تدخل المواجهة الأمريكية – الإيرانية مرحلة خطيرة ومعقّدة، في ظِلِّ جملة معطيّات أمريكيّة ودولية وإقليمية ،تجعل من العراق ساحة حرب قادمة بين الطرفين،ومن أبرز هذه المعطيات الانتشار الواسع والسريع للجيش الامريكي ،في القواعد الجوية والمعسكرات والمدن، والتجوّل في شوارع العاصمة بغداد بشكل علني، وبتحدٍ واضح ،لجسّ نَبض الحكومة والأحزاب والميليشيات التابعة لإيران، فضلاً عن أن الإنسحاب من سوريا، بات مؤكداً ولكنه بطئياً، إضافة الى التحشّيدات العسكرية والصاروخية الهائلة في الخليج والمنطقة، والتهيؤ لبدء المعركة العسكرية،حيث أن جميع المؤشرات تدلّ على تطبيق السيناريو الامريكي بغزو العراق ، في غزو إيران، فنقل منظمة مجاهدي خلق الى أربيل، وتمويّل وتسليح المعارضة الأحوازية ،ودعم ابن الشاه رضا بهلوي ،وعقد مؤتمر المعارضة العراقية، لتشكّيل حكومة إنقاذ في المنفى في شيكاغو، نفسها الطريقة التي إستخدمتها إدارة المجرم بوش مع العراق ،في دعم وإسناد وتسليّح مايسمى المعارضة العراقية التي تحكم العراق الآن، هذا كله يحدث في ظل صفقات أمريكية واضحة، مع روسيا والرئيس بوتين ، ومع الرئيس التركي اردوغان،حيث إتفق الرئيس ترمب مع الرئيس بوتين على تقاسم النفوذ في سوريا على دعم القرار الأمريكي تحجّيم إيران وطردها من سوريا والعراق ،وفرض الحصار التأريخي عليها إقتصادياً ، ومنعِها من تصدّير النفط الى العالم ،في حين تترك النفوذ الروسي، يأخذ مداه في عموم سوريا، في الاستثماروالحركة وبناء قواعد عسكرية ،يضمن تنفيذ مصالحها الاستراتيجية بعيد المدى على البحر المتوسط، وكذلك الحال مع الرئيس التركي أردوغان، إطلاق يده عسكريا في شمال سوريا،للقضاء على الحلم الكردي هناك ،في إقامة كيان لحكم ذاتي على غرار الحكم الذاتي في العراق، وكذلك القضاء على المعارضة ،التي يمثلها حزب العمال الكردستاني ووحدة القوات الخاصة الديمقراطية السورية في العراق وسوريا، حتى أن الوحدات الخاصة الديمقراطية الكردية، التي حرّرت الرّقة ودير الزور، وبعض الاقضية والقرى في سورية من قبضة داعش، طعنتها وخذلتها الإدارة الأمريكية بظهرِها، وتركتها لوحدها تواجه الجيش التركي والمعارضة، في منبج وتل أبيض وكلس وتل الهوى وغيرها ، هكذا دائماً الإدارات الامريكية تخذل وتطعن حلفاءها في الظّهر، والاستفتاء في كردستان مثال قريب على ذلك، إذن هل نقول حانتْ ساعةُ المواجهة الأمريكية –الإيرانية، نحن نرى أن المواجهة مع إيران قد حسمت تماماً، ولم يبقْ إلاّ الإعلان لحظتها، حسب جميع التقديرات والمؤشرات السياسية والعسكرية الامريكية ، وحتى الإستعدادات داخل الكونغرس ومجلس النواب الامريكي، والتغيرات في الإدارة العسكرية ،من إقالة وزير الدفاع جون ماتيس، وبعض كابينة الرئيس ترمب ، بعد إستكمال إستعدادات البنتاغون والسي اي اي، ولكن ماهو مستقبل ونتائج وإنعكاسات هذه الحرب، التي ستدور رُحاها في العراق أولاً قبل أن تدخل العمق الايراني، بكل تأكيد الشعب العراقي يتخوّف من هذه الحرب، بالرغم منه انه يريد تدمير واسقاط نظام الملالي في طهران، للدور السلبي والتدميري وقتل وتهجير العراقيين ،الذي مارسته ايران وشاركت امريكا في أحتلال العراق عام 2003 ، ومازالت تمارس الدور السلبي التخريبي في العراق، من خلال أذرعها وتوابعها ، نعم العراق لايريد أن تكون أرضه ساحة الحرب إطلاقاً ، نحو إيران، لكي لايقع المزيد من الضحايا والتدمير، ولكنْ البعض في الشعب العراقي ،الذي إكتوى بنار إيران وعناصرها وأحزابها ،يرفع شعار ( عليّ وعلى أعدائي)، وهذا يتوقّف كلّه، على الأحزاب الحاكمة وسطوّتها في العملية السياسية من خلال خروجها عن الخيمة الايرانية، فهي تستطيع أن تقلّل من حجم الخسائرالعراقية الناجمة عن الحرب، ولا تستطيع إيقافها او إنطلاقها من الأراضي العراقية، لأن الادارة الامريكية ،ترى الاحزاب والميليشيات كُّلها