23 ديسمبر، 2024 8:09 ص

هل تغيرت الخطة من قتل الأمريكان الى تفجير الناقلات ؟؟

هل تغيرت الخطة من قتل الأمريكان الى تفجير الناقلات ؟؟

لقد عاد الهدوء النسبي الى منطقة الخليج العربي بسبب موقف ايران واميركا لسحب فتيل الازمة، وتبادل التصريحات الايجابية والرسائل والوفود بين الطرفين وتدخل اكثر من دولة للوصول إلى اتفاق، ولكن كما تطرقنا في مقال سابق فهذه النتيجة لا تصب في مصلحة اسرائيل، وإن هذه الفرصة قد لا تتكرر لإسرائيل لتدمير البرنامج النووي الايراني بل تدمير كامل البنى التحتية لإيران من منشآت عسكرية ومصانع عسكرية ومدنية ومنشآت النفط ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والسدود المائية والجسور وغيرها.

وأٌذكر القارئ الكريم ببعض ما ورد في المقال اعلاه لتوضيح الصورة والوصول الى تصور لما يمكن ان يحدث خلال الايام والاسابيع القادمة، هل ستقوم حرب شاملة؟ ام حرب محدودة؟ ام لازال المجال متوفراً لتلافي حدوث نزاع مدمر على المستوى الاقليمي والعالمي؟ :

المخطط الاسرائيلي في توجيه ضربة عسكرية مفردة لايران
لقد كانت اسرائيل مستعدة عام 2009 ان تشن هجوماً على ايران لضرب كافة المنشآت النووية الايرانية، وانتشرت هذه المعلومات على نطاق واسع ضمن الدوائر السياسية العالمية، ولكن ما اوقف العملية هو الخشية من ردة الفعل الايرانية وعدم نجاح الضربة في تحقيق الهدف الرئيسي في القضاء على البرنامج النووي الايراني.

السيناريو المثالي لاسرائيل
اما الآن فان الفرصة مؤاتيه بشكل مثالي لإسرائيل في تجنب المواجهة مع ايران بشكل منفرد ودفع اميركا للقتال نيابة عن اسرائيل وإشعال حرب بين الولايات المتحدة وايران للقضاء شبه الكامل على البرنامج النووي الايراني، فإسرائيل بكل ما تملك من قوة فلا يمكن ان توجه ضربة لإيران تبلغ عشر ( 10/1 ) ما يمكن ان تحققه الولايات المتحدة الامريكية بترسانتها العسكرية المهولة حيث ستكون وسيلتها الاساسية للقتال هي الطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ والبوارج الحربية، ولكن قوة ايران ايضاً لا يستهان بها، على مستوى البوارج الحربية والصواريخ الموجهة، وقد تتمكن ايران من قتل المئات من الجنود الاميركان ولكن أي ضربة مؤذية للقوات الامريكية ستواجه بعنف اشد من قبل القوات الامريكية القادرة على التدمير شبه الكامل للبنى التحتية الايرانية من منشأت عسكرية ومنشآت نفطية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وقاعدة صناعية واسعة من الصناعات العسكرية والمدنية.

الفرصة الاخيرة لاسرائيل
إن هذه الفرصة لا يمكن ان تتكرر لإسرائيل، فرئيس الولايات المتحدة هو دونالد ترامب، ومستشار مجلس الامن القومي الامريكي هو جون بولتن ووزير الخارجية الامريكية مايكل بومبيو ، ومستشار ترامب لشؤون الشرق الاوسط هو زوج ابنته اليهودي جاريد كوشنر؛ ولا يوجد اي ضمان لاسرائيل ان يعاد انتخاب دونالد ترامب في نهاية فترة حكمه بعد سنة ونصف وايجاد مثل هذه التركيبة المؤيدة بشكل شبه مطلق لإسرائيل ومخططاتها في المنطقة.

مخططات الموساد الاسرائيلي
لا يمكن لإسرائيل ان تفرط بهذه الفرصة الذهبية لإشعالها حرباً امريكية ايرانية ، لذلك لا يمكن لاسرائيل ان تقبل خروج ايران من هذا التصعيد لا غالبة ولا مغلوبة؛ فهل سيسعىالموساد لاشعالها حرباً امريكية ايرانية حتى وإن لم يكن البلدان ايران والولايات المتحدة الامريكية راغبان بالحرب؟؟؟

