القول بحوار الأديان ربما نوع من البهتان الذي لا رصيد له في واقع الحياة , ودائما يكون المقصود به أن يحاول كل دين نفي وجود الدين الآخر , وهذا ليس بالحوار الذي بموجبه يتعرف أصحاب الأديان على ديانات بعضهم , لا تفنيدها وبخس وجودها.
الأديان في حقيقتها تتناحر وكل عقيدة مهما كان نوعها غير قابلة للحوار وإنما للجدال والإقتتال , ولهذا فأن معظم الحروب التي مرت على البشرية كانت ذات منطلقات عقائدية , فأصحابها يتخندقون فيها ويوهمون المنتمين إليها بأنها الأصح والأصدق من غيرها , وهي الحقيقة المطلقة , وغيرها عدوها ويتوجب محقه.
وهذا ينطبق على المدارس والمذاهب في الدين الواحد أيضا , مما تسبب بتفاعلات دامية بين أبناء الدين أيا كان ذلك الدين , وفي الأحزاب العقائدية برمتها.
إن التركيز على مصطلح حوار الأديان , يتسبب بأضرار سلوكية قد تدفع إلى صراعات دامية , لأنها تؤجج المشاعر السلبية لدى الأطراف الداخلة في المواجهة الكلامية , فتتطور إلى مواطن سفك الدماء وإذكاء الحروب.
فالمطلوب إحترام العقائد لبعضها , والتعايش الإنساني النبيل فيما بينها , لأن الإيمان ليس عقليا , وإنما عاطفيا وإنفعاليا , فالعواطفوالإنفعالات لا تتحاور , وتسخّر العقل لتمرير رغباتها وما تتشبث به من رؤى وتصورات , فالإعتقاد بأنواعه لا يخضع للعقل مهما توهمنا , فهو وجود إنفعالي راسخ في كيان البشر.
فلا يمكنك أن تقنع مَن يعبد شجرة بأن دينه باطل , أو الذي يعبد فأرة أو بقرة , وإنما عليك أن تتفهم ما يعتقده وتحترمه وتتفاعل معه فيما يخدم المصالح الدنيوية المشتركة.
وأي إقتراب غير ذلك , دعوة للتباغض والإحتراب!!