ماراثون تشكيل الحكومة الذي وصل الى قبة البرلمان ونال الثقة بحكومة غير مكتملة الوزراء كان وبلا شك هو الافضل في مجال تشكيل الحكومات بعد عام ٢٠٠٣ ، لسببين هما:
الاول – ان وعي بعض النواب وصل الى مرحلة القرار الفردي بعد كان قرار النواب في الدورات السابقة جماعيا ومرهون بالكتل السياسية التي رشحتهم.
الثاني – ان رئيس الوزراء المكلف مستقلا لأول مرة ورغم ذلك نجح في نيل الثقة بحكومته وسط الخلافات بتمرير ١٤ وزارة ما يعتبر إنجازا لافتا.
ورغم هذه التطورات الإيجابية فان استقلالية الدكتور عادل عبد المهدي لم تكن كاملة فعليا في مواجهة املاءات بعض الكتل السياسية التي ظهرت بصماتها واضحة على وزراء التشكيلة الحكومية ، وان استمر الوضع على هذا المنوال فان تلك الكتل لن تدع رئيس مجلس الوزراء يعمل بحرية او تدعم برنامجه الحكومي المثالي المقدم؛ والذي قد يتقاطع مع مصالح ورغبات وطموحات البعض أفرادا واحزابا ، لذا ليس امامها من خيارات في التعامل مع الحكومة الجديدة الا باعتبارها وسيلة لتحقيق غاياتها الحزبية… وقد يعتبر هذا السيناريو الاقرب الى التحقيق لعدة اسباب ، منها:
1. رئيس مجلس الوزراء في هذا الوضع لا يمتلك التغطية اللازمة برلمانيا ، فمن يدعمه اذا اتفقت الكتل على طرح الثقة بوزارته في البرلمان؟.
2. رئيس مجلس الوزراء معرض لضغوط شديدة داخل مجلس الوزراء نفسه لان الوزراء الحزبيين قد يعملوا بالضد من سياساته.
3. ان طبيعة البرلمان حزبية بامتياز نتيجة طبيعية لما افرزته صناديق الاقتراع ، ولما كانت الحكومة ليست بنت البرلمان هذه المرة لسببين:
الاول – رئيس مجلس وزارءها مستقلا.
الثاني – كل وزرائها من خارج البرلمان.
فان الكتل البرلمانية ستعمل من اجل مصالحها فقط وتحقيق غاياتها حتما على حساب الاداء الحكومي دون الاكتراث لنجاح الحكومة او فشلها.
ووفقا لهذا السيناريو فان جهود الدكتور عادل عبد المهدي وفرصته بالنجاح سوف تضيق امام البرلمان وتبقى معلقة بأهواء الكتل السياسية التي دعمته ، عليه فان المخرج الوحيد لنجاح الحكومة هو قيامها بالتالي:
ا – تمسك رئيس مجلس الوزراء بتعهداته في المئة يوم الاولى ونجاحه في إنجاز متطلباتها.
ب – خروج رئيس مجلس الوزراء من ضغوطات الاحزاب بالتوجه الى المواطن والعمل على تحقيق الآمال والطموحات التي علقها على الحكومة الجديدة.
ج – السير بمنهاج مختلف في الادارة التنفيذية وأحداث ثورة من التغييرات الجذرية في المناصب وآليات العمل وتقديم الخدمات الاساسية بما يلسمه المواطن بوضوح خلال فترة وجيزة.
د – الالتزام بالبنود الاساسية من البرنامج الحكومي وبالذات ما يتعلق بالأمن والاستثمار والقضاء على الفساد والبطالة.
لكن بعض ما تقدم يحتاج وقت طويل وبرامج استراتيجية لتحقيقه ولن يتحقق طبعا ورئيس مجلس الوزراء لوحده منفردا في مواجهة كل اسباب الضغوط السياسية ومنظومة الفساد والفاسدين وسياسيين مخضرمون واحزاب عتيدة خبرت السلطة وذاقت حلاوتها… لذا فإنها دعوة الى الجميع من نخب وطنية وكتل وشخصيات برلمانية مستقلة ومثقفين ومنظمات مجتمع مدني ومواطنين لدعم حكومة الدكتور عادل عبد المهدي في مواجهة كافة التحديات التي تعيق عملها ، ليس لان هذه الحكومة تلبي رغبات الشعب بل لأنها تمثل الفرصة الاخيرة والخطوة الاولى لأحداث تغيير انتقالي من حكومة الاحزاب الى حكومة يؤيدها الشعب.