فعلى سبيل المثال عندما ارادت اسرائيل شن هجومها على لبنان في 6 حزيران 1982 قامت بتجنيد ثلاثة فلسطينيين من منظمة (مجموعة ابو نضال ) لمحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في بريطانيا ( شلومو ارجوف ) في لندن، وشنت هجومها الكاسح والواسع على لبنان الذي خططت له قبل عدة اشهر، بعد ثلاثة ايام فقط من محاولة الاغتيال، وهناك امثلة اخرى تكشف عمليات الموساد في تغيير مسيرة الاحداث العالمية لمصلحة اسرائيل:

· لقد تم اغتيال الرئيس جون كندي عام 1963 وضلت عملية اغتياله لغزاً حتى نشرت جريدة هاآرتس الاسرائيلية مقالاً بتأريخ 2 ايار 2019 كشفت فيه أن الرئيس جون كندي كان يرفض رفضاً قاطعاً تصنيع اسرائيل للقنبلة النووية وخطط لإرسال قوات امريكية لتفكيك مفاعل ديمونا، ولكن بعد اغتياله جاء جونسون فغض طرفه عن المفاعل النووي الاسرائيلي، والبرنامج النووي الاسرائيلي.

· ومن ثم اغتيال روبرت كندي الذي كاد ان يصل الى سدة الرئاسة الامريكية عام 1968، وذلك انه كان يشكل خطراً على اسرائيل لانه كان يعرف من كان مسؤولاً عن اغتيال اخيه، وتم الامر على يد شاب فلسطيني (سرحان بشارة سرحان) مع العلم انه لم يكن معادياً لقضية فلسطين، لابعاد الشبهة عن الموساد بشكل كامل.

· قضية ايلي كوهين العميل اسرائيلي الذي وصل الى اعلى المراتب في الدولة السورية (حيث كان مرشحاً لمنصب رئيس البلاد) في ستينات القرن الماضي، ولم يتم كشفه إلا بالصدفة.

· اكتشاف العميل الاسرائيلي (محمد شوربة) عام 2014 في اخطر اجهزة حزب الله وهو جهاز امن حزب الله الذي جنده جهاز الموساد الاسرائيلي حيث كشف الكثير من اسرار الحزب للموساد الاسرائيلي.

اعلاه خمسة نماذج من مئات النماذج من قدرات الموساد الاسرائيلي في التغلغل والتخطيط وتغيير مسيرة الاحداث العالمية لما يحقق مصلحة اسرائيل.

السيناريو المحتمل للموساد الاسرائيلي

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن جهاز الموساد هو الذي حذّر الولايات المتحدة من هجوم سيستهدفها ، وقد علقت وكالة بي بي سي (BBC) البريطانية على هذا التحذير بتاريخ 8 ايار 2019 متسائلةً عن من اوصل هذا الخبر الى الموساد الاسرائيلي من دون اعطاء الجواب، وهنا يمكننا ان نجيب بالتالي:

هناك احتمالين، الاول ان يكون جهاز الموساد قد استقى هذه المعلومات بطرقه الخاصة؛ والاحتمال الثاني هو ان الموساد بقدراته وامكانياته قادر على ان يوجه ضربة شديدة وموجعة للاميركان في المنطقة على يد اشخاص تابعين في الظاهر لايران ولكن موجهين من قبل الموساد بشكل مباشر او غير مباشر، وهذا الاحتمال الاقوى، بل هو من طبيعة جهازالموساد طبقاً لما ذكرناه من امثلة، ولعل تفجير السفن الاربع مؤخراً في الفجيرة هو على نفس السياق.

الحرب القادمة

الآن بدأت تتضح معالم سيناريو الحرب المحتملة؛ اما اسبابها ففي كل جريمة في العالم اول ما يحاول ان يفتش عليه المحققون هو الطرف المستفيد. اعتقد ان معالم هذه الخطة قد اصبحت واضحة؛ ولكن يبقى التساؤل هل سيتم جر اميركا الى حرب في المنطقة لا تبقي ولا تذر، لا تتحقق اي مصلحة لأميركا بل ستكون مدمرة لدول الخليج والعراق ولبنان بل ستمتد آثارها السلبية لكافة دول العالم؟

والتساؤل الثاني؛ ان قامت اميركا بضربة محدودة للبرنامج النووي الايراني فهل سترد ايران رداً محدوداً ؟ ام ستقوم برد عنيف وستستخدم كافة اذرعها في العراق ولبنان وستوجه ضربة موجعة لدول الخليج وسيكون ذلك بداية لحرب عالمية شاملة ؟

هذا ما ستكشفه الايام القادمة ونسأل الله ان يجنبنا من الويلات المتوقعة وان يتم ترجيح منطق العقل على منطق التهور والانفعال من دون حساب النتائج ……