا فَقَدَ علي بن أبي طالب درعه؟!

لم يسلم التاريخ الإسلامي عبر كل القرون من سهام ألتلفيق وألأباطيل وألتزوير وألكذب، ولعل القرن ألأول (كونه خير القرون) ربما يكون قد حضي بالنصيب ألأوفى من ذلك ، فهنالك على ألدوام حاسدين وحاقدين وجهات يسعدها أن تشوه مفاخرهذا ألتاريخ ورجالاته. فالنجاح في نشر الأكاذيب والتلفيقات (خاصةً عن القرن الأول) يجعل ألأجيال المسلمة ألتالية أقل إرتباطا به، وأكثر زهدًا فيه، وأبعد عن الفخر وألتأسي بأمجاده.

إحدى هذه التلفيقات هي قصة ضياع درع علي بن أبي طالب (رضي الله عنه وأرضاه) وإحتكامه الى القاضي العادل النزيه شريح بن الحارث الكندي قاضي الكوفة. والقصة هذه يتناقلها العديد من الوعاظ والدعاة وأصحاب ألأقلام والمفكرين وتجدها مبثوثة في العديد من الكتب، أدرجها المؤلفون في كتبهم معجبين فيها بسماحة وعدل ألإسلام وسمو أمير ألمؤمنين علي وتواضعه ( وطبعا لا شك في تواضعه وعدله وسمو خلقه)، والقصة من جانب آخر تشيد بحكمة وجرءة وعدالة القاضي شريح الذي لم يتردد في ان يعطي الحق لليهودي وليس لرئيس البلاد الذي لا يملك البينة على دعواه. ويظن من يستشهدون بهذه القصة انهم يبينون قيم الإسلام، ويرفعون من قدر أمير المؤمنين علي (وهوعالي القدر بلا مواربة). وغاب عنهم أنها قصة زائفة مهلهلة وتسيء الى علي (رضي الله عنه) بدل أن ترفع من قدره. كيف؟ دعنا ننظر.

القصة وردت بروايات متعددة وطرق مختلفة وتتضمن: أن علياً رضي الله عنه خرج إلى ألسوق فوجد يهوديا يبيع درعاً، فعرف علي ألدرع ، فقال: درعي سقطت عن جمل لي أورق ، فقال اليهودي درعي وفي يدي، ثم قال له اليهودي: بيني و بينك قاضي المسلمين، فأتوا شريحاً، فلما رأى علياً قد أقبل تحرف عن موضعه، وجلس علي فيه ثم قال علي: لو كان خصمي من المسلمين لساويته في المجلس، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تساووهم في المجلس، وألجئوهم إلى أضيق الطرق ، فإن سبوكم فاضربوهم، وإن ضربوكم فاقتلوهم. ثم قال شريح : ما تشاء يا أمير المؤمنين؟ قال: درعي سقطت عن جمل لي أورق والتقطها هذا اليهودي، فقال شريح: ما تقول يا يهودي؟ قال: درعي وفي يدي، فقال شريح : صدقت، والله يا أمير المؤمنين، إنها لدرعك، ولكن لا بد من شاهدين فدعا قنبراً مولاه والحسن بن علي، وشهدا أنها لدرعه، فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد أجزناها، وأما شهادة ابنك لك فلا نجيزها، فقال علي ثكلتك أمك، أما سمعت عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. قال: اللهم نعم، قال: أفلا تجيز شهادة سيد شباب أهل الجنة ؟ والله لأوجهنك إلى بانقيا ( يقال انها ناحية من الكوفة أو جهة بحر النجف) تقضي بين أهلها أربعين يوماً، ثم قال لليهودي: خذ الدرع ، فقال اليهودي: أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضي المسلمين، فقضى عليه و رضي. صدقت والله يا أمير المؤمنين، إنها لدرعك سقطت عن جمل لك التقطتها، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فوهبها له علي، وأجازه بتسعمائة، وقاتل معه يوم صفين .

