22 نوفمبر، 2024 2:17 م
Search
Close this search box.

هل تم بيع العراق؟ (2-3)

هل تم بيع العراق؟ (2-3)

تسابق اميركا الزمن من اجل الانتهاء من تنفيذ مشروع التفجير الشامل للأوضاع في العراق عن طريق الانتهاء من رسم حدود الاقليم النفطي الكردي المستحوِذ على كركوك واحتياطيها النفطي الذي يقدر بحسب مراكز متخصصة بـ 80 – 100 مليار برميل ما يفوق ما تمتلكه وتنتجه دول مثل قطر والامارات والكويت لتتبع ذلك بإشعال الساحتين السنية والشيعية بفتن طائفية على المناطق “المختلف عليها” والمختلطة وفتن داخلية في المناطق السنية وأخرى داخلية ايضا في المناطق الشيعية وصولا الى طرح موضوعة اقليم البصرة بقوة هذه الايام الذي يعد خطوة اولى في هذا الاتجاه.

فقد حفل الشهر الحالي كانون الاول/ ديسمبر من عام 2014 بالعديد من التحركات والزيارات والاتفاقات والمواقف والمؤتمرات التي تصب في هذا المسار، فقد استقبلت بغداد واربيل وزير الدفاع الاميركي بعد ايام قليلة من مغادرة رئيس هيئة الاركان الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي وبعده قائد القوات الاميركية الوسطى الجنرال لويد اوستن واختتمت بزيارة المنسق السابق والمفتش العام السابق لوزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ستيوارت بواين في محاولات مستمرة لتثبيت العودة الاميركية والانتهاء من وضع الخطط التنفيذية لإعادة تموضع اميركا وحلف الناتو في العراق والمنطقة عن طريق الاحتلال المتدرج والناعم لتكريس الاقاليم كخيار اميركي حتمي وادامة حالة الاستنزاف والفوضى الفتاكة الاميركية عبر الدخول من بوابة العراق الضعيف والمنقسم على نفسه واستخدامه كمنصة لإدارة الحرب على سوريا التي فشلت كل المحاولات على مدى ما يقارب الاربع سنوات الماضية في اسقاطها لتعمل داعش صنيعة واشنطن على تقديم العراق لها على طبق من ذهب دون بذل المزيد من الجهود والدماء وتفتح لها باب العودة الاستراتيجية الشاملة سياسيا وعسكريا واقتصاديا لتدير مشروع الدويلة الكردية وتباشر بملف الدويلات السنية والشيعية بسرعة قياسية فضلا عن الامساك بالملفين الكردي السوري والكردي التركي.

ونتائج هذه الزيارات التي تعبر عن تحركات مريبة كانت كما يلي:

1/ توقيع اتفاق نفطي مع اربيل من شأنه أن يفرغ الخزينة العراقية ويكبل الحكومة ويجعلها خاضعة للابتزاز الاميركي ويسرع من عملية استكمال الدويلة الكردية النفطية المحمية اميركيا.

2/ تأسيس قيادة جديدة في هيكلية البنتاغون تحت أمرة الجنرال جيمس تيري سُميت بـ (قوة المهام المشتركة) مسؤولة بحسب صحيفة اللوموند الفرنسية عن تنفيذ الخطط في العراق وسوريا ضد داعش وتهدف الى “ايجاد استراتيجية متماسكة للتحالف” على حد تعبير الصحيفة اعلن بعدها الجنرال جيمس تيري ان التحالف سيرسل 1500 جندي من حلف الناتو الى العراق للمساعدة في تدريب القوات العراقية والكردية وتقديم المشورة لمواجهة داعش بحسب قوله.

