19 ديسمبر، 2024 8:03 ص

هل تتحول قوة الميليشيات الى اداة للضغط سياسي…مستقبلاً …؟؟؟

هل تتحول قوة الميليشيات الى اداة للضغط سياسي…مستقبلاً …؟؟؟

يقول مارتن لوثر كنج…(( قدرتنا العلمية تغلبت على قوتنا الروحية… لقد استطعنا توجيه الصواريخ ولكن لم نستطع توجيه البشر))
من الطبيعي ان تستنفر الدولة كل طاقاتها باتجاه الحفاظ على سيادة الوطن ، وحمايتها من المنزلقات  الخطيرة  ، في حالة تعرضها للدسائس والمؤامرات  كالتي يشهدها العراق منذ سقوط النظام السابق والى الآن  ، واتخاذها للإجراءات المطلوبة التي تنمي من قدرة الجيش على المواجهة وأفشال مخططات الهادفة لتمزيقها ، وما نعتقده بهذا الشان ان اية خطوة باتجاه تقوية الجبهة الداخلية وتهيئتها لتكون داعما ومساندا للقوات المسلحة في دفاعها عن الوطن هي مسالة اخلاقية تعززها  مبادئ الانتماء الوطني الصحيح ، وتحتمها الظروف السياسية والاقتصادية ، لان اية انتكاسة في أية حرب المكشوفة الاهداف كالتي اشعل فتيلها تنظيم داعش بدعم من القوى الاقليمية والدولية في المنطقة ستنعكس سلبا على الحياة العامة للناس ، وتترك اثاراً مدمرة على مجمل المحاور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية …
ما يثير الشكوك  في شان تلبية حاجات المرحلة هو ظاهرة انتشار الميليشيات بشكل مخيف التي بدأت معالم خطورتها تظهر على المشهد السياسي بقدر هيمنتها واستحواذها على القرارات ذات الصلة بالشأن الامني ، بمعنى ان تلك الميليشيات المسلحة استغلت منذ اول ايام انتشارها ضعف الحكومة ، وكشفت تماما انها عاجزة من الوقوف بوجه امتداداتها الطائفية والمذهبية ،  التي ربما تتأخر تداعياتها على المستقبل الوطني الى ما بعد الانتهاء من مرحلة داعش وادواتها ….
اذن … نقولها صراحة انه من الخطأ ان تسعى الحكومة لتحجيم دور الجيش في معركة هي من صلب الواجبات والمهام الملقاة على عاتقه ، وتترك جمعا معينا ليدير دفة حرب حديثة بكل القياسات ، و يبسط من سيطرتها كاملة على سلطة الاوامر الصادرة من قيادات الجيش اثناء سير المعارك  ، وتحشر فيها  أطرافاً اقليمية علناً دون الرجوع الى الثوابت الوطنية ، وتفتخر بتبعيتها وولائها ، ضاربة بعرض الحائط كل المشاعر والاحاسيس لروح المواطنة الحقيقية والانتماء الوطني المقدس …والتي اثرت بشكل او بآخر على الحالة المعنوية النفسية  للجيش  ، واصبح من الصعوبة ان يؤدي مهامه الوطنية  بمعزل من عقيدته العسكرية وثوابته المهنية والمسلكية ، رغم اعتقاده السائد بان الميليشيات  لايمكن لها ان تحسم  اية معركة بدون ان يكون الجيش هو ممسك للمبادرات وفق السياقات العسكرية المتبعة اثنا قيادته وتبنيه لسير المعارك وخططه  الرامية بالحاق المزيد من الخسائر بالعدو….
