23 ديسمبر، 2024 2:14 م

هل تعتبر مذكرات مدير سلطة الائتلاف المؤقتة المنحل من التشريعات النافذة؟

هل تعتبر مذكرات مدير سلطة الائتلاف المؤقتة المنحل من التشريعات النافذة؟

ان سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة تولت إدارة العراق بعد احتلاله في عام 2003 وأصدرت نظام سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 1 في 23/5/2003 وبموجبه منحت نفسها صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية وعلى وفق القسم (1/2) من نظام أعلاه وجاء فيها الاتي (يعهد إلى السلطة الائتلافية المؤقتة ممارسة كافة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية اللازمة لتحقيق أهدافها) وفي هذا النظام منح مدير سلطة الائتلاف المنحلة الصلاحيات التشريعية الآتية(1- صلاحية إصدار الأوامر والأنظمة ثم ورد تعريف الأنظمة بانها الأداة المستخدمة لتحديد مؤسسات وسلطات الائتلافية المؤقتة والتعريف بها وعلى وفق ما جاء في وعلى وفق القسم (1/2) من النظام رقم 1 لسنة 2003 ، 2- صلاحية إصدار الأوامر واعتبرها ملزمة حيث جاء في القسم (1/2) من نظام رقم 1 لسنة 2003 بان الأوامر الصادرة عن السلطة الائتلافية المؤقتة هي تعليمات ملزمة.
النظام أعلاه اعتبره تلك الأنظمة والأوامر اسمى من القوانين النافذة على وفق العبارة الآتية (وتكون الأنظمة الصادرة عن السلطة الائتلافية المؤقتة وترجح على كافة القوانين الأخرى والمنشورات في حالة عدم تماشي تلك القوانين والمنشورات مع اللوائح التنظيمية والأوامر الصادرة عن السلطة الائتلافية المؤقتة) وهذا ما ورد في القسم (3/1) من النظام رقم 1 لسنة 2003 ثم صدر قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 واضفى على تلك الأنظمة والأوامر صفة التشريع وعلى وفق ما ورد في المادة (26/ج) التي جاء فيها الاتي (إن القوانين والأنظمة والأوامر والتعليمات الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة بناءاً على سلطتها بموجب القانون الدولي تبقى نافذة المفعول إلى حين إلغائها أو تعديلها بتشريعٍ يصدر حسب الأصول ويكون لهذا التشريع قوّة القانون.) وجاء دستور العراق لعام 2005 وجعل منها تشريعات وطنية نافذة على وفق أحكام المادة (130) من الدستور وهذا ما جعلها سارية المفعول لغاية الان ومنها الامر 56 لسنة 2004 قانون البنك المركزي وغير ذلك.
نظام سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 1 لسنة 2003 قد منح المدير الإداري (بول بريمر) صلاحية إصدار مذكرات يتولى فيها أما تفسير او تطبيق امر معين وعلى وفق ما ورد في القسم (4/1) من النظام رقم 1 لسنة 2003 وعلى وفق الاتي (يجوز للمدير إصدار المذكرات المتصلة بتفسير او تطبيق اي نظام او امر)وهذه المذكرات افرد لها قسم خاص ولم يجعلها مع الأنظمة والأوامر ولم يمنحها صفة التشريع إطلاقاً، وإنما هي مذكرة تصدر بموجب امر نافذ ونفادها واستمرارها من نفاذ واستمرار الأمر الذي صدر لتفسيره او تطبيقه وهذا واضح من عبارات النص أعلاه، فضلا عن عدم منحها صفة السريان والنفاذ عند صدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية لعا 2004 لان المادة (26/ج) عددت التشريعات النافذة وهي القوانين والأنظمة والأوامر والتعليمات الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة بناءاً على سلطتها بموجب القانون الدولي تبقى نافذة المفعول إلى حين إلغائها أو تعديلها بتشريعٍ يصدر حسب الأصول ويكون لهذا التشريع قوّة القانون، ولم يرد فيها ذكر للمذكرات ، والسبب في كون تلك المذكرات هي مرتبطة بوجود النظام أو الأمر الذي تفسره أو لغرض تطبيقه فلا حاجة لذكرها طالما تم اعتبار تلك الأنظمة والأوامر من التشريعات.
