أزدادت حوادث الطيران بشكل تصاعدي ولأسباب مختلفة والتي راح ضحيتها المئات من الركاب الذين يتم تعويض أهاليهم ماليا من قبل شركات التأمين فضلا عن تعويض شركات الطيران نفسها عن طائراتها المحطمة في الحالات التي تحدث نتيجة الاعطال الفنية أو الاخطاء البشرية لطاقم الطائرة , ولكن في حالات معينة تقوم الدول التي وقعت فيها الحادثة بدور شركات التأمين إذا ثبت ضلوعها بشكل رسمي في الحادثة وهذا ماحصل في موضوع الطائرة الأوكرانية التي أعترفت طهران رسميا بأسقاطها نتيجة أطلاق صاروخ عليها .
أن اعتراف حكومة طهران بإسقاط الطائرة الأوكرانية جعلها تتحمل المسؤولية التقصيرية تجاه سلامة أمن الملاحة الجوية مما سيترتب عليها توابع قانونية عديدة لاتقتصر على التعويضات المالية لأسر وضحايا الطائرة فقط وأنما ستتجاوز الى مرحلة فرض عقوبات أخرى منها أحتمالية غلق مجالها الجوي كونها أصبحت منطقة خطرة على الرحلات المدنية إضافة الى امتناع العديد من شركات النقل من الطيران فوق مجالها الجوي او الهبوط في مطاراتها ناهيك عن عقوبات اقتصادية وسياسية يفرضها المجتمع الدولي .
لكن السؤال هل يوجد قانون ينضم أجراءات تقدير التعويضات وألية الصرف ؟
أقول .. بما أن منظمة الطيران الدولية (الإيكاو) هي المعنية بالحفاظ على سلامة وأمن الطيران المدني لكافة الدول من أعضاء هذه المنظمة الدولية أذن يقع على عاتقها وفقا لقواعد القانون الدولي الجوي تنظيم هذه الاجراءات بالاشتراك مع كل الجهات ذات العلاقة (الجهة المسببة للحادث وشركة الطيران المعنية وسلطة طيرانها والاهم شركات التأمين والشركات القانونية الاخرى المعنية برفع الدعاوى القضائية ) , أما حجم وقيمة هذه التعويضات فلا يوجد سقف محدد له كما في حوادث الحاصلة نتيجة الأخطاء الفنية وانما ترتفع قيمة هذه التعويضات الى ارقام عالية جدا من التعويضات تقدر حسب قوانين الملاحة الجوية وقوانين الدول التي تقدر لشركات الطيران لديها مبالغ تعويضية مختلفة حسب الجنسية , فعلى سبيل المثال يكون الحد الأقصى لتعويض أهالي ضحية أميركي مبلغ 4 ملايين و500 ألف دولار أميركي، ثم يليه البرازيلي بمبلغ 2 مليون و500 ألف دولار , فيما يتم تعويض أهالي الضحية الكندي بحد أقصى يبلغ مليون و700 ألف دولار، والأوروبي بحد أقصى يصل إلى مليون و600 ألف دولار، والأسترالي مليون و400 ألف دولار، والماليزي 600 ألف دولار وهكذا
في البداية يتم تقديم تعويضات مبدئية لأهالي الضحايا قبل إجراء أي تحقيقات من قبل شركة الطيران المنكوبة في إطار الحفاظ على سمعتها ومنع انخفاض الحجوزات أو إلغائها ومن ثم يتم اخذها ضمن التعويضات التي ستفرض على أيران تجاه الشركة الناقلة وغالبا ستكون عقب استكمال التحقيقات بشأن سقوط الطائرة.
وبالعودة الى جنسيات ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة الذي يبلغ عددهم 176 شخصا وهم ( 82 إيرانيا, 63 كنديا, 11 أوكرانيا, 10 سويديين, 4 أفغان, 3 ألمان,3 بريطانيين) , ولو أستثنينا الجنسيات الايرانية كون ان تعويضهم سيكون (غير عادل) وكما معروف في هكذا حالات لحكومات تتميز بطابع استبدادي يبقى عندنا ( 63 كندي , 27 أوربي , 4 أفغان ) وكما أشرت سابقا ان حكومات تلك الدول وضعت قيمة مالية كتعويض لهم , فسيكون على ايران دفع مبلغ تقريبي وقدره 107 مليون دولار للكنديين , 44 مليون دولار للاوربيين أضافة الى بعض الملايين الى الافغان الاربعة ( بوجود شركة محاماة دولية متمكنة ) , أما تعويضات شركة الطيران الاوكرانية فستخضع للمفاوضات والمساومات القضائية والسياسية وحسب اعتقادي ستكون ورقة قوية من جانب المجتمع الدولي ضد أيران لاتقدر بقيمة مالية وأنما سيجعلها تراجع حساباتها الخاطئة في المنطقة والعالم .
يبقى الاهم من ناحية قوانين الطيران الدولية أن تواصل إيران التعاون بشكل كامل لانهاء التحقيقات بشكل شفاف يتوافق مع المعايير الدولية حول كيفية وقوع تلك المأساة والوصول الى اتخاذ إجراءات الحقيقية لضمان عدم تكرار مثل ذلك الحادث المريع