23 ديسمبر، 2024 11:30 ص

هل تعود الدعوة بعد تفسّخها؟ الحلقة الرابعة

هل تعود الدعوة بعد تفسّخها؟ الحلقة الرابعة

كيف تحول حزب(دعاة اليوم) بؤرة للفساد ؟
تحول حزب (دعاة اليوم) بؤرة للفساد بعد ما فقد الدّاعية أخلاقه وتواضعه وإخلاصه ليتحول إلى مرتزق منافق يبيع ألف ربٍّ وإمام!
و قد كشف الصّدر الأوّل هذا الأمر منذ بداية التأسيس خلال بضع مقولات و منشورات بجانب الكتاب الرّوحي للدّاعية المخلص حسين معن بعنوان: [الأعداد الروحي] و أتحدى كلّ (دعاة اليوم) أن يكون أحدهم قد قرأهُ و طبّقهُ رغم أنه لا يتعدى مستوى طلاب الأبتدائية, لذلك إهتز كيان و أسس الدّعوة من آلجّذور خلال موقفها من الثورة الأسلاميّة بوضوح كما أشرنا سابقا(1) و المشكلة الأخطر أنّ الحركة الأسلاميّة العراقيّة خصوصا حزب الدعوة لم يكن أعضائه من مقلّدي المؤسس نفسه, بضمنهم (دعاة الأمس) ناهيك عن (دعاة اليوم) قاطبةً, بل لم يكن للصدر الفيلسوف أيّ وزن في ثقافة و سياسة الحزب سوى إتخاذه و الشهداء العظام شمّاعة لتعليق ثم تحقيق نواياهم و آمالهم المادية .. لحسن صيته و مظلوميته و إنتشار فكره و إعتباره ببركة آلدّماء الزكية التي سالت أودية حتى وصل صداها كل بقاع العالم.

مشكلة الحركة الأسلاميّة العراقيّة و في مقدمتها (حزب دعاة اليوم)؛ هي فقدانهم للقيادة الروحية الصالحة و حالة التناقض الصارخ الذي صاحبهم لحد اليوم, و من أهم نقاط الضعف التي دمّرت الدعوة و فسّختها؛ هي أنهم كانوا يدّعون بأنّ الصّدر الأول – صاحب الروح و الأخلاق السّماوية – هو فقيه و مرجع الدّعوة بلا منازع بينما في الحقيقة لا أحد منهم كان يُقلده أو يُؤمن بمبادئه الكونية عملياً .. لا في (العبادات ولا في المعاملات), و حين تعالت صرخاتنا منذ إنتصار الثورة الأسلامية و حتى مواجهتنا مع المنافقين المدّعين بإنتمائهم للصدر لكشفهم و نبذ هؤلاء المخرّبين ألضّالين الذين لا يمتون بصلة للأسلام ولا للثورة بصلة و حتى الحركة الأسلامية .. أمثال السيد إبراهيم الجعفري و كاطع الركابي وسامي العسكري والعبادي وغيرهم من الذين نصبوا أنفسهم قادةً للحزب بعد “عزل” و “طرد” و “ملاحقة” القادة الحقيقيين بعد الصدر الشهيد كآلحائري و الكوراني و الآصفي و البغدادي وغيرهم؛ و المشكلة هي أنهم(دعاة اليوم) كانوا يُقلّدون المراجع العِرفيين التقليدِيين الذين كانوا يُحذّرون الناس التدخل في السياسة كآلأمام الخوئي رحمه الله بخلاف تقريراته المخالفة و هذا ليس محل بحثنا الآن, و قد ثبتَ لي ذلك من خلال لقائي بإبنه المرحوم محمد تقي الخوئي في المدينة المنورة وإعترافه العلني بذلك وإلقاء اللوم على الثورة الأسلامية بكونها سبب هدم وخراب الأسلام و تشتت آلشيعة في العالم و كنت المخالف الوحيد لآرائه من بين الحضور(2), ولذلك إختلفت الآراء والموقف بين معظم ألأعضاء بسبب ذلك الوضع الغير الطبيعي الذي سبب إنشقاقات عديدة بين الدُّعاة أستطيع حصرها بعشرة مجموعات إنفصلت عن تنظيم الدّعوة منها خط دعاة البصرة برئاسة المرحوم أبو ياسين الذي عملنا معاً في قسم ألأعلام منذ مشاركتي الأولى في تأسيس المجلس الأعلى كأفضل أطروحة للساحة العراقية رغم كثرة الخلافات العميقة خصوصا من قبل (الدعاة) الذين أعلنوا رفضهم لسياسة الدعوة أولا ثم لسياسة و أطروحة الدولة الأسلامية أو (الولي الفقيه) و التي دلّلت على الأميّة الفكريّة والجهل العقائدي و الثقافي المركب و الواضح في تلك الشخصيات الأنانية بسبب التربية المدرسية والدّينية و العشائرية الخاطئة.

