22 ديسمبر، 2024 5:59 م

هل تتذكرون ليلة 22/7/2013 ؟

هل تتذكرون ليلة 22/7/2013 ؟

ذكرى تهريب الإرهابيين من سجن أبو غريب، ذكرى ثبتت ذاتها كمحطة فارقة في تاريخ العراقيين ما بعد صدام وقبل داعش، تاريخ عرف بالعديد من عمليات الهروب والتهريب المؤلمة من السجون العراقية، وثبتت نفسها كحدث مؤثر في صياغة مشهد دموي جديد، وبلورة خطة دنيئة مفضوحة ما زالت تحوي الكثير مما يجب دراستها وتقييمها والاستفادة منها والحذر من تكرارها.

لكن، لماذا فتحت أبواب أبو غريب أمام عتاة المجرمين لكي يهربوا وفق عرض تمثيلي فاشل في ليلة 22 تموز 2013، ليعيثوا في العراق فساداً، ولتكون بداية لمرحلة خطرة مليئة بالمأساة؟

للإجابة على السؤال يجب أن نبدأ من ممارسات صانع القرار في العراق في تلك الفترة وماقبلها، الذي تجاهل مطالب الشعب من كل الزوايا، وإتجه نحو ممارسات وردات فعل سطحية غير سليمة، والتصعيد مع الجميع في توقيتات معينة، ممارسات جسدت الإرتباك والفوضى والفشل الكارثي في الأداء الحكومي.

في تلك الفترة كانت المنطقة الغربية (السنية) تشهد إعتصامات منددة بتصرفات الحكومة ومطالبة بحقوق المواطنة، وكانت (الإعتصمات) ممزوجة بين القلق والتوجس والتخوف والإثارة على خلفية الإشكالات والاحتكاكات بين السكان المحليين والأجهزة الحكومية التي كانت تتلقى الأوامر بشكل مباشر من مكتب نوري المالكي، والتي كانت أشبه بخلايا جاسوسية تراقب خصوم المالكي. أما نصيحة مسؤولي تلك الخلايا التي قدمت للمالكي في وقتها فقد كانت هي أن يطلق المالكي سراح السجناء من تنظيم القاعدة والإرهابيين والقتلة والمجرمين، مقابل أن يقوم هؤلاء بالعمل على إفشال التظاهرات والإعتصامات. وبعد مفاوضات خاطفة، وافق المالكي على المقترح، مشترطاً عدم السماح بخروج سجناء التيار الصدري من الزنازين في أبو غريب، ولأنه كان القائد العام للقوات المسلحة، ومن خلال أوامر وتوجيهات محددة الى القوات والوحدات المرابطة في المنطقة وداخل ومحيط السجن، تم تنفيذ عملية تهريب السجناء بطريقة سهلة، ولم يصدر مكتب القائد العام الاوامر الى قوات الرد السريع وجهاز مكافحة الارهاب وطيران الجيش و القوة الجوية الى التحرك الا بعد ان إطمأن من وصولهم الى مناطق آمنة في الصحراء.

تراتبية الأحداث والتفاصيل الكثيرة التي تسربت بعد تلك العملية الاستثنائية ودقة خريطة التهريب، دلت بشكل جلي على الإجراءات التي إتخذت، قبيل التهريب، وعلى من كان يقف خلفها وأكدت تماماً الشكوك ودور المقربين من القائد الضرورة فيها. بهدف افتعال فتنة داخلية ومواجهات في الشارع.

بعد أيام، وبموجب الاتفاق المسبق معهم، ظهر السجناء الهاربون في ساحات الإعتصام في الرمادي والفلوجة، و بدؤا بممارسة أعمال القتل داخل المدن وتفجير الجسور وتدمير البنى التحتية في المنطقة. هذه الممارسات خلقت نوعاً من التذمر والسخط عند ابناء المنطقة من وجود ساحة الإعتصام، وفي الجانب الآخر سخر المالكي ماكنته الاعلامية الكبيرة لاثارة العراقيين وتحميل ساحات الاعتصامات المسؤولية.

ولكن في المحصلة، تحول تهريب السجناء من أبو غريب الى ضربة قاصمة لفكرة المهرب نفسه، وصفعة تحذيرية لكل من يفكر مستقبلاً في إستغلال الرذائل من أجل منافع وأهداف خبيثة، وهذا لا يعني أن الباب قد أقفل تماماً في العراق على مثل هذه السيناريوهات الكارثية. فالذي يضمن عدم تكرارها هو محاسبة الذين نفذوا تلك الجريمة التي لاتغتفر، خاصة وأن العراق لم يتجاوز حتى الآن مرحلة الخطر، ولم يرم خلفه فكرة التهريبات من السجون لأهداف ومآرب خاصة، لأسباب كثيرة في مقدمتها صعوبة تغيير منظومة الأفكار الإستفزازية والإنتقامية التي تسعى لإثارة الفتن والقلاقل، وأن نوري المالكي المتورط بكل المصائب التي حدثت بعد ذلك التاريخ بطريقة أو أخرى، مازال حراً طليقاً يحتل موقعاً في الحكومة ويملك ثروات كبيرة مسروقة من قوت الفقراء ويتزعم حزباً ومجموعات مسلحة خارجة عن القانون .