18 ديسمبر، 2024 6:19 م

هل جربت روسيا اسلحتها في سوريا فعلا؟

هل جربت روسيا اسلحتها في سوريا فعلا؟

في مثل هذا اليوم منذ خمس سنوات صدرت أوامر القائدالأعلى للقوات المسلحة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين،لرئاسة الأركان في وزارة الدفاع الروسية بالقضاء علىالجماعات الإرهابية في سوريا.
كانت تلك الجماعات التي يتزعمها تنظيم داعش الإرهابي،وحتى ذلك الحين، تتوسع على الأراضي السورية على نحومتسارع، بدعم لوجيستي ومادي وأيديولوجي خارجي منقبل دول وأجهزة أمنية، وضعت على أولويات أجندتهاالتخلص من النظام السوري وقيادته بأي ثمن، حتى ولوتسبب ذلك في تدمير جميع المدن السورية، وإبادة نصفالشعب السوري.
كانت النتيجة بسط تنظيم داعش لسيطرته على كاملالأراضي السورية، وحصوله على معظم عتاد وسلاح وبعضأفراد الجيش العربي السوري، وإعلان ما سمي بـالدولةالإسلامية، التي كان من بين أهدافها التمدد إلى الأردنولبنان، بعد أن بسطت نفوذها على سوريا وأجزاء منالعراق. وربما كانت تهدف إلى ما هو أبعد من ذلك،بالهيمنة على العالم، ورغبة من داعش فينشر الدينالإسلاميوفقا لرؤيته التي تتضمن تطبيقشريعتهالإسلاميةعلى كافة الأراضي الواقعة تحت سيطرته،بصرف النظر عن الديانة أو العرق أو القومية، بما يعنيهذلك من إقامة الحدود، وقطع الأعضاء والرقاب، وتنفيذعمليات نحر وقتل وتنكيل بالجثث وحرق وتفجير وتدميرعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره، أمام كاميراتالفيديو، وبجودة فائقة، وإخراج محترف. بل وأقدمالتنظيم على تدمير مجموعة هائلة من الآثار في تدمروغيرها، والتي لا تنتمي إلى سوريا بقدر انتمائها للتراثالبشري العام، علاوة على ما تم تهريبه وبيعه في الأسواقالسوداء حول العالم من تحف وآثار قد لا تعود أبدا.
بدأت القوات الفضائية الروسية عمليتها العسكرية فيالقضاء على الجماعات الإرهابية المدججة بمختلف أنواعالأسلحة ووسائل الاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة، التيكانت توفر لها معلومات استطلاعية من خلال الأقمارالصناعية الغربية عن مواقع تمركز وتحركات قطاعاتالجيش العربي السوري، بإشراف غير مباشر من البنتاغون.تم التجهيز لهذه العمليات على نحو سري وسريع للغاية،بعد أن تقدمت القيادة الشرعية للجمهورية العربيةالسورية بطلب رسمي إلى روسيا للدعم العسكري فيظروف صعبة للغاية، إذ كانت دمشق وقتها تقع تحتحصار شبه كامل، وتفصلها عدة أيام فقط عن معركةمصيرية كان من الممكن أن تدمر دمشق بالكامل، وتقتلنصف سكانها، إضافة إلى سكان ضواحي المدينة، ممنأصبحوا فعليا رهائن لدى الإرهابيين، يستخدمونهم كدروعبشرية.
أرسلت روسيا نخبتها العسكرية المدربة من القواتالخاصة، لتفادي الخسائر البشرية بين المدنيين أثناءعملية القضاء على الإرهابيين على كافة الأراضي السورية،وبالفعل بدأت العملية، وتمكنت القوات الروسية بمشاركةالجيش العربي السوري، وبتنسيق كامل بين مركزالعمليات العسكرية الروسي في سوريا والأركان العامةالسورية، وتم إنقاذ العاصمة السورية دمشق من براثنالإرهاب، وفك أسر مئات الآلاف من المواطنين السوريين،وتصفية أكثر من 130 ألف إرهابي ومقاتل أجنبي منجميع أنحاء العالم، في معارك شاهدها الجميع علىشاشات التلفزيون ومن خلال وكالات الأنباء العالمية وعلىمواقع التواصل الاجتماعي.