من خلال ما تقدم نصل إلى نتيجة ان أي مذكرة صادرة عن سلطة الائتلاف تعتبر غير نافذة اذا ما تم الغاء الأمر الذي صدرت لتفسيره او تطبيقه، وعلى سبيل المثال فان مذكرة سلطة الائتلاف المنحلة رقم 12 لسنة 2004 قد صدرة لتنفيذ الأمر 35 لسنة 2003 وعلى وفق ما ورد في القسم الأول منها والتي جاء فيها الاتي (تنفذ هذه المذكرة الأمر رقم 35 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة والفصل السادس من قانون الإدارة للدولة العراقية أثناء الفترة الانتقالية( وبذلك فإنها ليست تشريع مستقل وإنما مذكرة تنفيذ تشريع وهو الأمر 35 لسنة 2003 ويرتبط بقائها وسريان أحكامها طالما الأمر 35 لسنة 2003 نافذاً، وحيث ان هذا الأمر تم الغائه بموجب المادة (10) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 45 لسنة 2017 التي جاء فيها الاتي (يلغى امر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) رقم (35) لسنة 2003( فاصبح غير نافذ ولا يجوز الاستناد اليه ولا إلى المذكرات الصادر لتطبيقه اعتباراً من تاريخ نفاذ قانون مجلس القضاء الاعلى رقم 45 لسنة 2017 ومنها المذكرة رقم 12 لسنة 2004.
بعد ان توصلنا إلى ان المذكرة التنفيذية الصادرة عن سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 12 لسنة 2004 غير نافذة وملغاة وفاقده لقوتها التنفيذية بعد الغاء الأمر الصادر بوجبه رقم 35 لسنة 2003 فلا يجوز بعد ذلك الاستناد اليها في أي تصرف او عمل قانوني يقوم بموجبه، ومن هذا الأعمال ما جاء في تلك المذكرة التي اعتبرت رئيس مجلس القضاء الأعلى قد حل محل وزير العدل وعلى وفق ما ورد في المادة (7) من المذكرة أعلاه التي جاء فيها الاتي (تفسر الإشارات إلى وزارة العدل أو وزير العدل الواردة في القانون العراقي , حيثما كان ذلك ضرورياً ومناسباً , الأمر رقم 35 الصادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة او قانون إدارة الدولة العراقية أثناء الفترة الانتقالية , او تفسر , حيثما كان ذلك ضرورياً ومناسباً , بصورة اخرى للحفاظ على استقلال القضاء , على إنها إشارات إلى مجلس القضاة أو إلى رئيسه , او إشارات إلى محكمة النقض او الى رئيس قضاتها , او إشارات إلى المحكمة الاتحادي العليا او إلى القاضي الذي يترأسها , حسبما يكون مناسباً . وللمحاكم وحدها صلاحية البت في المنازعات في هذا الصدد)، وحيث ان العمل بها اصبح باطلاً لفقدانها قوتها التنفيذية، فان وزير العدل يبقى يملك أي صلاحية أشار لها أي قانون نافذ ومنها قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل، باستثناء ما ورد في نص خاص مثل قانون مجلس القضاء الأعلى عندما اشار بصريح القول إلى رئيس مجلس القضاء في الصلاحيات المتعلقة بإدارة المؤسسة القضائية والواردة في المادة (3) من ذلك القانون، وكذلك النص الصريح الوارد في المادة (4) من قانون ضم المعهد القضائي إلى مجلس القضاء الأعلى رقم (70) لسنة 2017 التي جاء فيها الاتي (تحل عبارة مجلس القضاء الأعلى محل عبارة وزارة العدل و تحل عبارة رئيس مجلس القضاء الأعلى محل عبارة وزير العدل أينما وردت في قانون المعهد القضائي).
ومن خلال النتيجة التي توصلنا لها بعدم نفاذ المذكرة 12 لسنة 2004 ومن ثم لا توجد صلاحية لرئيس مجلس القضاء الأعلى في الأذن بإحالة المتهم على وفق المادة (226) عقوبات لان المادة (136/آ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل اشترطت الأذن بإحالة أي متهم بموجب الجرائم التي وردت فيها ومنها فعل إهانة الهيئات القضائية، لان وزير العدل عادت اليه الصلاحية بعد الغاء الأمر 35 لسنة 2003 بموجب المادة (10) من قانون مجلس القضاء الأعلى وعدم وجود نص بديل في ذلك القانون يشير إلى حلول رئيس مجلس القضاء الأعلى محل وزير العدل، وما يعزز هذا الاتجاه اصل وجود مثل هذا النص لان الضرر الذي وقع من جراء فعل إهانة الهيئات النظامية هو متعلق بالحكومة وزير العدل هو بمثابة محامي الدولة والحكومة وهو من يقرر ان ذلك فعل الإهانة شكل ضرر من عدمه، ونتمنى على مجلس النواب القادم القول الفصل بتوضيح تلك النقطة عبر تشريع يوضح فيه صلاحي إعطاء الإذن لان في بعض القضايا والدعاوى التي نظرها القضاء على وفق المادة (226) عقوبات يكون فيها رئيس مجلس القضاء الأعلى هو المشتكي إضافة لوظيفته وفي ذات الوقت هو من يعطي الإذن بإحالة ذلك المتهم إلى المحاكمة.