23 ديسمبر، 2024 4:52 ص

هل تنجح إستراتيجّية ترمب في العراق..؟

هل تنجح إستراتيجّية ترمب في العراق..؟

يرى الكثير من المحللين والمراقبين الدوليين ، أن الاستراتيجية الامريكية التي أعلنها الرئيس الامريكي دونالد ترمب ، في الشرق الاوسط ، قد أخذت ملامحها تتحقق على أرض الواقع ، وأولى معطيات هذا التحقق ، هو إلإنسحاب من الاتفاق النووي الايراني، برغم معارضة جميع حلفاء أمريكا الاوربيين ، ودول الاتحاد الاوروبي، والذين أقنعهم في النهاية الرئيس ترمب، في إيصال حقيقة الخطر الايراني، في زعزعة أمن وإستقرار الشرق الاوسط والعالم، وكانت زيارات الرئيس ايمانويل ماكرون وانجيلا ميركل تيريزا ماي الى البيت الابيض، وقبل هذا والاهم اللقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحليف الاستراتيجي لأيران، والذي إنقلب على حليفه الايراني 180 درة الآن بخصوص الاتفاق النووي ، وإصطف مع رؤية الرئيس ترمب ،وكانت أيضا من نتائج نجاح ترمب في إستراتيجيته في سوريا، تحييد المعارضة السورية وضرورة تفاهمها مع النظام في مؤتمراستانات وجنيفات، وسوتشي، وعزلها عن تنظيمي النصرة وداعش ، وترك النظام السوري بمساعدة حزب الله والميليشيات العراقية والحرس الثوري الايراني من مواجهة داعش والنصرة في دوما والقلمون ومخيم اليرموك وادلب ودير الزور وغيرها، وفي نفس الوقت أعطى الضوء الاخضر لاسرائيل لقصف وضرب المطارات العسكرية (التيفور وحميميم والمزة وغيرها) ،ومقرات القيادة ومعسكرات الجيش المتواجد في الحرس الثوري وحزب الله والميليشيات العراقية التابعة لايران ، مع إرسال تهديدات قوية لحرب شاملة ضد إيران وإسقاط نظام الملالي، إضافة الى كل هذا قامت إدارة الرئيس ترمب بفرض حصارات قاسية جديدة على إيران ، واعلنت الخزانة الامريكية إنها وضعت أسماء ورؤساء بنوك وتجار يمولون حزب الله على لائحة الارهاب العالمي ، وفي مقدمتهم إبن عم حسن نصرالله ، واراس حبيب العراقي والبنك الذي يديره في العراق( بنك البلاد)، ناهيك عن ترحيل جميع الشركات الاوروبية العالمية الكبرى من إيران ،ومنها شركة توتال الفرنسية العالمية ،واعلان دول الخليج والسعودية على وضع حسن نصر الله واعضاء حزبه على لائحة الارهاب العالمي، هذا النجاح الامريكي في إستراتيجية ترمب، جعل من سطوة وهيمنة إيران وحزب الله ضعيفة ومهزوزة في سوريا، ووقع اتفاقية مع روسيا حول سوريا، وربما سحب حزب الله ميليشياته من سوريا وأبقى على قطعات رمزية هناك ، تخوفا من إعلان إسرائيل الحرب عليه في لبنان،هذا في سوريا ، اما العراق فالأمر يختلف ، بإختلاف الوضع السياسي القائم الشديد التعقيد ، وقوة الهيمنة الايرانية وسطوتها على الاحزاب الحاكمة الموالية لولي الفقيه ، مع ضعف القوة المعارضِة للتواجد والحضور الايراني، كون السلطة بيد احزاب أيران والموالية له ، فكانت فرصة الانتخابات العراقية الذهبية التي تعول عليها الادارة الامريكية ،في تحجيم وقصقصة أجنحة الاحزاب الموالية لايران والقابضة على السلطة بقوة إيران ،وإخراجها خارج السلطة بإسقاطها في الانتخابات ، ودعم التيارات والاحزاب التي تريد الخروج من العباءة والخيمة الايرانية ، مثل مقتدى الصدر وعمار الحكيم وتياراتهما سائرون والحكمة ، اليوم إنتهت الانتخابات وسط مقاطعة عراقية واسعة ، بخروج وسقوط رؤوس الفساد والطائفية في الانتخابات ، وفوز تيارالصدر بنسبة متقدمة عن بقية القوائم، فكيف ستشكل الحكومة الجديدة ، وسط توتر شديد في داخل الوسط وأحزابه ( الشيعي) ، ينذر بحرب شيعية –شيعية كما تريدها أمريكا وخططت لها ، مع إنقسام في تحالفات الاحزاب الكردية مع بغداد ، حيث حزب الاتحاد الوطني يريد التحالف مع أجنحة إيران، في حين يريد حزب الديمقراطي بزعامة مسعود البرازاني ،التحالف مع مع الجناح الذي تدعمه أمريكا (ولكن بشروطه ) ، إذن العراق ألآن على كف عفريت وحرب أهلية مدمّرة كما بشّر وهدّد نوري