3/ منح الحصانة “الدبلوماسية” لجيش المستشارين “العسكري” الاميركي والناتوي اذ اكد السفير الأميركي في بغداد ستيوارت جونز لصحيفة الغارديان البريطانية عن اتفاق حكومة بلاده مع الحكومة العراقية على إعطاء الجنود الأميركان في العراق حصانة قضائية من أي ملاحقات قانونية واكد ذلك المتحدثان باسم رئيس الوزراء رافد جبوري الذي قال إن “دور العسكريين الأميركيين في العراق استشاري، ووفقا للاتفاقات السابقة بيننا فإن هؤلاء يعتبرون جزءاً من طاقم السفارة ويتمتعون بالحصانة باعتبارهم ديبلوماسيين” بحسب قوله أما المتحدث الآخر باسم الحكومة السيد سعد الحديثي فقد اكد أن «الأمر ذو صبغة فنية واستشارية خالصة ولا يدخل بأي حال من الأحوال في الجانب القتالي، وبالتأكيد هذا الأمر تم بتفاهم كامل مع الحكومة العراقية وبطلب منها، لأن هنالك حاجة لإنضاج قدرات القوات العراقية تتطلب الاستعانة بالخبرات من الجانب الأمريكي”. على حد تعبيره. فيما اصدر مكتب السيد رئيس الوزراء بعد ذلك بيانا نفى فيه هذا الامر ورمى الكرة في ملعب الحكومة السابقة!.

4/ استدعاء عشائر الانبار وبعض الرموز السنية المتطرفة وقادة الفصائل الارهابية البعثية والسلفية والاخوانية والعشائرية الى اجتماع خاص في واشنطن للتنسيق بعيدا عن الحكومة العراقية حول تشكيل الحرس “الوطني” السني والاقليم السني واعطائهم ضمانة على تشكيل قوة سنية منظمة بصرف النظر عن تسميتها اكدت فيه الادارة الاميركية تصميمها على تشكيل هذه القوة وانها لن تنتظر تشريعها في البرلمان وانها ستكون مسؤولة عن دعمها وتسليحها سواء عبر الحكومة الاتحادية او بشكل مباشر كما دعت اميركا افراد الوفد الى الصمود خلال الاسابيع القليلة المقبلة الى حين تخرج الدفعة الاولى من المتطوعين الذين يدربهم مستشارون اميركيون في قاعدة الحبانية.

5/ هيمنة القيادة العسكرية الاميركية على سلطة الاجواء العراقية والسيطرة عليها بشكل كامل ما يعني ان قيادة العمليات العسكرية باتت بالأيدي الاميركية تماما والعمليات المشتركة لقوات البيشمركة مع القوات الاميركية والقوات الخاصة البريطانية (sas) ساس في تطهير سنجار وربيعة وزمار ورسم حدود المحمية الاميركية الغربية في شمال العراق باسم اقليم كردستان هو دليل واضح على ذلك.

6/ الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة على قانون الحرس الوطني الطائفي الفتنوي والذي اكدت مصادر قريبة من دوائر صنع القرار موافقة الحكومة عليه وسعيها لإقراره قريبا.

7/ الاتفاق مع الاردن على اقرار برنامج تدريب ما يسمى بـ “العشائر العراقية” خلال زيارة وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الى الاردن اذ أكد انه “سيتم تدريب الجيش العراقي داخل الأردن والوجبة الأولى ستصل الأردن الاسبوع المقبل” بحجة تعرض هذه العشائر لحملة إعدامات وقتل وتشريد من قبل تنظيم داعش برنامج التدريب – كما اكد الاردن – “يستمر لستة أشهر لتدريب 12 ألف مسلح من أبناء العشائر كوجبة أولى”.

8/ عقد مؤتمر اربيل لمكافأة الارهاب وقادته عبر الباس الجماعات الارهابية العراقية المتحالفة مع داعش لباس الحرس الوطني وتجريم الحشد الشعبي والدعوة لإنشاء الاقليم السني.

9/ قضم صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة والتجاوز على المادة 78 من الدستور العراقي التي اكدت ان رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة عبر تكليف السيد اسامة النجيفي بملف الامن والدفاع ومهمة تحرير الموصل من قبل السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وهو امر من مختصات السيد رئيس الوزراء.

قد لا تدل كل تلك المؤشرات التي طرحناها في القسمين الاول والثاني من سلسلة مقالات “هل تم بيع العراق” على بيعه فعلا لكن المواقف السلبية للحكومة والبرلمان والقوى السياسية التي سنستعرضها في القسم الثالث والأخير يدل ظاهرها على ذلك.

أحدث المقالات