وفي رواية أخرى: خرج علي بن أبي طالب إلى السوق، فإذا هو بنصراني يبيع درعا، قال: فعرف علي الدرع فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين. قال: وكان قاضي المسلمين شريح، كان علي استقضاه. قال: فلما رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس القضاء، وأجلس عليا في مجلسه، وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني، فقال له علي: أما يا شريح لو كان خصمي مسلما لقعدت معه مجلس الخصم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تصافحوهم، ولا تبدءوهم بالسلام، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا عليهم، وألجئوهم إلى مضايق الطرق، وصغروهم كما صغرهم الله)
اقض بيني وبينه يا شريح. فقال شريح: ما تقول يا أمير المؤمنين؟ قال: فقال علي: هذه درعي ذهبت مني منذ زمان. قال فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ قال: فقال النصراني: ما أكذب أمير المؤمنين، الدرع هي درعي. قال فقال شريح: ما أرى أن تخرج من يده، فهل من بينة؟ فقال علي رضي الله عنه: صدق شريح. قال فقال النصراني: أما أنا أشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يجيء إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه، هي والله يا أمير المؤمنين درعك، اتبعتك من الجيش وقد زالت عن جملك الأورق، فأخذتها، فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. قال: فقال علي رضي الله عنه: أما إذا أسلمت فهي لك. وحمله على فرس عتيق، قال فقال الشعبي: لقد رأيته يقاتل المشركين.
وفي رواية: فقال اليهودي: أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه، وقاضيه قضى عليه، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الدرع درعك، كنت راكباً على جملك الأورق، و أنت متوجه إلى صفين، فوقعت منك ليلاً فأخذتها، وخرج يقاتل مع علي الشراة (فرقة من الخوارج) بالنهروان فقتل.

القصة باطلة من وجوه:
فمن حيث السند وبإختصار فقد تحدث علماء الحديث والجرح والتعديل في السند وبينوا ان الرواة فيهم منكر الحديث والمتروك والمجهول والكذاب. فالسند لا يثبت عند علماء الحديث والاصول، وقال الجوزقاني عن القصة انها من ألأباطيل والمناكير، وأشار إبن الملقن والبخاري والذهبي وابن الجوزي وغيرهم أن في ألإسناد ضعفاء ومتهمون بالكذب، وقال إبن الصلاح :لا تثبت.. وهكذا.
وهذا ألسبب وحده كاف لرد الرواية، وعدم القبول بها وإعتبارها باطلة. ومع ذلك سنمضي في نقدها وبيان ما فيها من نكارة.

أما بطلانها من حيث ألمتن فالقرائن الدالة على البطلان عديدة:
1- فالأحاديث النبوية التي يزعم ان عليًا استشهد بها في حضرة القاضي: (لا تصافحوهم….. ولا تعودوا مرضاهم، …) و(لا تساووهم في المجلس، …. فإن سبوكم فاضربوهم، وإن ضربوكم فاقتلوهم) فهي أحاديث فيها نظر، واقل ما يقال فيها إنها منكرة، لأنها تخالف قيم ومبادئ ألإسلام، وتخالف الهدي النبوي وسنته (صلى الله عليه وسلم). فليس في القرآن ألكريم أو السنة المطهرة ما يشير الى ان النبي منع (مساواتهم في المجلس) فقد كان يجلس اليهم ويناقشهم ويشرف على خدمتهم ضيوفا عنده في المسجد، كما لا يوجد مايحول بين المسلم و(مصافحة) أهل الكتاب، ووصايا ألإسلام بأهل الذمة أشهر من ان تعرف. وعلى أي أساس (إن ضربوكم فاقتلوهم) ، فهل القتل مكافئ للضرب؟!، كيف يعقل هذا والقران يقول في ألآية 126 من سورة النحل:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} وكيف يأمر من جاء رحمة للعالمين، كيف يأمر بالقتل لمجرد إعتدائهم بالضرب!. كما ولم يمنع النبي (عيادة مرضاهم) بل على العكس فقد ثبت في صحيح البخاري: ( أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ : أَسلِم . فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ ، فَقَالَ لَه : أَطِع أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ . فَأَسلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ ). فهل كان علي يحتج بأحاديث لا تصح، ويتقول على النبي (حاشاه)، أم أن القصة كلها ملفقة!؟.

2- أي قضاء هذا الذي يترك فيه القاضي مجلسة، ويدع أحد المتخاصمين ( المدعي أو ألمدعى عليه) يجلس مكانه، ويجلس القاضي بجانب الخصم الآخر. هل هذه دار قضاء، أم دار ضيافة. هل نسي القاضي ان واجبه يحتم عليه مساواة الخصمين أمامه في مجلس القضاء. الا يمس هذا التصرف سمعة وعدالة القاضي والقضاء؟!.

