الفكر الجمعي، والفهم الخاطيء للسياسة، عقبتان كأداوتان، تعترضان مسيرة التقدم الإستراتيجي للبلد، وهذان العنصران يمثلان القوت الثقافي، لمجموعة كبيرة من شرائح الشعب، ويعملان في التأثير بصورة كبيرة، على صناعة الرأي العام، وتوجيه دفة الديمقراطية، وبالنتيجة تعمل هذه الشرائح بصورة غير منظورة، بإتجاهين: أحدهما نحو تخريب البلد، والثاني لفائدة السياسيين الفاسدين!
غالباً ما تكون الطرق الملتوية، سبيلاً للسياسيين الفاسدين، ويكون التصيد في الماء العكر ديدناً لهم، وبين متاهات الفكر الجمعي، وديماغوجيا السياسيين؛ يرزح الشعب تحت وطأة الفساد، ويقبع في بركة التخلّف، وحينها يُنهب الوطن وتضيع الحقوق، ويفتقر الشعب! بل يتحول الشعب الى معول تهديم للوطن، الذي يعيش على ترابه، ويتنعم بخيراته!
في الآونة الأخيرة؛ كثر اللقط حول الاتفاق الذي أبرم، بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، بشأن تصدير النفط، حيث أخذت الأصوات تتعالى، بين رافضٍ، ومشككٍ، ومؤيد، وكالعادة تصدرت أصوات المتربصين، من السياسيين ذوي النزعة المكيافيلية، بغية إفشال ذلك الاتفاق، مستغلين عامل الفكر الجمعي، والفهم السياسي الخاطئ، لدى بعض شرائح المجتمع العراقي!
تلك الفئات الاجتماعية، تقدم أهوائها وميولها الذوقية، على مصلحة البلد، منفعلة بصدى أصوات أولئك السياسيين، وأبواقهم الإعلامية المأجورة، والتي تعزف على أوتار النعرات الطائفية، والقومية! نعم إنها “نعرات” فهي ليست من ثقافة الشعب، وإنما جائت نتيجة تثقيف أولئك السياسيين الفاسدين، لتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة، ليس إلا، وعلى حساب الوطن والشعب!
الإتفاقية النفطية التي أبرمت، بين المركز والإقليم، أفضت إلى تصدير 150 ألف برميل يومياً من “نفط كردستان” أما نفط كركوك وبسبب التخريب الحاصل في خطوط الأنابيب الناقلة، والممتدة في أراضي مدينة الموصل، فقد تم ربطها بخطوط أنابيب كوردستان، ليتم تصديره عبرها، وتم الشروع بتصدير كميات تتصاعد يوماً بعد يوم.
في المحصلة؛ أي تقدم بإتجاه وحدة الأراضي العراقية، وكسر حاجز الجليد بين المركز والإقليم؛ يعد مكسباً كبيراً للوطن، وإن سياسة التهديد والوعيد، لم تجدي نفعاً بالأمس، حينما إستخدمها الديكتاتور صدام، فكيف باليوم؟! فالعراق بحاجة الى خطط إستراتيجية في شتى المجالات؛ السياسية والإقتصادية والأمنية، وتلك الإستراتيجيات يضعها المتخصصون، لا المأزومون والمطبلون!