يتعلم الإنسان من تجاربه التي يخوضها, دروسا عظيمة يفترض به أن يختزنها, ضمن معارفه وخبراته, ليستفاد منها في تقييمه لما هو أت, من الحوادث والظروف.
من المنطقي إنعكاس الخبرات الفردية, على سلوك جمعي مجتمعي, وخصوصا في التجارب قاسية, عندما ندفع ثمنا باهضا لها, أرواحا وخرابا وثروات مهدورة.. وهو ما مر به العراق, ولأكثر من مرة.
قد تفشل الأمة في التعلم من بعض دروسها, خصوصا إن كانت الأمة جاهلة أو متدنية الوعي والثقافة, أو طغت عليها السلبية الإتكالية, فتعاد عليها الدروس مرة بعد أخرى, وتدفع نفس الثمن, لأنها سارت بنفس الخطوات, فكانت نفس النتائج.
يعتقد أصحاب صنعة الحرف, أن الإنتهاء من موضوع من كتاب, أو جزء من قصة, يوجب إختتامه بنقطة, والعودة لرأس سطر جديد, للإنتقال لفكرة جديدة, أو مرحلة جديدة في قصتنا وموضوعنا, فنحاول تغيير مسار الأحداث, لما نريده كمؤلف وكاتب.. كبداية جديدة, لمرحلة مختلفة من القصة وأحداثها المستقبلية.
لكي تنتقل الأمة من وضع حالي, إلى مرحلة بداية جديدة, تحتاج لحدث ليس عاديا, وظروف “زمكانية” تتيح لها الإنتقال والبدء بالتغير.. ويسبق كل ذلك, وجود رغبة وإرادة حقيقية لإحداث التغير, وهو أمر ذاتي يمكن التحفيز عليه والدفع بإتجاهه, لكن لا يمكن أن نوجده من العدم, إن لم تمتلكه الأمة, كأفراد وروح جماعية.
مرت بالعراق ظروف عصيبة ومتتالية, كل واحدة منها كافية لتعيها ” الأمة العراقية” وتتعلم منها دروسا كبيرة وقاسية, لكن معظمها مر علينا كالسحاب, وتم نسياناها بمجرد إنقضائها.. وعدنا لنخوض تجربة جديدة أقسى من سابقتها.
رغم أن الإنتخابات, واحدة من أهم وأوضح أليات العمل الديمقراطي, التي تمكن المواطن من تعديل خياراته, ومعاقبة الفاشلين والفاسدين.. لكننا وبكل سذاجة لم ننجح في الإستفادة من تلك الفرصة, بل ونعمل على إفشالها والتشكيك في فاعليتها, متعمدين أو ربما دون أن ندري أو نعي ذلك.
رغم كل الملاحظات التي نمتلكها كلنا, عن العملية السياسية, والإنتخابات وما يرافقها من تسقيط وتلاعب ربما, وأخطاء فنية أو غيرها, لكنها الألية الوحيدة المتاحة لنا, بما يمنع وجود دكتاتورية مرة أخرى, ويمكن أن يسمح بتداول السلطة, وتغيير الفاشلين.
إرتكاب الأخطاء طبيعة بشرية, وهو أمر طبيعي لمن يعمل ويمارس الحياة ومسؤولياتها, لكن الإصرار على الخطأ وعدم وجود رغبة حقيقية لدينا, بالتصحيح والإنتقال لبداية سطر جديد, وكتابة شيء مختلف في قصتنا.. هو غاية في الفشل.