 لذلك فان المخاوف من ان تتحول تلك المليشيات الى اداة للمزيد من الضغوطات مستقبلا  على الحكومة تبقى واردة في ظل قراءتنا لطبيعة الدور العسكري والسياسي  الذي تنهض به هذه المليشيات  دون ان يكون لها غطاءً قانونياً يمنحها الحرية الكاملة في التصرف والتدخل في الشأن السياسي والاداري للدولة ، والذي فقد بسببه المواطن مبدأ الاطمئنان على التحولات السياسية التي لم يظهرمنها الى الان الا الجزء اليسير جدا ، ومع ذلك فهو على امل ان لا يجد سلاحا الا بيد الدولة ، وان تشرع الدولة قانونا خاصا بحمل السلاح وحيازته ، بهدف تنقية الاجواء والسعي لبناء دولة القانون والمؤسسات التي بقيت بعد مرور اكثر من عشر سنوات على سقوط النظام تعاني من سطوة اكثر من تشكيل ميليشياتي خاص بالأحزاب على سلطة القرار، و التي بسببها كانت ضريبتها باهظة جداً….
ومن هنا  فان بسط الدولة وسيطرتها على مقاليد الحكم بمعزل عن التدخلات سوف يضع حدا لدور الميليشيات وتأثيراتها  السياسية ، وتغلق الابواب امام كل الاحتمالات التي من شانها ان تعكر الاجواء باتجاه المزيد من النكسات ، وبعكسه  فان دائرة المراوغة والمناورة السياسية تأخذ بعداً سياسياً خطيرا اذا ما نجحت تلك الميليشيات  في ان تفرض من وجودها العسكري والسياسي في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح ، وتغتصب ارادة سكانها بأسلوب طائفي ومذهبي وبأشكال مختلفة التي  لا تدل سوى على الفجوة العميقة بينها وبين عموم ابناء الشعب بغض النظر عن التسميات القومية والدينية والمذهبية …
لذلك ما نعتقده ان كثرة الصراعات وانعدام الثقة بين الاطراف السياسية تعود اسبابها الى عدم قدرة تلك الاطراف على تقديم التنازلات على حساب المصلحة الوطنية ، مما ولدت القناعة عند الجميع ان التشكيلات المسلحة هي التي ستحافظ على وجودهم السياسي اذا ما تعرضوا الى تهديد ازالتهم عن الساحة السياسية ، بدليل ان المراجع السياسية العليا لهذه المليشيات تسعى باستمرار الى تجهيزها بأحدث انواع الاسلحة بما في ذلك  الاسلحة الثقيلة ذات المواصفات الهجومية العالية لكي تكون ذراعها الطويل في حسم صراعاتها السياسية ، وفرض وجودها السياسي بقوة السلاح كأمر واقع …..
وعلى هذا الاساس ما أجده مناسباً ان اقول … انني ملزم ان انوه … بان هذا المقال ليس موجه للميليشيات الشيعية حصرا بسبب الاهتمام الواسع بها ، بل هو موجه ايضا للميليشيات السنية التي تأخذ اسماءً وعناوين عديدة ساهمت الدولة في تشكيلاتها دون دراسة مستفيضة في  كيفية استغلالها لصالح المصلحة الوطنية أو احتواء فعالياتها الميدانية ، والتي لم تستطع ان تقدم برهانا عملياً على المهنية والمسلكية  في معركة العراق مع داعش بدليل سقوط اكثر من محافظة سنية بيد هذا التنظيم الارهابي المتطرف  بل بقيت نشاطاتها محصورة في استلام الراتب المغري الذي كلفت الدولة مليارات من الدولارات الامريكية ، والتي ينبغي ان يدرك القائمون على ادارة البلاد ان الاستمرار في حشد المجاميع الشعبية وتجهيزها بالأسلحة والمعدات تتناقض تماماً مع عملية بناء الدولة المدنية التي  نسعى لتحقيقها ، وان الوقوف بوجه المطالب التي تدور في فلك تشكيل مليشيات جديدة ، او تجهيز العشائر بالأسلحة هو استهانة بقدرة الجيش والغاء لدوره الوطني ،و هو جزء من مهام دولة السيد حيدر العبادي التي يتحمل وزر توفير كل مستلزمات اللازمة للجيش لكي يؤدي ما عليه من واجب الدفاع عن العراق وسيادته …….

أحدث المقالات

أحدث المقالات