المالكي واعضاء دولة القانون وهادي العامري ، إذا لم تشكل قائمة المالكي –العامري الحكومة ، في حين تتواصل اللقاءات بين القوائم والكتل والشخوص الفائزة بلقاءات يومية برئاسة حيدر العبادي ، هنا تبرز قوة وسطوة ادارة ترمب في دعم تشكيل حكومة جامعة وتكنوقراطية شاملة لجميع مكونات الشعب العراقي، وهكذا بادر الرئيس ترمب فور إنتهاء يوم الاقتراع الى إرسال مبعوثه الرسمي بريت ماكفورك الى بغداد واربيلواجتماعه بالعبادي والبرازاني والحكيم والصدر وعلاوي والنجيفي وغيرهم، وتبليغهم رسالة قوية وشديدة اللهجة من الرئيس، مفادها وبالمباشر ، أن حان الوقت لطرد وتقزيم وتحجيم جناح إيران وأحزابها بأية صورة وإنهاء التواجد الايراني في العراق، وفتح الباب لتحالفات لاتضم أجنحة وأحزاب إيران، في حين تداولت الاخبار الغير مؤكدة وجود قاسم سليماني وغجتماعه مع نوري المالكي وهادي العامري والحكيم لإنشاء تحالف إيراني يستطيع تشكيل حكومة تابعة لولي الفقيه ، وفي خضم هذه الأجواء الملبّدة بغيوم سوداء، وفوضى عارمة في قضية تزوير الانتخابات على نطاق واسع في الداخل والخارج ، برزت فرصة تحالف الصدر والعبادي والحكيم (بعد لقاءات وتفاوضات منفردة مع الصدر ) مع قوائم علاوي والنجيفي وغيرهما ، هي الأمل الوحيد لتشكيل حكومة قوية ،خارج الخيمة الايرانية، هذا ما نجحت فيه إستراتيجية ترمب في العراق ألآن ، ولكن من يضمن إستقرار الاوضاع أزاء تهديدات نوري المالكي وهادي العامري بدعم ودفع إيراني لاشعال حرب أهلية في العراق، وأزاء تهديد إيراني لاغتيال مقتدى الصدر(كما يروّج ودائرته السياسية) ، فمن يضبط إيقاع الحكومة المقبلة إذا ما تشكلت خارج العباءة الايرانية وأقصت قائمتي المالكي والعامري، هنا السؤال الاشدّ قسوة على أمريكا في هذه اللحظة ، فهل حسبت إدارة الرئيس ترمب هذه اللحظة وتحسبت واستعدت لها، أم تترك حلفاءها في مواجهة إيران وأحزابها وميليشياتها في العراق ،وهي تتفرج ، أجزم أن إدارة ترمب خططت لهذا، وأوجدت البديل ،وإستعدت لكبح جماح نوري المالكي وهادي العامري، وسعيهما للوصول لرئاسة الوزراء مهما كلف الامرولو بحرب شاملة كما اعلن المالكي ، فالقرار الامريكي هو عدم السماح ( وبأية طريقة ) للمالكي والعامري بإستلام احهما رئاسة الوزراء، وهذا هو سر ّ نجاح إستراتيجية إدارة ترمب ، ليس لمرحلة تشكيل الحكومة العراقية بعد الانتخابات ، وإنما الانتخابات وتشكيل حكومة عراقية بعيدا عن نفوذ ايران ، هو الخطوة الاولى للإنتقال الى مواجهة طهران في وقت لاحق من هذا العام ، تتشكل ملامحه الآن دولياً ،من خلال التحالف الامريكي الذي تقوده لتغيير نظام الملالي في طهران هذا العام، أو بداية العام المقبل حسب الإستراتيجية الامريكية 0-الاوروبية، وشاهدنا تواطؤ وإنحناء الرئيس الروسي، لقرار الإنسحاب الامريكي من الاتفاق النووي، وقبوله به وتأييده وتفهمه له، بل وإنتقاد إيران لإصرارها على خرق العقوبات الدولية لمجلس الامن ،والمضي في تصنيع الاسلحة المحرّمة للصواريخ الباليسيتية ،وهكذا تعمل الآن ألادارة الامريكية بكل قوتها على تدعيم القوائم الفائزة ،التي تريد التحالف مع العبادي وقائمته ، وصولاً لتشكيّل حكومة شاملة تضمّ جميع أطياف الشعب العراقي،ولاتسمح بظهور أية حكومة تابعة لايران ، عليه فإن تحالفات الصدر والحكيم والعبادي وعلاوي والنجيفي،هي فرصة لاإخراج العراق من المحاصصة الطائفية، والذهاب لتعديل الدستور الطائفي المسخ ،وإنهاء الإقصاء والتهميش للطوائف والمكونات حسب الاستراتيجية الامريكية لما بعد الانتخابات، والقضاء على الفساد ورموزه وإحالة كبار وحيتان الفساد الى القضاء، والمسببّين لسقوط الموصل وجريمة سبايكر لمحاكمات قضائية ، وهو مطلب التيار الصدر الاول، إذن العراق ، أمام مفترق طرق، وأمام تحديات كبرى ، إما تاخذه الى بَرّ ألامان وإمّا أن يدخل في النفق الأظلم في حرب لاتُبقي ولا تذر والله الساتر …