3- كيف يأنف علي (رضي الله عنه) من الوقوف بجانب غريمه أمام ألقضاء، بدعوى انه ليس مسلمًا. اليست هذه عنصرية مرفوضة، وانتهاك لحقوق المواطنة لمواطن ذمي كفل له الاسلام الكرامة والحرية والمساواة امام القضاء. فكيف تنتهك هذه القيم من أمير المؤمنين الذي هو أعلى سلطة في البلد!. والمفترض فيه أن يكون حامي العدالة وحامي أهل الذمة المدافع عنهم. ألا يقول الدين ان الجميع امام القضاء سواء، هل نسي علي النصوص الشرعية الآمرة بالمساواة بين الناس (وان تفاضلهم عند الله بالتقوى) أليس عليًا هو من نقل عنه: ان الناس صنفان أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. هل تخلى عن هذه القيم! (حاشاه)، الا يمس ذلك سماحة وعدل أمير المؤمنين في تعامله مع مواطنيه حين يتعامل بهذا الشكل المهين.
كيف يستساغ ترويج مثل هذا الاتهام بحق أمير ألمؤمنين، وكل مسلم يعتقد أن ألإمام على (رضي الله عنه) على ايمان راسخ بمبادئ وقيم ألإسلام في العدالة والمساواة والكرامة الانسانية. ولا يمكن ان تكون هذه سلوكيات له أبدًا. لا. ليست هذه أخلاق علي، ولا يعرف عنه شيء من هذا ألقبيل. ولكن ويبدو أن مؤلف القصة اراد الطعن في الاسلام ورموزه، على طريقة دس السم في العسل، وليدسه هذه المرة من خلال أمير ألمؤمنين علي (رضي الله عنه) باعتباره شخصية يجتمع على حبها جميع المسلمين وأن أفعاله لن تكون موضع نقد: بتمرير مفهوم خبيث ينتقص من أمير المؤمنين، ويسيء للدين بأن لا مساواة في هذا الدين وانما إحتقار لأهل الذمة.
4- أين مساواة الوجه أمام القاضي، ومخاطبة المتخاصمين بنفس الخطاب ( كما هي آداب واصول القضاء). فحين يخاطب القاضي شريح أحد الغريمين ب (ياأمير المؤمنين) ويخاطب الثاني ب (يايهودي او يانصراني) أليس هذا خطاب تمييز. ألا يشير هذا الى ان القاضي ينتهك آداب مجلس القضاء، وأنه غير محايد في مخاطبة من يقفان أمامه. فهو يتلطف ويعظم الاول دون الثاني. وهذا ألأمر يخل بمصداقية وعدالة مجلس القضاء والحكم.

5- ما ألخطأ الذي ارتكبه القاضي شريح ليعاقبة علي بالنفي، أو بتعبير آخر، تهديده بالنقل الى (بانقيا) أربعين يوما وانقاص درجته. أي نقل خدماته من قاضي الكوفة (مركز الخلافة والحكم) الى قاض في الضاحية؟. ألأنه اسقط شهادة الحسن لأبيه؟، إن سياق القصة يشير الى أن عليًا لم تكن له بينة كافية لإثبات ملكية الدرع. كما لم يملك نصا او دليلًا قطعي الدلالة يوجب قبول شهادة الإبن لأبيه ليرد به على القاضي. فالقاضي اذًا لم يرتكب جناية أو خطأ. فلماذا ألعقاب؟.

وعلى فرض أن القاضي هو ألآخر لا يستند الى نص شرعي يدعم رفضه قبول شهادة ألإبن لأبيه، فهذا يعني أن القاضي قد اجتهد ساعتها، وألإجتهاد من حقه بحكم عمله، والشرع لا يعاقب ألقاضي على اجتهاده مادام يتحرى العدل وغير متهم في دينه وخلقه. بل من واجبه الاجتهاد لتحقيق العدالة (ان لم يكن هنالك نص شرعي بين يديه يستند إليه) فإن كان قد إجتهد فلا يكون قد إرتكب محظورًا. ويبقى السؤال: فلماذا النفي إذًا؟!. ألا يرضى علي (رضي الله عنه) بحكم القضاء في دولته العادلة!!. هذا أمر عجيب وغير مفهوم. و يسيء ألى سياسة علي وعدالته.

6- من أين للقاضي انه لا تجوز شهادة ألابن لأبيه؟ خاصة في ذلك الوقت المبكر من التاريخ الإسلامي، الذي لم يكن في أحواله ألإجتماعية، علة مانعة لقبول مثل هذه الشهادة، (حيث النفوس صادقة وصالحة يجللها ألإيمان ومراقبة الله سبحانه وتعالى لأنهم قريبي عهد بالنبوة). ماهو مستنده الشرعي الذي اعتمد عليه القاضي في هذا الإختيار؟!!. فأن كان لدية نصا شرعيا يدعم قوله فكان ينبغي ان يوضح لعلي ذلك المستند الشرعي الذي من أجله منع شهادة الحسن لأبيه، خاصة أن علي استنكر هذا المنع محتجًا: أن الشاهد سيد شباب أهل ألجنة.

