مَنْ قالَ ذلك .؟ فبريطانيا لم تنطق ولم تتفوّه بكلمة او مفردة بهذا الشأن . ما جرى استنتاجه والإنجراف نحوه ومن ثَمَّ تحويله وعنونته كخبر عن التراجع , هو من صحفٍ ووسائلِ إعلامٍ عربيةٍ بارزةٍ فقط .. فما جرى من مجرياتٍ متلاحقةٍ بهذا الخصوص , هو ما اعقبَ اعلان بريطانيا < المتعمّد > في وسائل الإعلام عن نيّتها لتزويد الجيش الأوكراني بقذائف اليورانيوم المنضّب , إذ جاء الرّد الروسي سريعا على لسان الرئيس بوتين بأنّ موسكو ستستخدم ذات السلاح او الذخيرة ضد الأوكرانيين , بينما كان ردّ رئيس دولة بيلاروسيا ” السيد الكسندر لوكاشينكو ” : بأن حالما وحيثما تنفجر قذائف يورانيوم منضب ضد القوات الروسية فإنّ بلاده قد تزوّدت بقذائف يورانيوم حقيقية ” مخصّب ” وحينها سيغدو كوكب الأرض مهدداً بالأخطار الناجمة , وهنا إختلّ التوازن بينَ الإنكليز وحلفاء موسكو .
المفارقة والتي كأنها ذات العلامة الفارقة .! فوزير الخارجية البريطاني ” جيمس كليفرلي ” وفي ردّه على التحذير الروسي , وكأنّه يستخدم المثَل العربي : < العذر اقبح من الذنب > حيثُ قال : ” لا يوجد تهديد لروسيا والأمر بمجمله يتعلّق بمساعدة اوكرانيا للدفاع عن نفسها ” وكأنه يؤكّد على استخدامه ضد الجنود الروس بالرغم من النتائج الكارثية التي ستصاحب ذلك .! واضاف الوزير البريطاني بأنّ القوات المسلحة البريطانية تستخدم هذا النوع من القذائف منذ سنينٍ طوال , لكنه لم يكشف او لم يستطع ان يكشف في ايّ معركةٍ او حرب جرى استخدام ذلك اليورانيوم المنضّب سوى في حرب عام 1991 ضد القوات العراقية المنسحبة من الكويت الى محافظة البصرة والمناطق المحيطة بها , ممّا تسبّبَ بكارثة انسانية أدّت الى مقتل واصابة اعداد هائلة من المدنيين والجند وتعرّضهم الى تشوّهات جسدية لم تحدث من قبل في اي من الحروب , وامتد ذلك على تشوهاتٍ اخرى للمواليد الجدد من العراقيين بعد سنواتٍ من انتهاء تلك الحرب , بالإضافة الى ما اصاب النباتات والمزروعات في تلك المنطقة من التمزّق والتخريب وعدم النموّ , واستمرّ لسنواتٍ ايضاً .
تبقى مسألة إرسال بريطانيا لقذائف اليورانيوم الى كييف معلّقة اوشبه معلّقة ولا يمكن البتّ فيها مسبقاً على صعيد الإعلام , إنّما الخطر المزدوج الآخر فيكمن اذا تعرّضت المواقع العسكرية الأوكرانية التي ستتزود بهذا اليورانيوم , الى قصفٍ صاروخيٍ او بالمُسيّرات الروسية , فكم من القتلى والمصابين الأوكران سيبلغ عددهم , وماذا سيحدث للمناطق القريبة والمحيطة بمواقع تلك القوات .! , وهل ستتأسف ساسة بريطانيا على هؤلاء القتلى والمصابين .!