23 ديسمبر، 2024 2:44 ص

هل حقا سقطت داعش فى العراق؟

هل حقا سقطت داعش فى العراق؟

عندما تعرضت محافظات العراق لهجوم من تنظيم داعش الإرهابي، ونجح التنظيم فى السيطرة على عدة محافظات عراقية ، كان طبيعيا أن يخرج ملايين العراقيين من ديارهم هربا من ذلك التنظيم الذى أحرق الأخضر واليابس فى كل مدينة وطأتها أقدام عناصره الارهابية.
كان طبيعيا أن يبحث العراقيون من سكان الموصل ونينوي وغيرهم من المدن التى سقطت بيد داعش عن مكان آمن يحتمون به من نيران الإرهاب الأسود المسمي داعش، وسواد الإرهاب المقنن الذى يمثله الحشد الشعبي.
لم يجد النازحون مكانا أفضل من إقليم كردستان يآوون إليه فى مصابهم ويحتمون به مما لحق بهم، ووفقا التقارير الدولية فقد نزح لإقليم كردستان أكثر من 2 مليون عراقي من غالبية المدن التي احتلها داعش.
ربما منعت الظروف القاسية هؤلاء العراقيون من اللجوء لأوروبا أو أمريكا، ولم يفكروا فى الذهاب لبغداد التي يفترض أنها عاصمة دولتهم العراق، ذهبوا لاقليم كردستان رغم كل الدعاية السلبية التي تعرض لها الإقليم فى ذلك الوقت، والاتهامات التي لاحقت قياداته من محاولة تقسيم العراق، والعمل وفق أجندة إسرائيلية لتفتيت المنطقة العربية، وغير ذلك من التهم والأباطيل التى تلصقها بعض وسائل الإعلام بحق الكرد.
ورغم سقوط داعش، وتحرير المدن العراقية من قبضة الإرهاب وفق ما أعلنت الحكومة العراقية منذ قرابة عامين، وما تبع ذلك من السماح بعودة اللاجئين والنازحين والمهجرين لمدنهم وقراهم ألا أن اللافت للنظر أن هناك 763 ألف نازح مازالوا يعيشون فى مخيمات كردستان رافضين العودة لمدنهم التي تم تحريرها من قبضة التنظيم الارهابي.
أمر ملفت حقا، كيف لهؤلاء أن يتركوا بيوتهم ومدنهم المحررة، ويعيشون كلاجئين فى مخيمات، كيف لهم أن يؤثروا حياة اللاجئين على حياة يفترض أنها أكثر حرية وأفضل فى مستوي الحياة.
أسئلة كثيرة دارت بعقلي وأنا أقرا ذلك الحوار الذى نشرته صحيفة رووادو عبر موقعها الالكتروني مع عائلة من اللاجئين المقيمين بمخيمات كردستان.
“لا أمن ولا عمل” بهذه الكلمات فسر أحد النازحين سر بقائهم بكردستان وعدم رغبتهم فى العودة للموصل، مشيرا إلى أنه “لا أحد لا يريد العودة لمنزله ومدينته، ولكن الحكومة لا تهتم بنا ولا نريد أن يعيش أبنائنا أجواء الحرب مرة أخري، فلا نأمن على أنفسنا ولا نجد العمل لتوفير نفقات الحياة “بحسب كلامه.
كلمات موجعة، تعبر عن واقع صادم يعيشه العراق، كلمات تفتح الباب لأسئلة كثيرة لن نجد لها إجابة، ما معني أن يفتقد المواطنون الأمن والأمان فى وطنهم ؟ ألم تسقط داعش كما أخبرونا واحتفلوا أمام العالم ؟ ألم يظهر رئيس الحكومة العراقية السابق العبادى ليعلن أمام العالم القضاء على داعش ؟ إذن لماذا تجاهلت الحكومة اللاجئين والمدن المحررة للدرجة التي تدفع سكان هذه المدن للبقاء فى المخيمات رغم مرور عامين على تحرير مدنهم ؟
ربما يكون الواقع مؤلم بالعراق، والصورة بالفعل قاتمة، ولكن رغم كل هذا السواد يبقي إقليم كردستان نقطة ضوء وسط حالة من العتمة، ضوء تذوب معه ظلمات الطائفية والمذهبية التي تتحكم فى السياسة العراقية بصورة تجعلها تتجاهل النازحين والمدن المحررة من قبضة داعش.
عندما أختار أن أعيش كلاجىء، على أن أعود لمدينتي فهذا يعنى أني أنعم كلاجىء بما لا أجده كمواطن، وعندما يفضل أكثر من 700 ألف نسمة البقاء كلاجئين فى كردستان فهذا شهادة جيدة بحق إقليم كردستان وزعامته بقيادة السيد نيجرفان بارزاني رئيس الإقليم الذى نجح فى جعل الإقليم منصة للحب والمواطنة وواحة للتآخي والتعايش.
سياسة نيجرفان بكردستان، قادت الإقليم ليصبح شعاع نور يبدد ظلمات العراق، ففي الوقت الذى تتجاهل فيه حكومة بغداد المدن المحررة، نجد أن رئاسة الإقليم تعلن يوم الثالث من اغسطس يوما للإبادة الإيزيدية على يد تنظيم داعش، وتتحرك أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة لجعلها ذكري عالمية.
كما طالب نيجرفان بارزاني أكثر من مرة حكومة بغداد باعتبار مدينة سنجار محافظة، ومنح اهلها سلطات أكبر فى إدارة مدينتهم كتعويض بسيط لما عانوه تحت حكم داعش.
أثبت إقليم كردستان قدرته على إسقاط داعش، ونجح ولو بشكل بسيط فى إعادة البسمة على شفاه ضحايا التنظيم ومازال مستمر فى دعمهم، أما فى بغداد فيبدو ان تنظيم داعش لم يسقط بعد.