7- هذا الحوار بين (علي والقاضي) فيه كذلك مايكشف أن القصة مصطنعة، إذ أن الشوكاني صاحب كتاب نيل الأوطار 8/336 ذكر ان شريح القاضي ممن يجيز شهادة الأبن لأبيه لعموم قوله تعالى في ألآية 2 من سورة الطلاق: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}. فكل من كان عدلاً: ابنًا أو أخًا أو زوجةً أو أبًا ، تقبل شهادته مادام عدلاً لا يعرف عنه الفسق، فكيف تقول القصة أنه رد شهادة الحسن (سيد شباب اهل الجنة)، ومعلوم ما للحسن من التقوى والصدق والصلاح وانه (رضي الله عنه) لا يمكن ان يحابي أحدًا وهو الذي تخلى عن السلطة خوفًا من الله أن يسأله عن دم ربما يراق من أجلها.
انما منع العلماء مثل هذه الشهادة فيما بعد، (وربما الى وقتنا الحاضر) بعد ان اختلط الناس وقل الإيمان وضعفت الذمم، وظهرت احتمالية التهمة وإحتمال محاباة ألابن لأبيه. فمنعها ألعلماء. وهي على أي حال تبقى هذه ألمسألة قضية خلافية بين العلماء بين مانع ومجيز. ولكن بالقطع لاوجود للتهمة والمحاباة في زمن الرعيل ألأول، خاصة إن تعلق الأمر بالحسن وأبيه (رضي الله عنهما).

8- مجاراة للقصة ، يبرز هنا سؤال افتراضي ، فبعد ان استسلم علي لحكم القضاء، هل كان علي لا يعلم بأن شهادة الإبن لأبيه ممنوعة؟، هل غاب عنه هذا المفهوم الذي يعرفه القاضي ؟!، وهل يعني هذا ان قاضي أمير ألمؤمنين أعلم من ألأمير بالقضاء؟!، كيف يستقيم هذا مع من يقول أن عليًا هو المرجع في القضاء، وأنه أقضى ألصحابة، وأنه (باب مدينة العلم!)، وصاحب مقولة: إسئلوني قبل ان تفقدوني…!.

9- العديد من ألإضطراب والتناقضات في الروايات:
أ- هنالك اضطراب في تحديد ديانة الذمي فالروايات تنعته مرة يهوديا ومرة أخرى نصرانيا.
ب- اضطراب في وفاته: ففي رواية أنه قتل في صفين، وفي رواية ثانية أنه خرج للقتال في النهروان وقتل فيها، ومعلوم أن معركة النهروان حدثت بعد صفين. وفي رواية أن عامر الشعبي (وهو فقيه محدث ثقة) راه يقاتل المشركين!. فمن هؤلاء (المشركون). فهذا وصف لا ينطبق لا على الخوارج ولا على ألأمويين، ألذين قاتلهم علي. (وان كان المرجح ان المقصود في القصة هم الخوارج.). وأهل الفقه والحديث كانوا يتحرون الدقة في اختيار ألألفاظ.

ج- اضطراب في وقت ضياع الدرع: فبعض الروايات تقول ان الدرع سقط من علي اثناء رجوعه منصرفا الى الكوفة من معركة صفين، وروايات تقول اثناء خروجه الى صفين، وروايات تقول ان ذلك حدث مرجعه من معركة الجمل.

10- الذمي، هذه الشخصية العنيدة!، ذات ألقصة ألإستثنائية (التي تقف غريمًا لرئيس الدولة)، هذه الشخصية ألتي لم تهب القوة والسلطان ، ولم تتردد في المضي الى آخر الشوط، ووضعت امير المؤمنين أمام القضاء. وحصلت على حكم من القضاء لصالحها ضد ألأمير. ثم انبهرت بالحكم وبعدالة ألإسلام، فاسلمت. واصبحت من فورها مجاهدة في سبيل الله وتشارك الجيش القتال في اكثر من موقع، (في صفين وفي النهروان وغيرها)، ثم يسجل البعض مآل نهايتها بالاستشهاد في سبيل الله في القتال. هذه الشخصية التي لها كل هذه الأهمية والشأن والشهرة بقصتها ألإستثنائية هذه. كان ينبغي أن يكون إسمها من ألشهرة بمكان!. فكيف لاتعرف من هي هذه الشخصية، وكيف لاتشتهر بين الصحابة والتابعين. إنه لأمر يدعو للتشكيك في صحة وواقعية هذه ألشخصية.
من كل هذه المعطيات والقرائن المتقدمة، يتضح ان هذه القصة مختلقة وضعيفة وباطلة، وعدل ألإسلام لايحتاج لمثل هذه التلفيقات لإثباته. وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) والقاضي شريح (رحمه الله) منزهان عن مثل هذا السقوط والتعسف في مجلس القضاء. وحاشاهما ان يصدر منهما مايشين من التحيز في معاملة أهل الذمة ، فهما أجل وأكرم مما تم تصويرهما به في هذه المسرحية المختلقة.