في الخندق الايراني، ولهذا لاتعوّل على الحكومة العراقية، بل تنظر إليها على أنها جزء من النظام الايراني، والتابع لمشروعه التدميري في المنطقة، بل التنفيذي لمشروعها ، والدليل إشتراك الميليشيات العراقية ،والحشد الشعبي في دعم وإسناد النظام السوري والقتال معه، ضد تنظيم داعش والنصرة داخل الاراضي السورية ،مع الحرس الثوري وفيلق القدس الايراني ، لهذا نرى أنّ الأمر موكول للإدارة الامريكية ،وهي مَنْ يحرك بيادقها هنا وهناك ،لمصلحتها، ولإستكمال مواجهتها مع ايران، وهكذا ألزّمتْ حكومة عبد المهدي وقبلها حكومة العبادي، بضرورة الإلتزام بالقرارات الامريكية في فرض الحصار الاقتصادي والنفطي مع إيران، وأعطّت للحكومة مُهلة أشهر لتنفيّذ الحصار على ايران بحذافيره، واليوم ننظر الى التحالف الدولي الذي أسّسته أمريكا، ومعها فرنسا وبريطانيا والمانيا والدول الاوربية ضد إيران، هو ليس الذي أسسّه الرئيس بوش ضد العراق، فالرئيس ترمب إستطاع أن يحشّد أهم وأقوى الدول الكبرى ضد ايران ،وتحيّيد أقوى الدول الكبرى ضد ايران مثل الصين وروسيا وغيرها ، وهذا إمتياز ترمب في الحرب على ايران، أي أنه جّند العالم كله ،لإسقاط حكام طهران، لأنها كما يؤكدون دائماً ،تعدّ الراعية الاولى للإرهاب في العالم ، وعامل أساسي في زعزعة أمن وإستقرار أهم منطقة في العالم ،الغنية بالنفط والموارد والموانيء والمضائق العالمية ، وما حصل من قيام عناصرإرهابية ومنظمات دبلوماسية إيرانية اعمال إغتيالات وتفجيرات، في فرنسا وبلجيكا وكندا وهولندا بالقيان بأعمال إرهابية ،أثبتت للعالم، أن إيران اليوم تشكل أكبر خطر على العالم بدعمها الارهاب العالمي بما فيها تنظيم داعش والنصرة وطالبان وبوكو حرام وغيرها،وما يجري في المنطقة من حروب في اليمن والعراق وسوريا ولبنان تقف وراءها إيران ،وميليشياتها وأحزابها وأذرعها حزب الله اللبناني والحوثيين والفصائل المسلحة العراقية ،التي تأتمر بأوامر قاسم سليماني مباشرة، وهكذا تدور عجلة الحرب بسرعة غير متوّقعة، لتنفيذ المشروع الامريكي الذي نوهنا عنه سابقا، وأسمينّاه بديلاً عن سايكس – بيكو بإتفاقية ترمب –اردوغان ، نعم التغييّرات الجذرية التي أعلنها الرئيس ترمب، في أول إستراتيجية له ،وهي أستراتيجية التغييّر الجذري الشامل في المنطقة ،وتطبيق مشروع برنارد لويس تتجّسد اليوم بأبشع صورها على الارض، من خلال الحرب القادمة ضد ايران ،بعد إزاحة العراق ونظامه الوطني السابق ،عن حلبة الصراع الدولي، وإخراجه من التوازنات الدولية والاقليمية، اليوم ياتي دور إيران ،لتشرب من نفس الكأس، الذي شاركت بيدها في إسقاء العراق منه، من خلال مشاركتها غزو العراق مع القوات الامريكية ، نحن اليوم على أعتاب سيناريوهات جديدة في عموم المنطقة، يسقبها تطبيع عربي مع إسرائيل التي جعلتها أمريكا من خلال غزو العراق –صديقاً – لا عدواً للعرب ، وحوّلت بوصلة العدِّاء العربي لإيران ، علماً أن إيران بالنسبة للعراق عدواً تاريخياً لاجدال فيه، ولكن الإستراتيجية الامريكية لها مفعولها ،الذي يتجسّد الآن بشكل واضح وأقل غموض من ذي قبل، نعم حانتْ ساعة الحساب الامريكي لإيران، ولكن الحرب مع ايران ليست سهلة أبداً، في ظلّ تواجد أذرع إيران وفصائلها المسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، أعتقد الحرب مع إيران مكلفة جداً، لتعدّد مصادر القوة لإيران خارج إيران، وهذه القوّة يمكنها مشاغلة الجيش الامريكي وإيقاع الخسائر به، وخاصة في العراق، وهذا مايُقلق الجانب الأمريكي، ولكن في النهاية المؤكدة ،ألنصر ستحققه الطائرات والجهد الإستخباري الأمريكي والصواريخ الموجهة ،الباتريوت والذكية والتدميرية وتعطيل الاجهزة الالكترونية داخل ايران،والتنسيق مع طيران التحالف الدولي بقيادة امريكا ، الحرب معقدة جدا مع إيران ولكنها محسومة في إسقاط حكّام طهران الى الأبد ….