كان من نتيجة العملية العسكرية ظهور مسار أستانا الذيتشارك فيه الدول الضامنة: روسيا وتركيا وإيران، والذيبفضله تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار على كاملالأراضي السورية، وإعلان أربع مناطق للتهدئة، والعملعلى تسويات مقبولة للمسلحين من السوريين، ممنسلموا سلاحهم، أو نقل من رفض تسليم السلاح إلى إدلبمع عائلاتهم، تمهيدا لتسوية أوضاعهم لاحقا. وكان السببوراء تعقيد وتشابك وصعوبة هذه العملية هو الأولويةالقصوى لدى القوات في تفادي وقوع ضحايا منالمدنيين، سواء من الحاضنة الشعبية للإرهاب من نساءوأطفال وعجائز، أو من السوريين ممن وقعوا دون ذنبأسرى لسيطرة داعش وسائر التنظيمات الإرهابية علىالمدن السورية.
وعودة إلى العملية العسكرية الروسية في سوريا بمناسبةمرور خمس سنوات على انطلاقها، أود الرد هنا إلى ما يتمتداوله من افتراءات ، بدعوى أن روسياحولت سوريا إلىحقل تجارب لأسلحتها الحديثة، لتختبرها على الشعبالسوري، بل ويستند من يطلق هذه الافتراءات إلىتصريحات للقادة الروس، بأن الجيش الروسياكتسبخبرة قتالية عملية على الساحة السورية، من خلال اختبارالكثير من الأسلحة، وهو ما يسهم في تعزيز القدراتالقتالية للجنود والضباط الروس“.
أقول توضيحا إن كثيرا من مناورات التدريب والاختباراتللأسلحة الحديثة بالفعل نُقلت من الأراضي الروسية إلىسوريا، وتحولت من مناورات تدريبية إلى عمليات قتاليةحقيقية على الأرض، لكن الهدف منها كان القضاء علىالإرهابيين بدقة شديدة لتفادي وقوع أي خسائر بينالمدنيين، وأكررأي خسائروليسأقل خسائر، وقدتحقق الهدف من تلك العمليات على أكمل وجه، وأمكنللجيش الروسي الجمع ما بين تنفيذ هذه المهام الدقيقةوالمعقدة، وبين التخفيف من الأعباء المادية المخطط لهابالأساس لتغطية نفقات المناورات التقليدية، التي تدخلفي إطار برنامج تدريب الجيش الروسي، لرفع قدراتهالقتالية، وهو ما أشار إليه القادة الروس في حديثهم عنرفع المهارات القتالية وتعزيز قدرات الجنود والضباطالروس من خلال عمليات قتالية حقيقة على الأراضيالسورية.
لكن الأهم من ذلك، هو الجهود السياسية المكثفة التيرافقت العملية العسكرية في سوريا، والمساعداتالإنسانية التي قدمتها روسيا لمساعدة السوريين على كافةالمستويات لتجاوز أزماتهم الداخلية.
ختاما، وبمناسبة مرور خمس سنوات على بدء العمليةالعسكرية الروسية السورية المشتركة، نعزي أسر جميعالضباط والجنود الروس، ممن استشهد ابناؤهم وأحبتهمعلى التراب السوري، بينما يقومون بأسمى المهام ليسفقط دفاعا عن سوريا والشعب السوري، وإنما من أجلخلاص البشرية من كابوس الإرهاب الدولي الجاثم علىأرواحنا جميعا، ومن أجل حماية الأمن القومي الروسي.
العزاء والمواساة لكل السوريين ممن فقدوا أحبتهموأعزائهم في معركة المصير من أجل الشعب السوريالعظيم، وحفاظا على السيادة ووحدة الأراضي السورية.