و حين إشتدت الخلافات و الأنشقاقات و إنتهي دور الحزب تقريباً سوى إصدار صحيفة الجهاد و بعض الدوريات و البيانات من مركز الأبحاث السياسية كانت تختصّ بأرشفة و تقرير الأحداث لا أكثر, بعيداً عن مسائل الفكر و الفلسفة و التثقيف العقائدي وإلى يومنا هذا .. بعد هذه المحنة الفكرية العميقة ورغم وجودهم في كنف الثورة و مبادئها؛ أتّفقوا وأصدروا تعليماً بكون الداعية حُرّ في موقفه قبال تعليمات (الحزب) و له الخيار والحرية في تنفيذ أوامر الحزب أو رفضها في حال مخالفتها مع فتوى ومنهج المرجع الذي يُقلدهُ!

لكن هذا الأمر وبدل أن يحلّ مشكلة الفراغ القيادي و حالة التشبث و التشتت, حدث آلعكس تماماً حيث عمّقَ التناقض و التشتت و الضياع الفكريّ بينهم, ممّا أدّى لأنسحاب وخروج الكثير من الدّعاة الواعيين نسبياً بآلقياس لدعاة اليوم المفلسين المرتزقة .. لخلوّ الدّعوة تماماً من العناصر العقائدية ناهيك عن الفكرية – الفلسفية التي كانت يمكن أن تكون نواةً طيبة وأمل ومنطلق لتشكيل حزب عقائدي كبير لقيادة العراق على الأقل وبخلاف ما موجود الآن من الذين إنما إنظموا لصفوف الحزب – على علّاته – لغايات دنيّة مشينة أثبتت الأيام حقيقتها من أجل الأرتزاق والرواتب أو ألأيواء ظهرت بداياتها حين كانوا يهربون من الجّوع و الجنديّة أيام الحرب العراقية – الأيرانية بعد لجوئهم إلى إيران حتى السقوط الأخير بعد 2003م لأجل النهب والمناصب.

و لذلك كان ما كان من الفساد الذي إنعكس سلباً على أخلاق و سلوك الناس, الذين صاروا يتنافسون على الشر فيما بينهم لأجل النهب والسرقات الخفيّة و العلنيّة لأموال الفقراء, بل وصل الحال اليوم بحيث بات العراقي يخاف ألوقوف بصفّ أحد (دعاة اليوم) المرتزقة تجنّباً لشبهة الفساد و الأنحراف عن نفسه, تلك التهمة التي إشتهر بها (دُعاة اليوم) للأسف, و قد كشفتُ قبل أعوام في مقال بعنوان:[حزب الدّعوة؛ تأريخ أبيض وواقع أسود](3) إعترف بها قيادات حزب دعاة اليوم و المشتكى لله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بعض الدّعاة تصوّر من خلال عقليته الضّيقة بأنّ الصّدر كان يريد الدّنيا مثلهم .. لكنّ الأيرانيون سببوا قتله!؟
(2) جميع قادة المعارضة العراقية المعروفين حضروا في مجلسنا, بإستثناء السّيد الحكيم, هذا للتأريخ.
(3) http://www.alnoor.se/article.asp?id=262624
و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
الفيلسوف الكونيّ